ثقي بعذابي في الغرام ألا ثقي

أبياتي في سجال رواء الأدب

ثقي بعذابي في الغرام ألا ثقي /أشرف حشيش

ألم تأخذي مني كتابي وموثقي=وخطا بنبض القلب باح بمنطقي

إذا هُدّ سقفُ الودِّ بعد رحيلكم=ففي ظلّ هذا الردم كيف سنلتقي

تهشّم حصني بعد هجر أحبّتي=وجالتْ عيون الغادرين بخندقي

إذا عاد خلاني زرعتُ دروبهم =حروف رياحيني وأبيات زنبقي

فبالحب والإيمان تعمر دارنا=وبالأهل والأوطان نحيا ونرتقي

فإن شئتِ بعدا فالبعاد أذيّة =وإن شئت قربا فاصدقيني وصدّقي

بحور من الأشواق تهدر داخلي=متى نظرت فيها عيونك تغرقي

ونارٌ بحرف الشعر أذكي لهيبها=تراك متى حدقتِ فيها تحرقي

جمعت بيَ الضدين نارا وجنة =ثقي بعذابي في الغرام ألا ثقي

أما أن أن يطوى الخلاف بحبّنا =لتجمعَنا الأوطانُ بعد التفرق

بحر الطويل
27/2/2014

ألا يا خمور العشقِ فينا تعتّقي
ويا كلَّ ورد في الربوع تفتّقِ

صدى لقريضٍ صاغه كفُّ أشرفٍ
بقافيةٍ من درِّ نظمٍ منمّقِ

سلمت أخا الحرفِ البهيّ تحيةً
ودمت كنجمات الفضا في تألّقِ

الرائع المبدع الشاعر الجميل / أشرف حشيش
قصيدة رائعة بكل المقاييس ..
وهذا هو دأب ُ قلمك فلا يقطر سوى شهدا
كم توقفت في رحاب مطلع القصيدة وقرأته عدة مرات ..
أي ّ شاعر ٍ أنت ؟
وأي ّ حس ّ ٍ الذي يتملكك ؟
كم يعجبني قلمك وكم أرصد شعرك
فأنت بحق قامة باسقة نتيه ونزهو أنك بيننا

دمت رائعا مبدعا


مودتي

الوليد

نابلس المحتلة

قراءة في قصيدة الشاعر ( أشرف حشيش )

مدخل :
قبل الولوج في قراءة هذه القصيدة ، أود ّ أن أسجل َ أن ّ الشاعر العربي المبدع أشرف حشيش ، هو شاعر ٌ مطبوع ، يتمسك بالقصيدة الكلاسيكية وهو بحق قادر على أن يقود َ حركة إحيائية للشعر لما يملكه من أسلوب رائع وقدرة على بناء القصيدة الشعرية بالشكل الذي ورثناه عن أجدادنا العظماء عبر تاريخنا الأدبي الزاهي .

مطلع القصيدة :
الشاعر أشرف حشيش يعنى دائما بمطالع قصائده شأنه شأنه الشعراء الذين يتركون أثرا في نفوس القراء والمهتمين ...
وعند قراءة هذه القصيدة نتوقف أمام مطلع قصيدتة الباذخة ، ونحاول الإقتراب ...ندنو ونتأمل ..
ألم ْ تأخذي منّي كتابي وموثقي
وخطا ً بنبض ِ القلب ِ باح َ بمنطقي !
هنا كأني بالشاعر في مطلع قصيدته يُكمل حوارا بينه وبين َ طيف حبيبته ، وهو حوار ٌ فيه العتاب والشجن ، يتساءل بغرابة : ألم ْ أقدم لك العهد الموثق المكتوب ، والعهد هنا كان في شكل قصيدة ، لأن الشاعر يتعهد لمحبوبه من خلال ما يبوح به في شعره ...ودلالة ذلك مفردات ( كتابي / منطقي ) ..
ثم ّ ينتقل في معرض تساؤله وتعجبه :

إذا هُدّ سقف ُ الود ّ بعد رحيلكم
ففي ظل ّ هذا الهدم كيف سنلتقي !

هنا يلجأ لتوظيف الفعل الماضي في صيغة المبني للمجهول ، ربما شدّة تعلقه بمحبوبته لم يشأ أن يحملها مسؤولية هدم صرح الحب ، وقد أحسن الشاعر في رسم صورة غاية في الروعة حين قال : ( سقف الود ) ولم يقل مثلا ً ( صرح / بيت / ... ) وغير ذلك من مفردات لا تؤثر على وزن البيت موسيقيا ، ولكن مفردة السقف هي إشارة لمكان يلتقي تحته العاشقان ، فسقف المكان لو كان خال ٍ من الجدران ممكن العيش تحته ، بينما جدران مكان بلا سقف لا تقي مطرا ولا حرا ...
يقول متسائلا متعجبا : إذا سقف المكان الذي يحمي الود بيني وبينك قد تعرض للإنهيار فكيف يمكن لنا أن نلتقي تحت ظلال الركام ...وقد لجأ لإستخدام أسلوب القلب بين صدر البيت وعجزه بطريقة رائعة جميلة ...

والبيت الثالث يشكل نتيجة للبيت الثاني في ترابط مذهل في بناء القصيدة دون أن نشعر بصنعة أو تكلف ...
تَهشّم َ حصني بعد َ هجر أحبتي
وجالت عيون ُ الغادرين َ بخندقي
في البيت الثاني تحدث َ عن هدم سقف الود ، وهنا يؤكد القراءة التي توصلنا لها عن استخدامه لمفردة السقف ، فها هو حصنه قد تحطم ...وهنا يقدم لنا ما فعل هجر الأحبة به ...بل إنّ الغادرين َ جالت عيونهم في خندقه ..
وهنا لا بد ّ أن توقف أمام عجز البيت البديع :
لماذا لم يقل : ( العاذلين / الحاسدين ) وقال : الغادرين ؟ شاعرنا بدون أدنى شك عنده كنز من المفردات والثقافة الرفيعة ...هنا في مفردة ( الغادرين ) ثمة رابط رائع مع مفردة ( هدم ) والتي تشكل لبنة أساسية في بناء الفكرة ...فالهدم لا يكون إلا من غادر ...والغادر هو شخص ضعيف ، يضرب من الخلف ...فكأن ّ ما حل ّ به من هدم وفراق حبيبته كان من فعل الغادرين الذين أشار لهم في الفعل المبني للمجهول (هُدّ سقف الود ..) ...
وأصبح حصنه وبين ودّه بعد الحطام لا مكان يلوذ فيه من صروف الدهر سوى بخندقه ...

إذا عاد َ خُلاني زرعت ُ دُروبهم
حروف ريحاني وأبيات زنبقي

فبالحب والإيمان نعمر ُ دارنا
وبالأهل والأوطان ِ نحيا ونرتقي

هنا نكاد ُ نستشف ُ دموع الشاعر ونلمسها في طور الرجاء بعودة من رحلوا ...وانظر لجمال تعبيره كيف سيستقبل عودتهم المنشودة : سيزرع الطرقات التي سيأتون منها ويسيرون عليها بقصائد حروفها من الريحان وأبياتها من الزنابق ..فالشاعر الذي في مطلع القصيدة كتب عهوده ومواثيقه في شعره هو ذات الشاعر الذي سيزرع بالشعر دروبهم وهنا تتجلى الإستعارة المكنية بجمال رائع حين شبّه الأرض بالقصيدة وحذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه ( الزرع ) على سبيل الإستعارة المكنية ...

وهنا يتخيل عودة الراحلين فيؤكد أن الحب / الإيمان هما السبيل لعمارة الدار ...وأن الأهل والوطن بهم الإنسان يعيش ويصل للرفعة والرقي ...

فإن شئت ِ بُعدا فالبعاد ُ أذيّة ٌ
وإنْ شئت ِ قرباً فاصدقيني وصدقي

وهنا يقف الشاعر بينه وبين نفسه مستمرا في حوار محبوبة رحلت ...يسائل من لا يسمع صوته ..مستجلبا عزّة نفسه مقدما لها الخيار : ( البعد ــ رغم الأذى الذي سيجلبه فراقها ــ أو القرب : ولكن القرب يحتاج لصادقة ) .


بحور ٌ من الأشواق تهدرُ داخلي
متى نظرت ْ فيها عيونك تغرقي

يتحدث عن الشوق الذي يسكنه ..وما يساور روحه تجاهها ...يقول لها : ما بداخلي لك بحور هادرة أمواجها ..وأراد بالبحار كثرة ما يحمله من حب عميق وغني ، ويقول لها : لو اقتربت من بحار شوقي ونظرت لها ..مجرد النظر فإنك سوف تغرقين بها ...ما أرّق تعبيرك أيها المبدع !!
ونار ٌ بحرف ِ الشعر أذكى لهيبها
تراك ِ إذا حدّقت ِ فيها تُحرقي
في سياق حديثه عما يجول به من شوق ولوعة تجاه حبيبة هجرت ورحلت ، يعود ويفخر بشعره ، ويقول أنّ في شعره من نار الشوق ما زاد لهيبه ، لو نظرت ِ له سوف تحرقك نيرانه ...والحرق هنا لم يقصد الشاعر معنى الحرق المعروف بفعل النار التي نعرفها ، لكنها نار الشوق والحب المستعرة داخله والتي يعبر ُ عنها في شعره ..شعره الذي يمتاز بعذوبة وسلاسة هو ذاته الشعر الذي يكتبه من جمر شوقه وعذابه ...

جمعت ِ بي َ الضدين ِ نارا ً وجنّة َ
ثقي بعذابي في الغرام ألا ثقي
هنا يؤكد الصورة الجميلة السالفة ( بحور من الأشواق / نار من الحروف ) أراد أن حبّك ِ الذي ملأ القلب فرحا وشوقا وسعادة هو ذاته حبك الذي أحال داخلي النار من ألم البعد والهجر ...فيتساءل كيف استطعت ِ أن تجمعي الضدين النار والجنة في موضع ٍ واحد هو قلبه ... وكلا الحالتين ( الجنة والنار ) هما مصدر ُ عذابه الناتج عن حبه الشديد ...لذلك يطلب ُ منها أن تكون على يقين بهذا العذاب الذي نال َ منه ...
أما آن َ أن ْ نطوي الخلاف َ بحبنا
لتجمعنا الأوطان ُ بعد التفرق ِ
ويختتم رائعته هذه برجاء ...وأمنية ، وهي طي الخلاف في حالة الحب ، ليحل ّ بدلا ً منه الوصال بعد الرحيل ...

والجميل في هذه القصيدة التي جاءت في ثوب الغزل في المحبوبة وهو المعنى القريب الذي يلامس ذائقة المتلقي ، نجد أن ّ هناك معنى بعيدا أراده الشاعر ولم يعبر عنه بصريح العبارة ، وهو رسالة إلى الأمة التي تفرق شملها بفعل الحقد والغدر الذي أسس لها أعداء الأمة فأصبح الفراق والشقاق عنوانا بين الأخوة وناب البعد والجفاء عن الوحدة ..ودلالة ذلك تكرار قول الشاعر في الحديث عن الأوطان في قصيدته ...
على أية حال ...في الختام نقف أمام هذا البناء الشامخ لقصيدة تستحق بكل صدق أن نقف في محرابها كثيرا للتأمل ...فهي قصيدة كما هو الحال في المتتبع لشعر المبدع الشاعر العربي الكبير أشرف حشيش والذي يقدم لنا دائما شعرا نريده ونبحث عنه ...

هنا قرأت ...وحاولت الإقتراب من هذه الباذخة ، فإن أصبت فيما وصلت ُ إليه فهو توفيق من الله تعالى ..وإن أخطأت فمنّي ومن الشيطان ...

الوليد
نابلس المحتلة

ملحوظة :

هذه القراءة المتواضعة موجودة في قسم النقد

لله أنت أخي الوليد

لا أدري كيف أشكرك على هذه الإطلالة الراقية

وأعتذر منك عن هذه الزلة الكيبوردية : حروف ريحاني وأبيات زنبقي
والصواب
حروف رياحيني وأبيات زنبقي

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشرف حشيش     لله أنت أخي الوليد لا أدري كيف أشكرك على هذه الإطلالة الراقية وأعتذر منك عن هذه الزلة الكيبوردية : حروف ريحاني وأبيات زنبقي والصواب حروف رياحيني وأبيات زنبقي

لا أخفي عليك لمست ُ الخلل
ولكني شكيت في ذائقتي وطريقة قراءتي
فلم أشأ أن أقف عنده ...
وشكرا لما تتصف به من شجاعة
سأصوبها في القراءة بحول الله
أتمنى منك أن تدخل على النص في قسم النقد ذاك أنك
الشاعر المحتفى به ...

مودتي

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوليد دويكات     لا أخفي عليك لمست ُ الخلل ولكني شكيت في ذائقتي وطريقة قراءتي فلم أشأ أن أقف عنده ... وشكرا لما تتصف به من شجاعة سأصوبها في القراءة بحول الله أتمنى منك أن تدخل على النص في قسم النقد ذاك أنك الشاعر المحتفى به ... مودتي

بوركت أخلاقك النبيلة يا بن نابلْس الشماء

نابلس فوق الشمس من نور ونار

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشرف حشيش     بوركت أخلاقك النبيلة يا بن نابلْس الشماء نابلس فوق الشمس من نور ونار

ومن نابلس لك السلام ...

من أجمل وأشف
ما قرأت لك
دمت مشرقاً في عالم المبدعين
محبتي