كيف يتذكر ابن السابعة عشر ربيعاَ صورة أبيه وهو يتحضر بشخصيته لدخول معترك الحياة ، حيث لا تفصله سوى بضعة أشهر ليكون فيها على أبواب دراسته الجامعية.
يمر بذاكرتي شريطاً يحمل محطات مهمة من عمري المتواضع ، حيث كنت طفلاً، لا أرى فيه صورة الأب إلا من خلال مواسم الأعياد والمناسبات العائلية، حينها يكون مضطراً للمجاملة خوفاً من انتقادات من هم حوله.
صورة خلت من البوم حياتي كلما خرجت برفقة والدتي وإخوتي والأصدقاء في الرحلات العائلية.
لم اذكر يوما أنه حضر اجتماع مدرسي أو شاركني فرحة الحصول على درجة متميزة على اعتباري أنني من المتفوقين في مدرستي.
واليوم أنا على يقين تام بأنه لا يعرف أنني على أبواب الجامعة أقف أمام معترك الحياة لأتعلم حلوها ومرها ... أنني بحاجة إلية.
هذه الصور في ذاكرتي سببت لي الحزن والأسى جعلتني أفقد مشاعر الأبوة.. وكم أنا بحاجة إليها في هذا العمر.
صورة لم تخفف آلامها سوى أمي التي تحاول جاهدة لتجملها وترممها بكلمات كنت أحس واشعر بها أنها تخص الواقع الذي نعيشه ( العمل ـ المسؤولية ـ صعوبة العيش ) كلها تبريرات سقطت اليوم أمامي عندما علمت بان سبب هروبه وصمته ليست سوى مشاهد من التفكك الأسري، خوفاً من مواجهته من قبلنا لأنه عاجز على بناء جسور الثقة بين أفراد الأسرة ، وتثبيت مفهوم الثقافة الأسرية بين أفرادها على قواعد المحبة والإيمان والتكاتف ، وأن يكون نموذجا يحتذي به، وأن يتحدى بوجوده بيننا كل الصعوبات التي تواجهنا ـ لا أن يتركها على عاتق أم سئمت من عدم وجوده.
نصيحة لك يا أبي ـ وأنا من احتاج إلى النصح ـ بأن لا تغيب ولا تصمت، بل أمليء مكانك بيننا، وابتعد عن الأنانية.
أين المساواة بينك وبين أمي، وكيف تطلب منها بأن تكون كالشجرة الوارفة وأنت الجذع الأهم فيها، المسؤول الأول عن غذاء أغصانها البضة.
كيف نكون متماسكين وعلى أي مبدأ علمتنا إياه .
أرجوك أبي كن لي قدوة لأكون لك رجـلاً .
التوقيع
وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شي... يسرك في القيامة أن تراه
المبدعة هيام
لمست الوجع بين الأجيال
وانشغال الأهل عن أبنائهم
تكلمت بصدق متناه عن الأبناء وهم يعانون من عدم تواجد الأهل معهم
فالأبناء يتعلمون الرجولة من آبائهم
فلا يدعي أحد انشغاله بأمور الحياة
لأن الأبناء هم الحياة
أبدعت يا أديبتنا العزيزة هيام
وحرفك انقاد إليك
كلمات ليست ككل الكلمات
تحمل بين طيّاتها رسالة راقية إلى هؤلاء الآباء
الذين رسموا خريطة مستقبلهم بعيدا عن الأبناء
دون أدنى إطلاع على تلك الخسارات التي رسّخوها في قلوب أجيال المستقبل
تفاصيل النص تأخذنا إلى حيث التساؤلات...وأهمها
بأي مبدأ يلتزم مثل هذا الأب؟
شكرا لكِ عزيزتي ولقلمكِ المعطاء
مع الود والتقدير
،
،
عندما يكبر الطفل ينظر الى الأب ليقلده ويتعلم منه
حروفك جسدت واقع مؤلم
للتفكك الأسري وعدم شعور الأب بالمسؤولية
وتبقى الأم هي الصورة المشرقة بالكفاح من أجل الإستمرار
وديمومة الحياة
ولكن لو سقط الأبناء في دروب الحياة
ستتحمل المرأة الوزر أيضاً
ويقع اللوم عليها
كم من الآباء لا يعرفون ما يحدث في بيوتهم وفي أي طريق يسير الأبناء
حب الذات
والجري وراء المادة
وتفاهات الحياة فتبعدهم عن تأدية رسالتهم بالوجه الأكمل
وايضاً توجد أمثلى لأباء فعلاً يتمنى المرء أن يحذو حذوهم لأنهم قدوة في كل شيء