تفيض أمومتي من وعاء العمر
وطفلة أعماقي تبكي وتبكي...
كأنها تخدش جدران قلبي..!
،
،
ماذا لو قلتُ لكِ الآن : لا أشتاقكِ
ابتعدي قليلا
لاتدمعي عين الهاتف
تمرّدي على أشيائي...لا تتمرّدي
لاتدعي جدراني تخرج من طورها
أعيديني إليّ...
أطلقي سراح خطوتي الثقيلة
أطبقي أجفان أحلامي الناعسة
تبتعدين أكثر...أراك أكثر
لا أريد أن أراكِ
دعي مرآتي تتشظى
آلاف الذنوب الصغيرة في حضرة العصيان
ابتعدي قليلا
لا أشتاقكِ
لا أحنّ إليكِ
لا أشعر بأي ألم...
أدفني حواسي الميتة
أذرفي دمعة
أطلقي صرخة
أنحري رقبة نافذتي المشرأبة صوب السماء
أحرقي الباب في وجه رياح لا تأتيني بكِ
أشتاقكِ يا أمــي
تعالي مع العيد
تعالي....
مذ كنتُ صغيرة
والمعادلات الحسابية المعقّدة ترهقني
تسافر بعقلي إلى مدن الأشباح
وتعيدني مع الصفر حيثُ أنا...
منذ دهرين ونيف خبّأتُ في عيني أمــي
نصف ابتسامتي
وبين كفّيها منديل أبــي
تركتُ تحت عباءتها نصف روحي
وحاستي السادسة بأسرها...
أهديتها نجمتين...تستعين بهما حين ظلام
وياسمينة تشم عبقها حينما الأرض تصفرّ
ورائحة المطر تنام
أهديتها جورية بيضاء...تسهر مع أحلامها
حتى اللقاء...
أين حواسي؟
كم تبقى لي من الدهر؟
وكم يلزمني من العمر لألملم بقايا عطري وعطرها...؟
/
قلتُ لكم أنها معادلة حسابية معقّدة !!!
/
/
أستاذي العزيز شاكر السلمان
المعذرة لازلتُ أهلوس ...وحمى العيد تُفقد توازن خربشاتي
بانتظار عودتك
لقلبك السعادة والأمــان
المسافرون في دمــي
يزرعون بين أوردتي بعض الحماقات الصغيرة الأشبه بالخيانة
والأقرب إلى الموت...
يتركون صدى أصواتهم ويهرعون
يحق لهم أن يسلبوا كرامة الحياة...
العابثون بدمــي
يعبرون الحافة الأخرى من قلب قلبي
يأخذون معهم الصوت والصدى
وأنا هنا...لاشيء يغريني
لاشيء يؤلمني
سوى وجه أمــي
/
/
ألف مرة تسللتُ إليكِ خلسة
أوغلتُ فيكِ
أدركتُ مدى الشبه بين اقترافي الشنيع للوقت
وعتبات صبركِ
أيقنتُ حجم النوافذ المغلقة
وخبث عيونٍ...تترقب الولوج إلى دمعي/كِ
ألف تنهيدة نذرتها
في دروبٍ ماكان المجيء رفيقها
ألف قُبلة امتشقت شفاه الصمت
أربكت كل ما لم يحدث
مابين مذهب النسيان ومحراب عينيكِ
كي لا أستسلم
كي لا أنسى...علميني يا أمـي
ما لون البحر؟
أين تنام الأسماك؟
وهل تغرق في موجة مدّ عاتية؟
/
/
عقارب الساعة تشير إلى الخيبة السادسة بعد الثلاثين
تماما..كـ ليلة البارحة قبيل المخاض الألف بخطوة
عصيّة...هذه الأميال بيني وبين جدراني
شقيّة ...هذه المسافات العنيدة
أرضعناها دماء الشمل المهدور
ولازالت تنادي بالمزيد من القرابين
إنّي أسمعها كصوت الغضب القادم من عمق البحر
هذا البحر العابث
ترعبني يا أمــي جدراني الغارقة بين المد والجزر
تعالي...
وسأقسم لكِ بربّ الوطن..
لاشيء يغريني
لاشيء يؤلمني
سوى وجهكِ
/
/
حمى العيد تفقد توازن ذاكرتي
شوقٌ جامح ووجعٌ فاضح
لايعادلان كفتي الخواء الممتد
من مشرق الغربة إلى مغربها...
تزعجني الدمعة الراقصة على حافة فنجاني
ماإن أزيحها...تأتيني بقبيلتها الهمجية
لا أشتهي البكاء
عيناي معلقتان في سقف غرفتي
اليسرى تحدق وجهي الموشوم بذنوب العصيان
اليمنى تمطرني متاهات الحنين
لا أخاف العتمة
ألف مرة صفع الظلام خدّ الشمس والشمس لم تبكِ
ثلاثون مرة يا أمي
ثلاثون مرة قلت للباب: لاتخف من العاصفة
ثلاثون مرة قلتُ للحلم : لاتكبر
ثلاثون مرة قلتُ لي
آن الأوان أن تكبري
/
لا تتعلمي قراءتي يا أمــي
أخاف عليكِ من ثرثرة الجراح
علميني فقط
طاعة النسيان
/
/
رحل العيد يا أمـي قبل أن يأتي
هدأت هواجس الليل ...
سكنت خواطر النهار...
وقلبي...يرجو عفوا من الله ومنكِ
أغفري لي ذنوب العصيان
وتقبلي صلاة توبتي في جنّة تجري أنهارها تحت قدميكِ
هاتِ يدكِ..
أمنحيني فرصة البقاء في وطنٍ
تمتد جذوره من دمي إلى دمي
/
/
ثلاثون مرة يا أمــي
ثلاثون مرة قلت لهم:
انهشوا لحمي
اسلخوا جلدي
قدموني وليمة دسمة لكلاب الغربة
ولكن...
لاتكذبوا عليّ.....كيلا أحتقركم !!!
ثلاثون مرة يا أمــي
تجرعت الموت ولازلتُ على قيد النبض
لنبضي التحية
ولروحكِ سلام الله يا أمــي
//
هذا الصباح...
لم يتغيّر أي شيء ...وحده الوجع يكبر
ورائحة الفقد تفوح من ثنايا الوقت
وجدتُني في قارورة خواء
مرمية عند مفترق الذاكرة
كنتُ سأتصالح معي
لولا ضيق جهاتي السبع بيني وبيني!
،،
سامحيني يا أمــي
كدتُ أترك هنا ابتسامة
كنتُ على وشك اليقين أنكِ في الوقت نفسه ستبتسمين
كدتُ يا أمــي....
//