و قفت أمام المراة ، وحاولت أن أرسم ابتسامة على وجهي ، لم تطاوعني شفتاي ، وبدا فمي يابسا متشققا ، ولساني مخلوق غريب ، قد فارق الحياة
عضلاتي تؤلمني ، وعيناي حزينتان ، والفم كأنه لم يذق طعم الماء منذ أمد طويل ، رقبتي نافرة العروق ، هالني منظري ، أردت أن أبكي ، لكن دموعي قد جفت ، وعيناي حفرتان قد سكتهما الألم ، شعرت أن الأرض تميل بي ، وأنني لاأ قوى على الوقوف ، كانت كلمات طبيبي ترن في أذني ، بذلت جهدا كبيرا كي أطيعه
- حاولي أن تضحكي ، ما إن تحيطك الهموم ، وترهقك السموم ، تسلحي بالضحك ، فهو خير بلسم
فمي جاف ، ولساني عضلة يابسة ، الفراغ يحيط بي ، يلبسني ، يثقل كاهلي ، يزهق روحي
- أنت ميتة ، مخلوقة محنطة ، جوفاء ، هجرتك الحياة ، مللت منك
المرآة تضحك مني ، تنظر إلي شامتة ، تخرج لسانها ، تسخر من عجزي واستسلامي ، وددت لو أفعل شيئا ، أن أنتصر عليها ، أحطمها ، أجعلها قطعا متناثرة ، واتي بواحدة أخرى جديدة تصدقني الحديث
- ابتسمي ، تري الوجود جميلا ، اهربي من سجنك ، حطمي قيودك ، ثوري على جلاديك ، انتصري لمبادئك وقيمك
ماذا عساي أن أفعل وأنا غريبة هنا ؟ كبر الأبناء وتركوني ، فارقت أهلي وأحبابي منذ دهر ، ولا أصدقاء لي هنا ، أحبابي رحلوا ، اقتنصوا حياتهم الواحد تلو الآخر ، ومن استطاع النجاة من عقابهم اختار ملجأ بعيدا ، بيني وبينهم بحار شاسعة ، وأنا لا أحسن السباحة ضد التيار ، أصبحت خانعة أرضى بما يبتغونه لي
- لم أعد أريدك ، هرب منك الشباب ، أخرجوك من العمل وكنت اطمع أن، تعيليني
- ابتسمي ، وان فقدت كل شيء ، المال ، الوطن ، الأهل ، الحب ، حاولي أن تبتسمي ، ما زالت الحياة لك ، الغضب يقضي عليك
أضحك بصوت عال ، أقهقه ، أغلق علي الباب ، أفتح جهاز التسجيل بصوت يعلو على ضحكاتي ، فيروز تشدو
- لم لا أحيا وظل الورد يحيا في الشفاه
المرآة تنظر إلي بتفهم ، تدعوني إلى التحدث إليها عما يؤلمني ويشجيني ، أضحك من جديد ، أفكر بما هو خير ونبيل في الحياة ، أبعد المساوي عن فكري ، أتنفس بعمق ، أستعيد المواقف النيرة الجميلة التي قرأتها وأمنت بها ، أعاود الضحك تنتصر إرادتي ،تنقشع الغيوم السوداء ، اضحك واضحك ، اقمع إرادتي ، في البداية ، لا تطيعني شفتاي ، أغلق الباب علي بإحكام لئلا يشك أحدهم بسلامة قواي ، ارفع صوت المذياع ، فيطغى على صوت ضحكي المفتعل ، مازالت فيروز مستمرة في شدوها
- لم لا أحيا وظل الورد يحيا في الشفاه
، تبدو الضحكات ميتة لا حياة فيها ، أعاود من جديد ، رغبتي في تغيير حياتي ينبغي أن تكون حقيقة ، الأحلام تبدأ بخطوة ، يزايلني التردد ، أعاود الضحك ، علي أن اقهر خنوعي واستسلامي ، الإنسان مخلوق قوي ، إن تردد يوما فانه يعود إلى الحزم والعزم مرة أخرى ، هذا ما علموني إياه سنين عمري التي مضت دون أن أشعر بها ، أيقنت أن الأسف لن يعيد شيئا ، علي أن أعيش يومي ولا أأسى لامسي أو أتشاغل بغدي ، ينبغي أن أتحلى بإرادتي ، اضحك من جديد ، واضحك مرة أخرى ، تطاوعني إرادتي ، أحاول ان أبتسم ، فأعجز عن تحقيق رغبتي ، ابتسامتي باهتة ، أحاول من جديد ، أفشل ، وأتابع المحاولة ، ابتسم ،فلا يكون انتصاري كاملا ، اقمع شعوري بالانهزام ، أبتسم ملء فمي ، لم تعد شفتاي يابستين ، ولساني يعبر عما يريد بطلاقة
البريق يعود إلى عيني ، الأخاديد تختفي عن وجهي ، وعن عنقي ، وفمي يزايله الجفاف ، وابتسامتي تعود حقيقية
- أضحكي تتبدد همومك ، السحب السوداء تنقشع ، يهرع الغيث إلى ربوعنا محولا قفارنا إلى حدائق غناء
- كبر الأولاد وأنت هرمت ، وأنا لازلت شابا في روحي وسأحيا ما دامت الحياة تدعوني ، وأنت كهلة تندبين حظك
- ابتسمي ، يزهر قلبك ، وتقوى إرادتك ، ينهزم ضعفك ، تينع ثمارك ، وتسعد حياتك ، يولي ضعفك
سالت دموعي على وجهي ، وأسعدني أن أكون قادرة على البكاء ،، كنت اظن ان قدرتي على التعبير عن نفسي ،، ككل البشر الآخرين ،، قد تضاءلت ، واندثر ، كل ما عندي من تحمل ، وتجرع لمرارة الصبر ، التي أمضتني لسعتها ،، طيلة سنين طوال ، بكيت ، دون ان اكترث أنه لا أحد قربي ، يمكن ان يخفف عني قسوة الألم ، وان كل شيء يمكن اجتراعه ، الا ان تكون وحيدا في معترك حياة قاسية ، تتضمن بعض زهرات شوكية ،، تنبت لوحدها في صحارى مترامية الأطراف ,,,
مخلوقة جديدة أمامي ، متفائلة ، واثقة تحب الحياة ، تهزم همومها بالضحك ، قادرة على الابتسام
صممت أن أبدأ من جديد ، فما زلت معافاة في جسدي ، أملك قوت يومي ، ولست اقل من غيري ، في التمتع بالخلال التي لابد منها
أحيا آمنة ...
- لم لا أحيا وظل الورد يحيا في الجباه
الاديب هو صاحب رسالة انسانية تمكنه
قدرته الادبية على ايصال رسالته ..تبقى
القدرات نسبية ما بين اديب واخر..
وانا اتابع قصصك..اجد فيها هم اجتماعي ورسالة
ممزوجة بلغة رائعة..كجرعة دواء مغلفة بالشكولاته
ليجد المتلقي بعدها انها قد سرت في روحه واخذت
مفعولها الانساني..فتورق الزهور ويعشوشب العشب
وفي هذه القصة الرائعة دعوة
للحياة بمفهومها الروحي وليس الزمكاني...
الاطراء يخافه البعض..حتى لا يتهم..ولكن برأي المتواضع
ان الثقة بالنفس واستحقاقات الاخر تفرض على الكاتب
ان يعطي حق جهد الكاتب الاخر حقوقه ..
واني بلا مبالغة اجد في نصوصك الرائعة هذا البعد
الانساني ذات الطابع الرسالي
تحية نليق بك ..وتقبلي سيدتي الفاضلة
فائق الاحترام والتقدير
مساءً طيّبا سيدتي
وانا أضم صوتي لصوت الأستاذ قصي المحمود ؛ فنصوص الأديبة المبدعة صبيحة شبر تحمل هما اجتماعيا وإنسانيا ؛ وهي بين هذا وذاك دروسا في فن الكتابة القصصية الممتعة والبعيدة عن التّعقيد والغموض الذي يلجأ إليه بعض الكتّاب ظنّا منهم أنّهم بذلك سيتميزون على نظرائهم
تحيتي سيدتي وكل عام وأنت بألف خير
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
مساءً طيّبا سيدتي
وانا أضم صوتي لصوت الأستاذ قصي المحمود ؛ فنصوص الأديبة المبدعة صبيحة شبر تحمل هما اجتماعيا وإنسانيا ؛ وهي بين هذا وذاك دروسا في فن الكتابة القصصية الممتعة والبعيدة عن التّعقيد والغموض الذي يلجأ إليه بعض الكتّاب ظنّا منهم أنّهم بذلك سيتميزون على نظرائهم
تحيتي سيدتي وكل عام وأنت بألف خير
الأديبة العزيزة كوكب البدري
جزيل الشكر على تعليقك البهي
وتقييمك الرائع
مودتي الوارفة
نص يقترب كثيراً إلى الفانتازيا، ويمتلك من أدوات الجمال الكثير.. وأظنه مختلف نوعاًما عن "لست أنت"، و"الجهد" و"السبب" و "الاحترام" وحتى رواية "العرس".
فسبق لي أن قرات لك سيدتي اكثر من نص، في القصة القصيرة، والقصة القصيرة جداً، والرواية.
وكانت تحاكي مفارقات مذهلة، كما ورد في قصة "السبب"، التي تتحدث عن امرأة تمارس أقدم مهنة في التأريخ.. إن لم تخني الذاكرة.
و"لست أنت" التي تشي برائحة اللاهوت.
و"العرس".. تلك الرواية التي سأخصص لها قراءة كتبتها قبل سنة تقريباً.
لكن مأخذي على هذه القصة رغم ثيمتها الرائعة، وانسيابيتها الأنيقة.. هناك جمل مبتورة بالغالب، أي انها جمل مكملة لبعضها إلا أنها غير مرتبطة.
ولنا أن نقرأ هذا المفصل:
"المرآة تنظر إلي بتفهم ، تدعوني إلى التحدث إليها عما يؤلمني ويشجيني ، أضحك من جديد ، أفكر بما هو خير ونبيل في الحياة ، أبعد المساوي عن فكري ، أتنفس بعمق ، أستعيد المواقف النيرة الجميلة التي قرأتها وأمنت بها ، أعاود الضحك تنتصر إرادتي ،تنقشع الغيوم السوداء ، اضحك واضحك ، اقمع إرادتي ، في البداية ، لا تطيعني شفتاي ، أغلق الباب علي بإحكام لئلا يشك أحدهم بسلامة قواي ، ارفع صوت المذياع"
لكن يبقى النص انيقاً، ويؤكد إمكانية رائعة.
دمتِ بألق سيدتي الفاضلة.