إليكَ قلبي
عزيزي موسى إليك قلبي ,ما زلت على العهد أنا بانتظارك الساعة السابعة مساء اليوم لتخطبني , أتذكر, نفس الميعاد السابق ,نفس اليوم, الخميس , لم يتغير الكثير, اسمي اصبح سهير,المنزل انتقل الى الجهة الغربية من البلدة بجانب الجامع الكبير يعلوه القرميد, أرجوك لا تتأخر.
خَيبةُ أمل مُنيت بها عبير من تصرف والدها المفاجيء, وهزيمة نكراء لقلب موسى الذي حَطمهُ تصميم والد عبير رفضه دون سبب وجيه , عبثا حاول التواصل معها , أغلقت هاتفها الخلوي أوصدت كل الأبواب في وجهه,امتلثت لأمر والدها وتركت قلبها النابض بالحب في جحيم . اعتزل في غرفته لأيام رفض كل العروض التي تقدم بها الأهل للزواج من فتاة أخرى, قرر السفر الى فرنسا دون سابق إنذار بحجة الحصول على الدكتوراه .
بعد خمسة وعشرين عاما, عاد الدكتور موسى وحيدا, عين استاذا بالجامعة , علمت عبير بعودته , عرفت أنه شاعرا واستاذا بالجامعة وأنه وحيدا, هاج القلب وماج , تذكرت الماضي وحلاوته والحب ولذته وعمر ووسامته, واحتارت أياما وتغير حالها, وظهر جليا على تصرفاتها , فكتبت رسالة مقتضبة .
حملق موسى مندهشا عندما شاهدها تقف أمام مكتبه كهيئتها في آخر لقاء جَمعهما, ترتدي نفس الفستان الليلكي , وضعت الرسالة على المكتب وانصرفت ـ هل كان حلما أم أن السنين الماضية كانت سراباـ يحدث نفسه, تناول الرسالة وقرأها فاغرورقت عيناه بالدموع وانتبه على صوت أحد طلابه فأدرك أنه وقت المحاضرة .
جلس على سريره صامتا , تأمل نفسه بالمرآة ,شاهد الشيب غزا مقلتيه, زاد وزنه وتغير شكله, ,تناول الرسالة فقرأها مرة أخرى.
بكى من جديد, كأنه في دوامة, لم يفهم ما يدور حوله, تأمل ساعة الحائط, السادسة والنصف, لبس أجمل بدلة لديه تأنق, تعطر وحمل ديوان شعره وغادر مسرعا, السيارة تسيرببطء شديد, كان مترددا, وصل المكان, وقف أمام المنزل البهي, ضغط على الجرس فتحت له الباب إستقبلته بابتسامتها المعهودة, أعادته عقدين من الزمن ـ ما زالت في العشرين من عمرها ,متألقة كعهدها , كأنها لم تكبر يوما واحدا ـ جلس مرتبكا كطالب , خجلا كفتاة, سمع صوت أقدام تقترب.
مساء الخير دكتور موسى, صوتا دغدغ شغاف قلبه ,نظر اليها بشغف وهي تحمل القهوة , جال بعينيه بينها وبين الفتاة التي تجلس أمامه, أدرك الموقف ,تناول قلما وكتب على ديوان شعره, ثم غادرا مستأذنا, قرأت مندهشة, ابنتي سهير, إليك بعض عمري .