بقلم:سميربشيرالنعيمي
كثيرا ما حسدت الشعراء لانهم يصفون المعاناة والالام والشكوى بقصيدة صغيرة تختزل كل ما يختلج بشعورهم من معاناة وشكوى ونجوى ... بينما الكاتب يحتاج لمقالة طويلة تشرح وتصف المعاناة والهموم التي قدرت علينا في هذه الحياة المليئة بالاحزان ...
خلال حضورنا لمهرجان مؤسسة النور السادس الذي اقيم في تكريت وزعت علينا كراسات صغيرة تخص ذوي الاحتياجات الخاصة وبرغم الجو الاحتفالي وانا اتصفح الكراس اثارت شجوني قصيدة حزينة مؤلمة للشاعرة الرائعة رفيف الفارس .. و هي شاعرة وأديبة عراقية ، رهيفة الحس ، بليغة البيان ، تميزت بجزالة المفردة وقوة البيان وسمو الرسالة والجرأة والمصداقية في التعبير عن مأسي الناس، ، ماانفك قلبها وفيا للأرض التي نبتت منها...
اختزلت الشاعرة رفيف معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة بقصيدة صغيرة قليلة الابيات ولكنها عميقة المعاني والاحزان !!!
اختارت الشاعرة رفيف بذكاء عنوان لقصيدتها يهز الوجدان والمشاعر..... (سجين الجسد )
تناجي الشاعرة فيها ألام ذوي الاحتياجات الخاصة و تبث شكواهم على لسانهم بدموع من الدم
.. فاجعة الام الثكلى بوليدها الكسيح ...وفاجعة كل بيت فيه انسان او انسانة من ذوي الاحتياجات الخاصة
وبثت الشاعرة بحسها الرقيق وبحنانها الانساني العالي الذي تسامى على جراحاتها وجهدها وتعبها وهي تعاني بالغربة كدح العيش والدراسة وأوصلت للعالم مأسيهم واوجاعهم والامهم ومناجاتهم وشكواهم واحزانهم وبكائهم بدموع من الدم يكوي المقل!!
حتى ابتسامة الفجر كانت موجوعة و ثكلى لان الامنيات مكتومة بالصدر ترنو لباريهم بحزن مكلوم يتمنون لو انهم خلقوا عصافير يطيرون في الفضاء الفسيح...
القصيدة لشاعرة تمتاز بالذكاء والمشاعر الرقيقة لانها استطاعت ان تعطي للماساة اكبر تعبير حين وصفت لنا ...سجن جديد...سجن داخل الجسد؟؟!!!
وتحدثت رفيف عن جرح الانسانية المكتوم ... عن ألام ذوي الاحتياجات الخاصة في تنقلاته وعن اصوات صرير عجلات عربته وارتطامها بالحصى بدمه ..!!!
يعيش أسير (العكازات ) ورحمة الطيبين !!!!
هذه الشاعرة الفذة تعيش باعماق ذوي الاحتياجات الخاصة حتى انني تصورت انها تعاني من عوق معين فاتصلت بالاخ الشاعر الصديق شينوار وسالته لاتاكد ..اخي ابو جان هل الشاعرة رفيف تعاني من عوق معين؟
فاستغرب الرجل وقال لي لا لماذا ؟ قلت له مجرد سؤال ؟
تقول رفيف في قصيدتها :
إنبرى دمُ المُقلِ
دمعةُ المفجوعةِ بالفلذاتِ
تُلون أبتسامة الفجرِ
ثَكلى ...
والأمنيات مكتومة الشهقات
تفتح للفجرِ نافذةً من حنين مَكلوم
عصفورٌ في فضاءِ الله يطير
والناس على أديم من نارٍ .. تَسير
وانا .. أسيـــــرٌ
أسير ...
على صرير عجلاتي ودمي
الحصى لا تُلملمْ خطوتي
الدربُ لا يذكر طرفي المَجزوع
ولا أكفُ الأصحاب ...
كلَّ صبحٍ
أنكس الأعلام البيض في عيون الساعات المريرة
ألوي أذرع الدهرَ
أَطْلق الروح في سماء الله
من لي بزاجِلٍ يشدْ الجذوع
أسير المعاضدِ والرحمةِ
انا ..
جُرح الأنسانية المكتوم
أبتسامة بوجه جفاف العيون
فمن ذا يحجب الرحمة عن وجه الله فينا
أنازل كل صبح روحا وجسد
سأكتب بأوجاعي بداية الغد
امد للشمس بصري
واطلق للعالم صرختي
انا ... سجين الجسد