بكيت ليلتها بحرقة حتى شاخ قلبي واستقطرت مدامعي..فأصبح كتلك الزهرة التي عمرت في الحياة ألف عام ثم شاخت، لا الخلد كان مصيرها ولا الموت، عاشت منسية وضائعة في وادي النسيان العميق، وما أقساه من مصير أن تنسى من كانت يوما ما منبعا للحب والعنفوان..وما أقساك أيها القلب الآخر النسي..أيها الجلاد القديم..عديم الرحمة والوفاء.
وقفت أمام هذا الجسد الهزيل أبكيه..أرثيه..أبكي الأمل الذي كان يحييه..ويشفيه من كل تلك الجراحات المتعفنة القديمة، كل يوم..وكل لحظة..كانت آمالي تظهر ثم تختفي من أمامي، بدت كالسراب يوهمني بحياة جديدة قبل لحظة استسلامي.. وما إن أبدأ بالاقتراب منه حتى أكتشف هول الفاجعة، إنه الموت الأكيد يتربص بي ثانية دون أي رحمة ودون أي شفقة على هذا الجسد البالي.
إن انكسارنا في الحب أشبه ما يكون بانكسار أعتى الأشياء داخل العاصفة، تقلبها كما تشاء ثم تقذف بها بعيدا نحو أبعد نقطة دون رحمة ودون أي أمل بالرجوع إلى مكانها السابق.
فقبولنا بالتنحي بعد الانكسار ليس بالضرورة انهزاما، بل أرقى من ذلك إذ يعني أننا الطرف الاخر الأكثر حساسية وتحملا للألم والمعاناة، وبما ان قبولنا به كان مكرها..ليس إذا بالسهل على القلب أن ينسى ويرتاح..وكيف يرتاح وجراحاته تنزف كل لحظة بقايا من قيح وسم.