إن لم تعرفوه ، فلن تعرفوا لم غضبنا هذه الغضبة حين اعتدي عليه .
إن لم تعرفوه ، فلن تعرفوا لم جنَّ الجنون في عقول أبناء دمشق و غير دمشق حين تلقوا النبأ .
و إن لم تعرفوه ، فلن تدركوا حجم شناعة هذا الفعل القبيح .
كنت صغيراً حين رأيته أول مرة ، كان الوقارََ نفسَه مشخصاَ ، مهيباً ، جميلا ، عليه سمت العالم الرباني الحق ، ودوداً ، خلوقاً ، مملوءاً هدوءاً و طيبة ، ثم باعدت الأيام بينه و بيني ، لكنَّ صدري حفظ له تقديراً عظيماً لم تذهب بروائه رياح السنين .
ثم عدت إلى لقائه بعد حين ، بعدما اكتمل نضجي و إحساسي بالأشياء ، فوجدت المعاني التي أحسستها بادئ الأمر ، لكنْ بعدما غشيتني نظرة المتبصر المتمعن الذي فارق سني الطفولة .
لو عرفوك يا شيخنا ، لدخلوا المسجد ساعين للصلاة خلفك كما كثير من القادمين من أماكن شتى .
لو عرفوك ، لاقتربوا منك و سلموا عليك و قبلوا يديك .
و لو عرفوك ، لاستحيوا من النظر بعيونهم المملوءة حنقاً إلى وجهك المشرق كفجر بريء .
و لو كما قال النحويون حرف امتناع لامتناع .
أما غداً .. حين ستعقَد محكمة السماء في ظل صاحب العرش الأعلى ، و يعرَضون صفاً كما خُلقوا أول مرة ، عندها سيمرغون وجوههم بتراب الندم ، و تتكسر أصواتهم برنة الخنوع .
عندها سيعرفون قدر العبد المؤمن عند ربه ، ذلك العبد الذي نالوا بأذيتهم و هم لاهون يستهزئون .
و عندها سيرون رأي العين معنى قول خير الخلق عن ربه تبارك و تعالى ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )
و عندها أنا موقن يا سيدي أنك ستعمل بطيب خلقك و نبل سماحتك فتغفر لهم .
أما رب العالمين فهو الأدرى بهم إن كانوا أهلاً للغفران أم لا .. و إليه الحكم الفصل ذلك اليوم .
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ