|
اقتباس: |
|
|
|
|
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سفانة بنت ابن الشاطئ |
|
|
|
|
|
|
|
أهــــــــات وكلمــــــات
شعر : عواد الشقاقي
وليلةٍ قد تجلى لي بها قَمَرُ=عَبْرَ الأثير ِ فطاب َ الأُنْسُ والسَّهرُ
في ساعة ِ السّحَرِ المشبوبِ صادفَني=عند التملّي ، ووصلٌ بيننا أشِر
حرفٌ وقد خُط ّ مِنْ نور ٍ يناغمني=من غير رسمٍ له بادٍ، فأستَعِر
ورقَّ قلبي له شوقاً وأطرَبَني=روح به ِ كالصَّبا، قيثارُه الوَتَر
والعين مني بهِ فاضتْ بأدمُعها=مما يخالجني واهتاجت الفِكَر
وهزََّني شغَفا ً مكنون ُ خاطرتي=فانثالت ِ الكلمات ُ الغرُُّ تَنهَمِر
فَرُحت ُ أُزجي لهُ الأحلامَ مُعتلقاً=فيما أُطارحُهُ شعْرا ً وأبتكر
حتى الصباح ِ وكانَ الشوقُ يُلهمُني=في كلِّ آونة ٍ أَُزجي وأنتظر
***********
ومرَّ في وصلنا أيامُ مِنْ عُمُر=في سحرِها عَبَقٌ يندى بهِ الزَّهَر
سالتْ لطافا ً بها ساعاتُنا ومضتْ=بالحبِّ تغمُرُنا ، والحُسْنُ مُنْتَشر
ويوم َ كانتْ لنا فيه ِ مُواعَدَة=قد قام َ ما بيننا غول ٌ لنا خَمِرُ
قد غاظه ُ ما بِنا من وصلنا نَمِراً=إذ جاءَ ما جاءَ عن غِلِّ لهُ أثر
بآية ٍ بُعْدَهُ صِِرْنا بمُنعَطَف=سرعان ما قد عفا ما بيننا الخبرُ
***********
والبَدْرُ ليسَ سِوى نورٍ لفاتنتي=(آهاتُ) قد ساقها عفواً ليَ القَدَر
والغولُ مُعترض ٌ فظ ٌٌّ يُنازِعُنا=للصَّرم معتمدٌ أمرا ً ومُعْتبِر
وقد فقدت ُ لها حرفا ً أروحُ بهِ=وهاج في خاطري شوقٌ لهُ سَعِر
وغاب عنّي به ِ ما كان َ يخلصُني=في ليلةٍ قد غَدَتْ ليلى فأحْتضِر
وبتّ ُ أندبُ أحلامي وقد ذبُلتْ=يا ليتني مِتُّ ، إذ أودى بها الكَدَر
قد عِيلَ صبري بها والشوقُ يَحطِمُني=للحَين ِ قَيَّضَني ،والروحُ مُنفَطِر
إن كان َ أسحرني حرف ٌ لها عَبِِِقٌ=ما بالُ قلبي بها إنْ لاحتِ الصُّوَر!
تلك التي هام َ قلبي في تعلُّقِها=هي الهوى والمنى والأُنْسُ والسَّمر
********
وظلْتُ أعملُ طرفي كلَّ أُمسيةٍ=بالأفقِ علَّي بها كالنجم ِ تَنْحَدِر
أسوح ُ مختلياً أبكي وأسألُني=بعاصفِ الهمِّ ، والآمالُ تنحسر
كيف َ التَّصَبُرُ عن شوق ٍ يداخلُني=يَشِعُّ في قلبيَ الداجي ويزدهر؟
فالشوقُ يخطفُني صبّاً ويَبْحَرُني=والبعْدُ يُضْهِِدُني صبّا ً فأستَعِر
لا عيش َ لي بعد ( آهاتي ) ولا أملاً=شطَّ اللّقا بيننا وإنجابت ِ السِّيَر
|
|
|
|
|
|
قراءتي لقصيدة الشاعر عواد الشقاقي جاءت على أكثر من صعيد:
البحر: لقد اختار الشاعر بحر البسيط الملائم لكل أغراض الشعر. فالبسيط يصلح للشعر الوطني كما يلائم الشعر العاطفي.
لدى الشاعر مهارة واضحة في الإبحار في بحر البسيط والسيطرة على أمواجه.
اللغة: اختار الشاعر الكلمات المناسبة لغرض القصيدة العاطفية منها: الروح، الشوق، أنتظر، التصبر، الليل، البدر، النجم، نور، الدمع، الخاطر، أسوح، تعلق، الهوى، الأنس، المنى، القلب، البعد، اللقا وكثير غيرها وهي تدل على العاطفة الجياشة التي تفيض في بحر البسيط الذي يبحر فيه الشاعر.
هنا وفق الشاعر كثيرا في اختيار مفردات القصيدة السلسة لتلائم غرض القصيدة وطوعها لتتناسب في إيقاعها مع السياق العام للقصيدة.
ربما في البيت الأخير تحتاج كلمة "وإنجابـت "ِ إلى مراجعة بسيطة: شطَّ اللّقا بيننا وإنجابـت ِ السِّيَـر
العاطفة: القصيدة ترشح بالعاطفة الجياشة. من بدايتها حتى نهايتها تتجلى العاطفة الصادقة وهي تشكل ماء البحر الذي يبحر به الشاعر. فبدون هذه العاطفة الصادقة تفقد القصيدة أهم ما لديها. هنا نجح الشاعر أيضا لحد كبير بربط العاطفة الصادقة بالكلمة الجميلة لتشكلا وحدة جديدة بديعة ممتعة للقارئ.
الأسلوب: جاءت معظم أبيات القصيدة في صيغة فعل الماضي لتعبر عن أحداث قصة القصيدة التي حدثت في وقت سابق. إلا أن الشاعر ينشد في بعض الأبيات بصيغة فعل المضارع حيث أن المشاعر ما زالت حية ومزدهرة في فؤاده ولا يستطيع إلا التحدث في صيغة الحاضر. على سبيل المثال في هذه الأبيات:
كيف َ التَّصَبُرُ عن شوق ٍ يداخلُنـي
يَشِعُّ في قلبيَ الداجـي ويزدهـر؟
فالشوقُ يخطفُني صبّـاً ويَبْحَرُنـي
والبعْدُ يُضْهِِدُنـي صبّـا ً فأستَعِـر
إن أكثر الأبيات شدّا للقارئ هي تلك الأبيات التي تصاغ بالزمن الحاضر فهي توحي بالحياة والاستمرارية وتربط القارئ بمصير الشاعر وتجعله جزءا من القصيدة فيزداد تفاعل القارئ بقصيدة الشاعر ويتوق لمعرفة ما يمكن أن يجلبه المستقبل.
أما أسلوب فعل الماضي يوحي بالوصف لحكاية حدثت سابقا وتأثيرها على الشاعر وعلى المحبوبة ربما انتهى (أو تضاءل) مما يقلل من تفاعل القارئ مع القصيدة.
وحدة الموضوع: نجح الشاعر بتميز في الحفاظ على وحدة الموضوع رغم عدد الأبيات الكثيرة. فالفكرة الأساسية ظلت بوصلة للشاعر يسير باتجاهها ولم يخضع لتلك الأمواج العالية التي تريد أن تحرفه عن فكرة القصيدة الأساسية.
الانسيابية: لا يخفى على القارئ تلك الانسيابية الجميلة في القصيدة مما يعطي ارتياحا للقارئ خلال تجواله في حديقة الشاعر وكأنه يسير على ضفاف جدول عذب.
الصور الشعرية: موضوع الحب قديم وأزلي عمره من عمر الإنسان. فلذلك كتابة قصيدة عن الحب أو في الحب تحتاج إلى جهد كبير إذا أرادت أن تتميز نوعيا عما كتبه آلاف الشعراء على مدى الزمن.
كثير من الشعراء يكتبون في الحب ويبدعون في هذا المجال ولكن لا يتخطون ما كتبه شعراؤنا الأوائل. والبعض قد يفلح في ابتكار صور شعرية جديدة ملفتة للنظر.
إن ابتكار صور شعرية جديدة جميلة لم تخطر على بال أحد من قبل من أصعب الأمور وهي لا يمكن أن تتوفر إلا بالجهد والعمل المستمر على التطور من أجل الأفضل.
بالنسبة لقصيدة الشاعر التي تخصنا فهي تحتوي على صور شعرية جميلة منها المعروف مثلا:
والعين مني بـهِ فاضـتْ بأدمُعهـا
هذه الصورة تلامس وجدان القارئ رغم أنها صورة معروفة بمعنى أن شبيها لها ورد سابقا في قصائد الشعراء وهذا لا يقلل من جمالها وتأثيرها وصدقها.
ومنها المبتكر والجديد مثلا الصورة التالية:
سالتْ لطافا ً بها ساعاتُنا ومضتْ
صورة أعتبرها أكثر جمالا وتعبيرا وأكثر ابتكارا من الصورة السابقة فهنا الساعات تسيل كالماء وتفلت من أيدي العاشقين فهي خفيفة ورشيقة. فالعاشقان يغمر الحب قلبيهما بالسعادة ولا يكترثان إلى الزمان ولا المكان.
القصة والقصيدة: أجد أن القصيدة عبرت بصورة جيدة عن القصة. إلا أن بعض التفاصيل الدقيقة في القصيدة قد تبقى غامضة دون قراءة القصة كما كتبها الشاعر.
في النهاية تقديري للشاعر عواد الشقاقي على قصيدته البديعة وشاعريته المرهفة وشكري لكل الزميلات والزملاء الذين شاركوا في إغناء هذا النقاش الأدبي الرائع.