هكذا، ذات يوم جميل من فصل الشتاء، حين توقف المطر عن النزول، استرعى انتباهي هرولة الجميع صغارًا و كبارًا نحو جمعٍ التفّ غير بعيدٍ عنّا. كانت إحدى الجارات توصي ابنتها بإيصاد الباب ثم تتبعها إلى هناك. شدّني حب الاستطلاع، خصوصا و أن كل الجيران هرعوا إلى حيث التأمت الجموع. جريت مثلهم و التساؤلات تنهشني عمّا يمكن أن يكون سبب هذه الجلبة. حين وصلت، رأيت نسوةً تحملن أواني بها الحنّاء و السواك و قد وضعن كامل زينتهن من كُحل العيون و أحمر الشفاه. حاولت بشتى الطرق الوصول لقلب الحدث، لكنني و بعد لأيٍ، وجدتًني أمام حجرٍ مغروسٍ بالأرض، غير ثابت على لونٍ واحدٍ من كثرة الخضاب و الماء وماء الزهر و الوحل. تساءلت كغيري عن الخبر اليقين، فكانت الأجوبة تتواتر على مسمع الجميع. فمن قائلة عن بركات الحجر أنه نزل من السماء، و قد فكّ عقدة ابنتها فجاء من يخطبها. وقالت أخرى أن ابنها شُفي من ذات الصدر بمجرد أن شرب الماء الذي غسلت به الحجر. فكنت ترى صاحبة الشأن من النسوة الزائرات للحجر، لا تُرابط النهار بطوله بل تكفي ساعة واحدة تجلسها الواحدة منهن بجوار الحجر لتبثه استغاثتها و طلبها، و لا بأس من أن تأخذ طرفًا منها للتبرّك، ثم.. تترك المكان لغيرها