د.عدنان الطوباسي - الانسان كائن اجتماعي...يسعى في هذه الدنيا من اجل لقمة العيش ومن اجل حياة حرة كريمة...وبين هذا وذلك يمضى من اجل تكامل اجتماعي يظللل حياته بالمحبة ويسعد بالتعرف على الناس من شتى انحاء المعمورة..ولولا هذا الترابط الاجتماعي لفقد الناس لذة الحياة وبريقها الاخاذ..ورغم اننا بدانا ا نشعر بهذا الفقدان نظرا لتراكمات الحياة وتعقيداتها ومصاعبها وظروفها المادية وحكاياتها والامها والتفكك الذي اخذ ينخر كل جميل فيها الا ان الاسرة قادرة رغم كل اعاصير الزمن ان تعمل على تنشئة اطفالها تنشئة سليمة في وسط اجتماعي سليم لا تلوثة ماديات الحياة ولا تعرجاتها المتصاعدة وقلقها الذاهب الى المجتمع طولا وعرضا..
ان نمو الذات الاجتماعية يرتبط بتطور قدرة الطفل على الدخول في علاقات مع الاخرين ،وجذب انتباههم كما يرى الدكتور فايز القنطار والتفاعل معهم .فالتعلق العاطفي يكون قويا وله صفة الديمومة الانفعاليه العاطفيه التي تربط الطفل بشخص محدد (الحاضن او الام ) في حين يعني النزوع الاجتماعي كل الاصدارات والاشارات الودية التي يتوجه بها الطفل نحو جماعة واسعة من الاشخاص ،وتكون نتائج هذه الصلات الاجتماعيه مؤقته وتأثيرها العاطفي الانفعالي اقل قوة من روابط التعلق .وربما كان التدخل بين هذين المفهومين ناجما عن ان التفاعل المبكر بين الطفل وبين الحاضن يؤدي الى نتيجة ان يصبح الحاضن موضوعا للمفهومين معا في الوقت نفسه ،للتعلق والعديد من الاصدارات الوديه الاجتماعيه .فالطفل يمكن ان يكون اجتماعيا مع الكثير من الاشخاص الا انه لا يتعلق الا بعدد قليل منهم حسب ما يجد ويرى من هولاء الاشخاص وكيف تستمر العلاقات الودية التي من الممكن ان تساعد على التفاعل الاجتناعي وتحافظ علية حيث ان في الاشهر الاولى من العمر ،يتمكن الطفل من اصدار الكثير من الاشارات التي تجذب انتباه الاخرين كالابتسام والمناغاه والملامسة الامر الذي يؤدي الى استثاره استجابة اجتماعيه عند الاخرين ويتطور هذا السلوك الاجتماعي في نهاية السنه الاولى اذا يرتفع التفاعل الاجتماعي بينه وبين الاشخاص المحيطين به نتيجه الاستجابات التي يتلقاها من قبلهم ويمضى قدما حيث في اثناء السنه الثانيه يصبح الطفل اكثر فاكثر ميلا الى التفاعل الاجتماعي وتنمو قدراته على التواصل وتزداد فعالية ،مع البالغين كما مع الاتراب ويتزامن هذا النمو مع انخفاض قلق الطفل امام الغرباء في عامه الثالث وتطور قدراته الحركيه وابتعاده عن الام عندما يبدا باستكشاف المحيط .جيث يبدا العالم بالنسبة له اكثر اتساعا وتنمو قدرات الطفل في التفاعل الاجتماعي نموا كبيرا ما بين السنه الثانيه والرابعه .وحسب ما يحيط بالطفل من بيئة ثرية تساعدة في ذلك.
لقد اشارت البحوث الحديثه الى وجود فروق فرديه عند الاطفال في النمو الاجتماعي .ويمكن تفسير هذه الفروق بثلاث فرضيات كما يذكر القنطار:العوامل الوراثيه ودورها في النمو الاجتماعي والتعلق الامن وترتيب الطفل في الاسرة ..فقد اشار بعض الباحثين وجود تأثير للعوامل الوراثيه في استجابات الصغير نحو الاخرين إذا أشارت بعض البحوث الى ان التوائم المتماثله اكثر تشابها من التوائم الاخوية فيما يتعلق بالسلوك الاجتماعي حتى نهاية السنه الثانية .
كما أشارت بحوث اخرى الى استمرار تأثير العوامل الوراثية في السلوك الاجتماعي حتى الطفوله الوسطى وعلى الرغم من تأثير العوامل الوراثيه في السلوك الاجتماعي ،يمكن لعوامل المحيط ان تلعب دورا اسياسيا في التعبير عن هذا السلوك ومن اهم هذه العوامل التي تؤثر في ذلك نوعيه التلقي العاطفي بين الطفل وبين الام ذلك التعلق الذي يعطي الحياة برقا وحبا ومضاء وعلى الرغم من ان التعلق والسلوك الاجتماعي يمثلان نظامين اجتماعيين متمايزين يعتقد بعض الباحثين ان نوعية التعلق تؤثر تأثير مهما في استجابات الطفل نحو الاخرين .
اما بالنسبة الى ترتيب الطفل في الاسرة فقد اشارت بعض البحوث الى ان الطفل الاول هو اكثر ميلا للتقارب من الاقران ومن تبادل الادوار مع الاخرين وفي بحوث اخرى تبين ان الطفل الاول خصوصا الطفل الوحيد هو اكثر اجتماعيه واكثر عدوانيه ايضا من الطفل الاخير الذي يقضي معظم الوقت ينظر الى لعب الاخرين كما يميل اكثر الى الانسحاب من التواصل بالاخرين مقارنه بالطفل الاول ويوجد سببان اثنان لتفسير تأثير ترتيب الطفل في الاسره في النمو الاجتماعي اولهما ان الطفل الاول يتلقى اهتماما من الاهل اكثر من باقي الاخوة وثانيهما –تكون تجربة الطفل الاول الاجتماعيه اكثر ايجابيه مقارنه بباقي الاطفال اذا يشجعه الاهل على التفاعل الاجتماعي مع الاقران في حين انه من الممكن ان يتعلم الطفل الاخير ان يكون قلقا ومتراجعا في علاقاته مع الاخرين نتيجه سيطره الاخ الاكبر وسلطته.
من هذا المنطلق فلا بد ان تعطي الاسرة الاهتمام الكافي للاطفال دون اي ميزات للواحد على الاخر الا من حلال بعض الحوافز في المعرفة والتحيصل من اجل التنافس ..وينبغي ان توازن الاسرة في تعامها مع الاطفال وخاصة مع الطفل الاول فزيادة الدلال قد تكلف الطفل والاسرة ثمنا باهظا في مستقبل الايام الطفولة احلى العوالم واخلاها ون اجل ان تبقى كذلك علينا ان نعطيها كل الاهتمام الجاد ونظلها بالمحبة والوجدان وان نسقيها من ثمار تجاربنا ونغرس في نفوس اطفالنا قيم الحياة الفضلى ..ليمضوا في رحابها بكل ثقة واقتدار.