منتهى الوفاء ...
أن تتأمل ..
تتذكر ..
... كل الذين أحببتهم
كل الذين لم تحببهم
كل المواقع ..
كل المواضع ..
المر .. والمر ..
رغيف أمك ..
وعينيها الموشحة ..
بالتعب
وكفا أبيك ..
المزروعة بأخاديد
العذاب ..
ووجهه الملفوح
بالقهر
ومنتهى الألم ...
أن تفيق .. لا شيء
كل الذين تذكرتهم
ذهبوا .. وراحوا ..
وأنت وحيد .. و ح ي د
رغيف أمك ..
بقي عبقها
وعينيها صارت ..
مدى من الوجع
ومنديلها صار ..
راية للريح
وكفا أبيك ..
أمست صفحات
للتاريخ
ووجهه .. و ج ه ه
قاموس .. ق ا م و س
البؤساء .
والذين أحببتهم
كل في طريق
والذين لم تحببهم ..
ما زالوا يرشون
على الجرح
ملح .
وأنت وحيد .. و ح ي د .. و ح ي د
متعة ...
أن تغور في أعماق نفسك ..
تتعرف عليها ..
تكتشفها ..
تعيد قراءة المحطات
تسلّك دروبها ..
تتلمس خطواتها ..
ماضيها وحاضرها ..
ومطلق الحزن
أن تكتشف ...
إنك ..
كنت فارغ ..
كالطبل
غبياً ..
كالبغل
خالي الوفاض ..
وتافه .
ما أروع ..
أن تستلقي
تغفو ..
مفتوحة عينيك
تبني وطناً
تسيجه برموشك
تعمر منازله
وتعبد شوارعه
تشجر صحاريه
تزرع حقوله
بالموسيقى والخبز
وعلى الكرامة
تربي كائناته
وما أمر ..
أن تستيقظ ..
لا وطن لك ..
مشرد ..
مبتذل ..
وغريب ..
لا أهل لك
لا أفق لك
لا أرض لك
لا سماء .
ما أجمل ..
أن تقدم كل ما لديك
خبزك ..
ودمعك ..
وفرحك ..
وحزنك ..
هبة ما بعدها منة .
وما أصعب ..
أن تُشلح في صحراء
لا شجر ..
لا حجر ..
لا خبز ..
لا ماء ..
تبكي وحدك
وتحزن وحدك
ولا مواسي
جميل ..
أن تجيد الغرس
وتنثر القمح
وتحرث الأرض
وتبتهل ؛
ليأتي المطر
وما أصعب ..
أن لا يأتي
رائع ...
أن تسهر الليل ..
تنتظر الصباح ؛
ومر ..
أن لا يأتي
روعة الإيثار ..
أن تعصر قلبك ؛
ليشرب الآخرون ؛
ليكبروا
ومنتهى الحزن
أن يبقوا صغاراً
ما أجمل ..
أن تبث الناس
وجعهم
وتحاكي جرحهم
ومنتهى القهر ..
أن يقذفوك
بحثالة أفواههم
تذهب السكرة
تفيق ...
لا شيء
كل الذين تركتهم
ذهبوا .. ذهبوا ..
ذهبوا وراحوا
وأنت وحيد ..
وحيد ...
وبائس ...
هنيئاً قهرك
أبكى العوسج
هنيئاً دمعك
انحنى له السنديان
هنيئاً حزنك
سجدت له الثكالى
هنيئاً عليك جرحك
ضمده الوطن ببيرقه
كم أنت شجا ع
حقك أن تبكي
حتى الموت.
التوقيع
أنا الغريب ..
لا أهلٌ ولا وطنٌ
وددت أفي الروح
عهداً خانني البدن