رمَتْ عادياتِ الدّهرِ عبداً وسيّدا =سهامَ المنايا رائحاتٍ وعوَّدا
فلم أرَ في هذي الدُّنا غيرَ راحل ٍ = ولمْ أرَ فيها مِن عظيمٍ مُخلَّدا
كأنَّ لها كأساً يطوفُ على الورى =ليرسِلَ آتٍ للمَماتِ بمَنْ عَدا
وإنَّ رسولَ الموتِ في كلِّ ساحةٍ =بغيرِ حِرابٍ في النزالِ أو المُدى
ترجّلَ عندَ الفكرِ فارتاعَ صاغراً =ولا سيَّما لو كانَ نوراً وفرقدا
لعَمرُكَ مَنْ في الطّفِ ليسَ بميّتٍ =سيبقى مناراً لايهابُ مِنَ العِدى
مَضى في جهادٍ قدْ سمَتْ فيه أُمةٌ =ولمْ يبقَ حرٌّ في الورى ما تزوّدا
أنارَ طريقاً في الدُّجى غيرَ آبهٍ=ولو كانتِ الأحزابُ جيشاً مُجنّدا
لهُ في رحابِ الأرضِ صِرحاً مُجلّلا= أذلَّ بهِ الطُّغيانَ ذُلاً مؤبَدا
تراءى ، تسامى في الرسالةِ صابراً =فيا ليتَ نفسي كالحُماةِ لهُ الفِدى
فلمْ يبقَ حرُّ في البريةِ خائفاً =ولمْ نرَ سَيفاً في المعاركِ مُغْمَدا
ولمْ نرَ يوماً كالدّماءِ مَنابراً =إذا الدّينُ أضحى في النفوسِ مُهَدّدا
ولا عجبٌ أنْ يَرْسِمَ النَّصرَ مُبدعٌ =أبى بالكُماةِ الغُرِّ أنْ يتردّدا
كأنَّ تُرابَ الطّفِ صارَ قلائداً =على كلِّ ذكرٍ للحسينِ مُنضّدا
تهامَسَ مِنْ بعدِ الطفوفِ معاشرٌ =قتلْنا حُسيناً بالطّفوفِ وأحمدا
فإنَّ لها دَيْناً بعَرْصَةِ كربلا =أعدّتْ لها قبلَ الطفوفِ مُجدّدا
أبى الفكرُ إلاّ أن ينالَ مِنَ العِدى =ويجمعُ شملاً للكُماةِ مُبدَّدا
فلا يفرَحِ الباغي وإنْ عاينَ المُنى =فليسَ صُروفُ الدّهرِِ تترُكهُ غدا
ولكنْ أرى اليومَ الذي هوَ قادمٌ =فلا تحسبَنَّ الحقَّ يوماً مُقيّدا
فلا عجبٌ أنْ يهتفَ الكونُ باسْمِهِ =وهيهاتَ تبقى للحسينِ معَ الصّدى
فَمَنْ سالَ منهُ الدّمعَ خالطهُ الجوى =وظلَّ حزيناً بالعزاءِ مُكَمَّدا
فبينَ ضلوعي مأتمٌ ومنابرٌ =فكمْ حدّثتني بالحسينِ تهجّدا
فإنْ عشتُ دهراً فالعزاءُ وسيلتي =وإنْ متُّ أبقى للمصائبِ مُنشِدا
أبو حسين الربيعي – دبي 15/1/2022 السبت 11 جماد الثاني 1443 هـ