استاذي العزيز
لا يوجد منطوق ديني اسلامي للفنون والثقافة والفلسفة والعلوم والتقنيات والهايتك والبني التحتية واستخراج النفط والاقتصاد والطب وما شئت .. بل هي لغة عالمية ، مناهج بنيت على التجربة والفكر، تخاطب الجميع،بغض النظر عن دينهم واثنيتهم ولونهم وجنسهم... وبدء التقسيم الديني والاثني يجعلنا في قاع الحضارات العالمية كما هو حالنا اليوم مع الألم والأسف الشديدين.وكم يبدو مضحكا اصرارنا على تخلفنا وتغليفة بصياغات (حتى لو كانت دينية) تذوب مثل فص الملح عند اول امتحان.
نحن مجتمع لا ينتج حضارة اليوم بل يستهلك ما ينتجه غير المسلمين من فنون وثقافة وعلوم وتكنولوجيات. والفلسفة لم تتطور في الفكر الاسلامي ، وجذورها نشات في بلاد الاغريق والعرب ابدعوا بترجمتها وحفظها للعالم يوم كانوا قمة الحضارة واليوم واقع مؤلم يجب ان يقودنا لاحداث نهضة تنويرية... كل الفلاسفة العرب كانوا تابعين للمدارس الأغريقية واجتهدوا في اطارها ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر ابن باجة الفارابي وابن طفيل وابن سينا زابن خلدون وابن رشد ومعظمهم اعتمد الفلسفة المشائية لأرسطو .. وما زالت الفلسفة بعيدة عن ان تشكل تيارات في فكرنا ولن تكون لنا فلسفة بلا نهضة تنويرية وتحرير العقل العربي من جنون الماضوية, الى الاعتدال الديني ، ومن جنون الايمانية ( الايمان الشكلي -ايمان المظاهر ) الى الايمان العقلاني.
ربما يكون كلامي قاسيا للبعض . ولكني لا انطلق الا من قناعتي ان العقل العربي قادر على الابداع وها هي ملايين العقول العربية تنخرط في الغرب ، بسبب غياب امكانيات توطيفها في اقطارها، مما يسبب نزوحا متواصلا للعقول العربية وخسارة مليارات الدولارات سنويا بسبب هذه الظاهرة المرضية التي تطورت مع وجود انظمة فاسدة لا يشغلها الا نهب الشعب والحفاظ على تخلفة وتوريث السلطة.
يبدو ان الربيع العربي يحتاج الى ربيع آخر يسقط الطغيان الجديد الذي حل مكان الطغيان القديم.لن يقوم نظام حكم بغياب المؤسسات المستقلة للدولة وعلى قاعدة مدنية ديمقراطية تضمن الحرية لجميع المواطنين ، بكل اختلافاتهم، والمساوة والحقوق الكاملة.