لم يتمالك نفسه من هول ما رأى ...... استند الى شجرة كانت بالقرب منه ... احتمى في ظلها من لهيب شمس محرقة .... قاده ما رأى الى استرجاع شريط ذكرياته ....... ليرى فيه كل ما حدث ....... الى ان وصل الى اللحظة التي يعيشها ..... تلك اللحظة التي اختلج فيها الحزن قلبه ...... وهو يري من وهبها عمره وحلمه وسعادته .. وايضا اسمه .... تخونه ... نعم .. تخونه
يا له من شعور قاس ... عندما تطعن بخنجر املس .... يحمل اليك نصله برودة مؤلمة ..... ويا له من الم ... عندما تكون تلك الطعنة من احب الناس اليك
بدأت القصة بحزن ..... وانتهت بحزن ....
كم كانت سعادته وهو يرى اخوه مع حبيبته... يسيران والسعادة تحيطهما من كل جانب ..... كم تمنى ان يصبح يوما مثله ......كم تمنى ان يجد من يحبها كمثل هذا الحب ...... كم تمنى ان يعيش لحظات ولو قليلة من تلك السعادة التي يحياها اخيه مع من يحبها .لقد كان دائما وابدا يتابعهما في صمت .. فلقد ادخل امتزاج روحيهما اليه سعادة بالغة ..
وفجأة ........ يعلن القدر نهاية تلك العلاقة الطاهرة .... فيختطف الموت اخيه ...... فالموت زائرا لكل من على الارض ... لا ندري له ميعاد ..... ولكنه ات لا محالة
عاش ايام من الحزن والالم ..... لفقدان اعز من يحب ..... فلقد داعبت انامل القدر ملامحه .. فألقت برتوش الاحزان على وجهه
وقاده حزنه ليتسائل لماذا اختطف الموت اخيه ؟...... .... ولماذا حرم اخيه من محبوبته ؟..... ولماذا بخلت الدنيا بلحظات السعادة عليهم؟
ووسط احزانه .... نادته السعادة ...... فلقد وجد قارب الامل ينتظره .....ليعبر به بحور الاحزان ..... الى الجانب الاخر .....
وقاده ذلك القارب الى تلك الفتاة التي كان يحبها اخيه .
توجه اليها ...... تحدث معها ......... وبعد ان امضيا وقتا قليلا .... طلب منها الارتباط بها .... فهي دائما تذكره بأخيه ....... ويرى السعادة والحياة التي لم يحياها اخيه في عيونها .
بعد قليلا او كثير ... وافقت الفتاة ..... تحايلا منها على موت اختطف منها حبيب قلبها ..... لعلها تجده كلما نظرت في عيون اخيه .
تزوجا ..... وعاشا فترة طويلة كأخوين ...... وسرعان ما تسرب النسيان اليهما النسيان .... عاشا معا ايام سعيدة ..... وانجبا اطفال كالملائكة ونسيا كل شئ ...... ولم تبقى ذكرى الاخ و الحبيب المفقود الا مجرد اسم اطلق على احد الابناء .
ومرت الايام سريعا ..تحمل اليه واليها .. كثير من لحظات السعادة .. الا من لحظات قليلة .. تحمل اليه الحيرة والضياع .. في سؤال لم يجد له اجابة .. "هل ابقت زوجته على بعض ذكرياتها مع اخيه ... ام انها لم تعد تتذكره ... وإن نسيته ؟.......ابعد كل هذا الحب تنسى من احبت ... هل نسيت من تركت الدنيا بكل ما فيها لتحبه ....؟ .. اذا ... فما اسهل ان تنساه هو ايضا
"اهكذا الانسان ..... ينسى دائما من يحبه ....ويرضى بحياته التي ييحياها ...... انها خائنة ...نعم انها خائنة "
ثم سرعان ما يهرب من تلك الأستفهامات التي قد تقوده للجنون
وفي احد الايام .. قاده اصرار زوجته على الخروج بمفردها فضوله ... فوجد نفسه يحلل بعض تصرفاتها .. تذكر ... انها تخرج في نفس الموعد من كل اسبوع ...
حاول ان يطرد وساوسه ,,,ولكنه بلا وعي بدأ في مراقبتها ......... لقد سيطر شعوره بخيانته على حياته ...... فجعلت من السعادة التي كان يعيش فيها .. وسادة من الاشواك .... تؤرق حياته ... فقد كل معنى من معاني الحياة .... حتى جاءت لحظة تأكد فيها من صدق إحساسه
تابعها دون ان تدري ..... وهو يتمنى ان تقوده خطواتها الثابتة نحو خيانتها ..... لقد كان من الصعب ان يتخيلها خائنة .... ولكنها بتصرفاتها الغير مبررة سمحت للشك ان تحتله
وها هو يتبعها ... يراها تذهب اليه في مكان اقامته ... حاملة له باقة من الورود الجميلة ... التي لم تحمل له مثلها من قبل ..... وارتمت على ركبتيها تحدث عشيقها .... والدموع تنهمر من عينيها .... تذكره باللحظات السعيدة التي ارتمت فيها بين احضانه ... تذكره بذلك الشعور الذي انتابها حينما لمس جسدها جسده ..... ظلت تحدثه ... بكلمات لم يستمع اليها من قبل .... وهو يتابعهما مذهولا من هول ما يشاهده ... فلقد كذب احاسيسه الدائمة بخيانتها ..... الا انه اليوم تأكد من تلك الخيانة .
تركهما معا ...... وركن الى ظل الشجرة ..... وهو لا يدري ماذا يفعل .... فهو يحبها .... بل يعشقها ..... ويظن انها تحبه ايضا ...... ولكن ... وقد رأي خيانتها بعينيه
جلس كثيرا ..... او قليلا ... حتى ذهبت الشمس عن سماء الدنيا ...... ولم يوقظه من مرارة هذا المشهد الا صوت رجل يسأله " استجلس هنا طويلا يا بني ...... لقد انتهى وقت الزيارة ...... واخاف ان يحل عليك الظلام وانت بين القبور"
نعم
لقد كانت زوجته تخونه مع انسان لم يتخيله يوما ... لقد كانت تخونه مع اخيه الميت .....
استجمع ما تبقى له من قوة ... وسار وهو لا يعرف الى اين سيذهب ... سار وهو لا يعرف ...
اخائنة هي .؟.... ام انها احبت اخيه حبا طاهرا .. لم تعرفه قلوب البشر يوما
====
عادل