أبحثُ عنكَ في غسقِ الماضي بعيونِ الذكريات
أحملُ حزمةَ ضوءٍ قطفتُها من ريفِ شمسِ يومٍ عابر
تبعتُها بخفق قلبي المشتاقِ لبسمةِ الربيع في عينيكَ
وهديلِ اليمامِ في نبراتِ صوتِكَ الشجيِّ الدافئِ
مشيتُ خلفها تقودني طفلةً تعبثُ الرِّيح بضفائرِها
ويغذو مقلتيْها رمادُ احتراقِ الصَّبرِ بين جوانحِها
أغذُّ السير متجاهلة رشقات رثاء نفسي لها
ألهث بالأمل خلف ظلِّ الحزمة الوهمية المتلاعبة بعواطفي
تحملني شغاف قلبي على جناحي لهفة مغامرة
أداري بها الغموض الملفَّح باليأسِ ..
أعلم بأنك لاتدري بأنين روحي الساهرة على بابِ ذكرياتِك
أدري بأنك لوكنتَ تعلمُ بانسكابِ الآه حُرُقًا في صدري
ماكنت تغيبُ وطيفُك عني وميضَ لحظةٍ أو رفة جفن
أعلم بأنني أدري بأن انقيادي لحزمةِ الوهم هو ضعفٌ مني
لكنني أحببتُ فيه ضعفي
أصغيتُ لهواجسي ونداءاتِ خيالي
لصوتِ العنادل بشهقة الأملِ في فجرٍ مذبوحٍ بمديةِ الرحيلْ
قل بربك ماذا أقولُ وماذا أعملُ
وحنيني إليك يقطفُ سعادة َعمري فرحةً إثرَ فرحة
أأطوي بساطَ حزني وأفرش لون عينيك ربيعًا دائما؟
أأقطفُ من خيالِ خديكَ رونقَ زهوري وبهجةَ ورودي؟
أأستلهم ُمن عذبِ صوتِك زقزقةَ الدوري في حدائقِ عمري الباقي؟
قد أفعلُ ذلك ،ولكنَّ دمعةَ الحزنِ ستظلُّ تحرقُ جفوني
حتى ألقاكَ ووالديْنا في جناتِ النعيمْ.
أختك
زاهية بنت البحر
:nic89:
عندما هتفَ له الرحيلُ سمعتُ النداءَ، خفقَ قلبي الصغيرُ بحزنٍ يداعبُهُ فرحُ الشباب ِ، هيَّأتُ له جوازَ السفر، وأنا أمسكُ بيدِهِ، رتبتُ له حقيبة ملابسه، وأغرقتها بعطرِنا الشرقي، نثرت فيها قطوف الياسمين الدمشقي وأوصيته ألايذبل قبل مصافحته، أودعتُ فيها آمالي، ودموعَ أمي، وأحلامَ أبي. وعندما أسلمَ جناحيهِ للريحِ الغريبةِ طارتْ بهِ إلى حيثُ مغربُ الشمسِ. هناكَ في البعيدِ البعيدِ، حطَّتْ طائرتُهُ في مطارٍ يبتلعُ القادمينَ بنهمٍ مفزعٍ، يقتلُعُهم من جذورِهم مهما كانتْ ضاربةً في لحمِ الأرضِ، يغسلُهم من أنفسِهم، فيولدونَ من جديدٍ مولِدًا آخرَيسرقُهم من ذكرياتِهم التي هي وقودُ الألمِ في صدورِ محبيهم.. صعبٌ أنْ يرتدي القلبُ ملابسَ لاتليقُ بدمِهِ أن ينبضَ بغيرِ همهماتٍ درجَ عليها. هو كذلك نزعَ من خافقِهِ كلَّ الجمالِ، والدفءِ، والودادِ، استعار له اكسسواراتٍ غريبةٍ من الصَّعبِ أنْ يتأقلما معًا ،ولكنَّهُ فعلَ! أتراهُ يعودُ وقد غيَّبتْ الأرضُ في بطنِها أمًا، وأبًا، أختًا، وأخًا؟ بالله عليك لاتعُدْ أخشى على قلبك المتعبِ الاستقالةَ من النبض ِ، يمام بيتنا القديم أيضًا لم يعد يهدلُ، فقد غادرَ هو الآخرُ الدارَ. ابقَ بعيدًا، واقرأ خفقَ صدري كلما أحسست ضيقًا، علَّك تتعلم من جديد أبجدية الوفاء، فيكون بيننا كلامٌ آخر.
أختك
زاهية بنت البحر
ناداني الشوقُ إليكَ
لبيتُ النداءَ بدمعةِ عينٍ أضناها السَّهر
وارتعاشة جفن أرهقه الانتظار
فتحتُ دفترَ الذكرياتِ
فاجأتني صورتُكَ متَّكِئًا على تلالِ الياسمينِ بابتسامةِ سحرٍ
والرَّبيعُ يغازلُ ريفَ الخضراوينِ بشذى النَّسيم
ماأبدعَكَ وجهًا ، وماأنضرَكَ شبابًا
ابتعدْ قليلا عن بُعدِ المسافةِ بيننا
أما ترى تلك العجوزَ الراحلةَ بغصَّةِ حزنٍ
اعتصرتْ عينيها دمعًا، فغابت فيهما الدنيا؟
هي أمُّكَ ، أمُّكَ ، أمُّكَ
قالَها عليهِ الصلاةُ والسلامُ ثلاثًا قبلَ أنْ يقولَ أبوكَ
فهلْ أحسنتَ صحبتَها بغيابِك عنها عشرينَ خريفا؟
ماتتْ وطيفُك يقطرُ في فمِها آخرَ رزقٍ لها في الحياةِ
سألتُها :أأطلبُهُ هاتفيًا؟
أجابت :لا.. هو لم يسألْ عني .
ثم قالتْ :أوَجدْتُم رقمَ هاتفِهِ؟
أرأيتَ يا قاسيَ القلبِ كم قلبُها رقيقٌ ..حنونٌ ..مسامحٌ
وكمْ أنتَ جاحدُ فضلٍ؟
اغتسلْ بالعذابِ .. تطهَّربتأنيبِ الضميرِ
عسى أن تعود بعد ذلك نقيًا كما ولدتْكَ راحلةٌ
لم تحملْ لكَ إلا الحبَّ والرِّضا
فورثناهُما منها.
أختك
زاهية بنت البحر
أتذكر أيُّها المتحرِّرُ مِنْ أنتَ
رغمَ أنَّكَ مازلتَ أنتَ
أتذكرُ يوم سفحتَ فوقَ صدرِ الحنانِ ماءَ نارِ الوداعِ؟
لو كنتَ تعلمُ كم شوَّهتْ هذه الماءُ من جمالِ الأملِ باللقاءِ
وكم ذبحتْ من فصولِ الربيع عبرَ رحلةِ التَّغرُّب
وكم سقتْ خدودَنا من دمعِ الحنينِ إليكَ
وكم جرَّح التنهيدُ صدورَ أحبةٍ لكَ، منهم من قضى
ومنهم من مازالَ ينتظرُ الوعدَ
ما كنتَ تتفيَّأ لحظة ً أو بعضَ لحظةٍ تحتَ ظلالِ البعدِ
ولو كانتْ أشجارُهُ من فضةٍ وذهبٍ وزبرجدٍ
ما كنتَ تستطيبُ ثمارَ الجفاءِ نكهة ًولا رائحةً
ما كنتَ تقوى على قتلِ الأحلام ِ الورديةِ
وزرع جثثها حُرقاتٍ في قلوبِ المشتاقينَ إليكَ
ما أصعبَ أن تتفسَّخَ هذه الجثثُ
وتفوحَ يأسًا قاتلًا لكلِّ معاني الحياةِ الجميلةِ.
رسمتُ شمسًا تمدُّ رأسَها من الشَّرقِ
نظرتُ إليها بسعادةٍ بعدما أغمضتُ عينيَّ طويلًا
عمَّا يذَكِّرُني ببعدِكَ عنَّا ،وقلتُ في سرِّي
غدًا يُشرقُ مع شمسِ يومٍ جديدٍ
ومازلتُ بانتظارِ الشروقِ المأمولِ
والشَّمسُ تغطُّ في نومٍ عميقٍ.
أختك
زاهية بنت البحر
تعثرتُ أمسَ بدمعةِ شوقٍ إليكَ
فتحتُ في قلبي نافذةً على حدائقِ الذكرياتِ
ورحتُ أتصفحُ وريقاتِ أشجارِها الزاهيةِ
المنقوشةِ ورقةً ورقةً بتفاصيلِ ماضٍ سقط في عمقِ الزمن..
في أعلى كلِّ صفحةٍ كانَ رسمُك يتَّكِئُ عل أريكةِ روحي
وسيفُ الخضراوين يتحدَّى النسيانَ
يتغذى من نبضِ سنيْ عمري المجروحِ بالفرقةِ
ودموع ِعيوني الملتهبةِ باليأسِ المملِّ،
يبهجني حينًا بذكرياتٍ مرَّتْ بنا عسلًا مصفَّى
ويتعسُني حينًا آخرَ بضبابٍ فاحمٍ أربكتْنا كآبتُهُ
لحظاتٌ جامحةٌ أتحايلُ بها على الوقتِ الهاربِ منَّا
الساخرِ من بطاقاتِ إيابٍ فاقدةِ الصلاحية ِبالمستحيل،
أستعيرُ من بين قضبانِهِ حفنةً من سعادةٍ مررنا بها
في بيتٍ كانَ جنَّتَنا الأولى في الحياةِ
أحملُها بيديْ قلبي الشغوفِ حدَّ الوجدِ بترابِ أرضِها
وحفيفِ أوراقِ باسقاتها، وهديلِ يمامِها، ونور صباحاتِها
ومزهرياتِ ورودِها الباسمة كوردِ خدَّيك َ
أضمُّها بحضنِهِ الدافئِ العاطرِ بذكراكَ
أهدهدُ رأسَها فوقَ صدرِهِ الخافق بفرح القبض عليها
تنسى السجنَ.. الغربةَ.. البعدَ.. التشتتَ..
تمتزجُ بنبضِهِ المتلهفِ لها، الضائعِ دونها.. المتشوقِ لعينيْها
تذوبُ بين زنديهِ كحبةِ سكرٍ تشتاقُ الانصهارَ بعدَ طولِ تجمدٍ
يلملمُ أمواجَها العذبةَ بلمسةِ حنانٍ ليدِ فنَّانٍ مبدعٍ
يعيدُ تشكيلَها لوحة َحبٍ لايفنى، تُفتنُ بها الرُّوحُ
تؤطِّرُها بالأمل ِرغمَ تحدِّي المحالِ لها
توقِّعُ فوقَ جبينها بقبلةِ وفاءٍ، وتعلقُها في أعلى الصفحةِ.
أختك
زاهية بنت البحر
اُترك نافذة القلب مفتوحة لزقزقة يمامِنا المجروحِ بالهجرِ، دعْهُ ينقر على جدار الزمن العتيق نقراتِ حنانٍ قرَّحها الشوقُ إليك، دعْه يحمل لك من عشب عيني وليد تراتيل صلاةٍ وهمساتِ عتاب. اِسمعها دندناتٍ بُحَّتْ فوق أمواج الرحيل بنواح قلبٍ رحل وطيفُك يبكيه حزنًا.أعرف أن قلبَك يتآكلُ بالغربةِ.. تنحتُهُ الأيامُ تمثالَ عذابٍ وأنينَ حسرةٍ. أخشى عليك –يا بسمةَ روحٍ مازالتْ تحلق في سماواتِ صفائِكَ-تمزقَ ستارِ الصبرِ بأظافرِ النَّدمِ عندما يحملُك الحنينُ على جناحِ العودة. من سيفتحُ لكَ بابًا أُغلق بعد غيابِ شمسِ أهلِهِ، وأُطفِئَتْ فيهِ الأنوارُ؟ من سيطعمُك لقمةً هنيةً بيدٍ هزَّتْ لك المهدَ طفلًا، وغسلتْ وجهَكَ صبيًا، وعلمتك حروفَ أبجديةِ الحياةِ درسًا درسًا؟من سيتلو فوقَ رأسِكَ كلَّ يومٍ آيةَ الكرسيِّ والمعوذتين؟ من سيعطرُ وجهَكَ بماءِ الوردِ، ويرشرشُ ثيابَكَ بأنفاسِ الزنبق؟ هي كانتْ صابرةً صامدةً تخفي اشتعالَ النارِ في أحاسيس أمومتِها تطفئُها بندى وهمِ الأملِ الرقيق، فنرى فوقَ أهدابها شفقَ المغيبِ جمرًا يحرقنا لهيبُهُ.. فهلْ تعود لنضيءَ بيتًا كان النورُ أنيسَه والحبُّ سيدَهُ؟
أختك
زاهية بنت البحر
واااحبيباهُ
وااانبضَ قلب أمي الذي توقف شوقًا إليك،
كل عام وأنت بخير، أتراك تذكر رمضاننا؟
السحور، انتظار مدفع الجزيرة للفطور؟
أتذكر صيامنا كما يسمونه درجات المئذنة؟
كانوا يعلموننا الصيام خطوة خطوة
بداية نصوم حتى الظهر
وفي اليوم الثاني لانأكل قبل العصر
وفي اليوم الثالث نفطر مع الصائمين،
كانت أيام لاتزال في البال، ولها أنات وأنات.
لاتصدق أمي ماتت بعد أن عاشت العمر الذي كتبه الله لها.
لاتحزن فقط ارجع تجدنا بانتظارك والله.
ما أجملك ايتها الزاهية وما أجمل حرفك
وهو يخترق الروح
كل الكلمات تتوقف أمام هذا الجمال
ليس لي سوى
أن أغادر بهدوء مع دموعي
لأعود من جديد كلما أردت الرحيل الى عوالم النقاء
بقلب الأم
ما أجملك ايتها الزاهية وما أجمل حرفك
وهو يخترق الروح
كل الكلمات تتوقف أمام هذا الجمال
ليس لي سوى
أن أغادر بهدوء مع دموعي
لأعود من جديد كلما أردت الرحيل الى عوالم النقاء
بقلب الأم
محبتي وو
لافاضت دموعك إلا من خشية الله أختي العزيزة عواطف
الفقد سجن لاأبواب له ولانوافذ يعتصر الروح والقلب حتى النهاية
لاأذاقك الله طعمه وليسعدك مع أحبتك
أختك
زاهية بنت البحر
يا لهذه الزاهية الحرف ما أروع قلمها !
أينما وجهته اتجه سالكا درب النور و الجمال
قرأتها منذ يومين ؛ خشيت أن يكون لأثرها في نفسي أثر في ردّي
فأصمت ؛ فالصمت أمام الروائع يكون أبلغ من كل كلمات الإعجاب أحيانا
عودي يا زاهية الحرف كلما اشتقته ؛ عودي كلما ناداك صوت الوجد لأخيك، و انقشي على صحائف الذهب ما يتيسر لك من كلماتك الصادقة العذبة
و ليأذن لي أساتذتي أن يكون تثبيت هذه الوجدانيات تثبيتا دائما ، إن أحبت أستاذتي العودة إلى هذه الصفحة المليئة بأصدق المشاعر كل حين
فليس أرقى من علاقة الأخت بأخيها ! و ليس فراق مؤلم أكثر من فراقهما !
عسى أن نقرأ يوما قريبا بإذن الله حروف فرحك بعودته، فنشاطركما الفرح...
ردّه الله إليك، و قرَّ به عينك، و جمعكما من بعد الشتات في الدنيا قبل جنات الآخرة.
لك تحياتي آلاف أستاذتي و لحرفك الألق الجميل و .
دع حبات المطر تغسلنا بدموع الجوري المعطر بذكريات أمِّنا،
وهي تسقى زهورها قبل الشروق، ودلّة قهوتها فوق جمر المنقل
بانتظار لمَّتنا حولها، وعيون ربّ البيت تبتهل لرب الكون أن يحفظ طيوره
بحفظه الكريم. يااااه كم كنا سعداء......
أختك
زاهية بنت البحر
أتكئُ على صدرِ حزني كسيرةَ النَّفسِ وانية ً
كلما عصفَ الحنينُ بقلبي شوقًا إليك
كلما قطَّعَ الألم شرايينَ صبري لرؤيةِ وجهِكَ الجميل ِ
المخضَّبِ بالشَّفقِ القاني يومَ الرحيل.
كان يومًا داميًا نزفتْهُ قلوبُنا ونحنُ نستودعُك الله
بدماء ٍ سكبْتَها فوق الأرضِ السَّمراء الجرداء
فنبتتْ شقائقُ وليد يمق عرائسَ حزنٍ
تبكيكَ العمرَ كله
ولاتملَّ الدَّمعَ عيونٌ قرَّحَها الفراق.
رحمكَ اللهُ ياأخي وأحسنَ إليك
أختك
زاهية بنت البحر
في الصدرِ مسكنُ من في القبرِ سكناهُ
زينُ الشبابِ (وليدٌ) ما سلوناهُ
مرَّ الزمانُ بنا والعمرُ في حُرَقٍ
والجسمُ في سقمٍ، والقلبُ أواهُ
(وليدُ) كانت بهِ الأخلاق عاطرةً
والعقلُ متزنٌ، حُسنٌ سجاياهُ
الغياب القسري مؤلم جدًا.. يحرث في القلب حقولا،
يبذر فيها أشواك الحرمان، فينبت القهر أنينًا وأوجاعا.
من غاب ميتًا ندعو له بالرحمة، ومن غاب حيًا نسأل الله
أن يعيده سالمًا غانما، وبينهما قلب يحترق،
وأنين يتردد صداه في صدرٍ متعب حدَّ الوجع.
بقلم
زاهية بنت البحر
تجتاحني اليوم موجة تعب مرهقة، تسرقني من نفسي.. من قلمي.. تبعثرني بين الآهات أشلاء أنثى تشتاق بيت أهلها بكل مافيه من هدوء، وفوضى ذكريات.. كلنا يبحث عن الذكريات، يقرع أبوابها الموصدة مرة ًبرفق، وأخرى بعنف، وعندما ينسى أو يتناسى هروبًا من الألم تقرع هي هدوءَه بهمهمات الماضي، فيتلقاها بسمةً أو دموعا.. الذكريات هي نحن، ولكن بانسلاخٍ عن الجسد، وتعمشقٍ بالروح يأتينا همسُها كلما اشتدَّ الشوقُ فينا لعهدٍ تولَّى، فنركض وراءها نتلمس دفءَ الماضي في برد الحاضر المؤلم.. أخي أولم تقرع أبوابَ روحك يومًا أناملُ ذكرياتٍ حلوةٍ عشناها مع أبوينا، وعصافير الدوري والنُّفج في أسعد بيت في العالم في عهدٍ غادرنا إلى الأبد؟ مصطفى، تذكَّرْ، ربما تكون قد سمعتها، فتقرعُ بأناملِ الذكرى بابَ بيتنا المغلق.
بقلم
زاهية بنت البحر
**
*
عندما تنفلتُ الكلمة من سجن الصبر
تطيح بكل الحواجز.. تتمرد على الصمت والحذر والهدوء
تخرج زوبعة قلب مشتعل بأنين الشوق لمن مات ولمن هجر
تصور أحدهم أغلق أبواب العودة منذ أكثر من ربع قرن
والآخر أُغلقتْ دونه الأبوابُ بأمر الله
والبابان يشعلان قلبي بنار الحنين لمن هما خلفهما
ومعهما أم وأب وأخت غيَّبها القدر وهي تعطي للحياة زينة
حملت من أمها الحنان والصفاء ودفء الوجود
فانثالت حروفي في خضم الألم تبثه كلمات جريحة
ربما قرأها من هجرنا وهو على قيد الحياة
فيعود بشيء من سعادة يحملها لنا هدية منه
لمن هداه بالشوق إليه ربيع العمر.
أختك
زاهية بنت البحر
عندما تجمعنا اللحظة ُعلى مائدةِ الذكرى،
تفيضُ العيونُ بالدموع، تروي ظمأ القلبِ لنظرة ِعطفٍ..
بسمةِ حنانْ.. كانت عيناه مأوىً لنا، مصنعَ القوة والوقار،
تكلمنا بنظرةٍ رحيمةٍ مازال دفؤُها يسري في جسدي..
منه تعلمتُ أن أكون أنا أينما كنتُ.. لاأسمح لطريدِ الرحمةِ
أن يسلبَني أمنَ القلب، وإن سرق غيره أفكاري وبنى من فتات
مائدتها أوهام مجدٍ له.. علمني رضا النفس وعظيمَ الشكر
لمن جعله لي أباً، ومعلماً كيف يكونُ الحبُّ لله صافياً..
نقياً خالداً. . واسعاً، وإن ضاقتْ بي الدُّروبُ..
رحمك الله ياأبي
بقلم
زاهية بنت البحر
حاولت كثيرًا اختراق جدار الحزن والهروب للحظة فرح حقيقية تبعدني عن ذكريات مؤلمة، نجحت حينا وفشلت أحيانا، حصار حزني محكم القيود، عالي الأسوار، منيع الحصن، شديد البأس. ويأتي الواحد والعشرون من أيلول .. أغلقت حولي نوافذ الذكريات وأبوابها، أحكمت إقفالها بقلبٍ استعرت له بيتا من ثلج، فاليوم عيد ولن أترك لوميض ألم مهاجمة فرحتي به، لكن يأبى الراحلون إلا مشاركتي لحظات عمري فرحا وحزنا. لاأدري لماذا لاتغيب صورهم عن مخيلتي وكأنهم يتنفسون برئتي أثير الحياة. لماذا ياالواحد والعشرون من أيلون جئت اليوم في العيد، وأنت تعرف أن هذا التاريخ هو يوم رحيل أخي الأحب والأجمل والأصغر وليد؟
رحمه الله وأحسن إليه
بقلم
زاهية بنت البحر
مازلتُ أذكرُ تلكَ الليلةَ وكأنها البارحةَ... قال لي أريدُ عروساً.. اخطبي لي فأنتِ أختي الكبرى.. كانتْ أمي في كندا آنذاك.. ركبنا فلوكةً ليلاً باتجاه الجزيرة.. كان القمرُ يُضيءُ لناالطريقَ بحمرة ٍفاتنةٍ، وعينا وليد الخضراوانِ تعكسانِ جمالَ الليلِ تحتَ نورِ القمر... حمرةٌ غريبةٌ كانتَ تصبغُ هذا المساء.. ماكنتُ أعلمُ أنها دماءُ وليد قد اختلطتْ بجمالِ السّحرِ في ليلةٍ مقمرةٍ فقضى بها قبلَ موعدِ العرسِ بقليلٍ..
بقلم
زاهية بنت البحر