إنما الأعمال بالنيّات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه قال :
سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنّما الأعمالُ بالنيّات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لِدُنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الحديث الشريف بالغ الأهمية ، فقد رواه الجماعة .
والجماعة بالاتفاق هم أصحاب الكتب الستة الشهيرة وهم :
أولا : البخاري ،،، حيث رواه في صحيحه في كتاب بدء الوحي وجعله أول أحاديثه ، وأعاده في ستة مواضيع ، وذلك نظرا لأهميته .
ثانيا : مسلم ،،، رواه في صحيحه في كتاب الإمارة .
ثالثا : أبو داوود ،،، رواه في سُننه في كتاب الطلاق .
رابعا : الترمذي ،،، رواه في سننه في كتاب فضائل الجهاد .
خامسا : النَّسائي ،،، رواه سننه في كتاب الطهارة .
سادسا : ابن ماجه ،،، رواه في سننه في كتاب الزهد .
هؤلاء هم الجماعة ومصنفاتهم الستة التي تعتبر من أهم مصنفات الإسلام ، وحديث يُروى على هذا النحو والاهتمام يدل دلالة قاطعة على عظمته وأهميته .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أهميته :
أعظم ما يدل عليها عظمة ومكانة الراوي ! وهو :
الصحابي الجليل أمير المؤمنين ، ثاني الخلفاء الراشدين : عُمر بن الخطّاب بن نُفيل العدوي القرشي ، الذي كنّاه الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي حفص ،،، وطبعا حفص من أسماء الأسد ، ويُلقب بالفاروق ، وذلك أن الله تعالى فرق به بين الحق والباطل حين أعلن إسلامه رضي الله عنه .
وقد وُلد عمر بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة ، وأسلم في السنة السادسة للبعثة .
ومن مناقبه : أنه شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبويع بالخلافة في السنة الثالثة عشرة للهجرة بعد وفاة الصحابي الجليل والخليفة الأول أبي بكر الصديق رضوان الله تعالى عليه ، وذلك بوصية منه إلى عمر ،،، حيث استكملت في عهده أكثر الفتوحات في آسيا وإفريقيا ،،، وظل خليفة عشر سنوات ونصف تقريبا حتى استشهد في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ،،، رضوان الله تعالى عليه .
ما سبب ورود هذا الحديث ؟
الجواب : روى الطبراني في مُعجمه بسنده إلى الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
كان فينا ( أي في جماعتنا ) وفي بلدنا ( أي في مكة ) رجل خطب امرأة يقال لها ( قَيْلَة ) وتُكنّى بأم قيس ،،، وكانت في المدينة ، فأبت أن تتزوجه حتى يُهاجر إليها في المدينة ! .
فهاجر هذا الصحابي من مكة إلى المدينة فتزوجها ،،، فصاروا إذا رأوه قالوا عنه : مُهاجر أمّ قيس ،،، ولهذا تم ذكر المرأة فيه بالخصوص كمثال ولم يتطرق لأمثلة أخرى غير المرأة .
ولا بد أن الرسول سمع الصحابة وهم يسمون الرجل بمهاجر أم قيس ، بمعنى أن الصحابة أحدثوا سبباً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال حديثه هذا وذكر المرأة كرد فعل لهذا السبب .
ــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
إنما الأعمال بالنيات :
حصر وقصر بـ ( إنما ) ،،، وهو أسلوب بلاغي حيث تم تقديم إنما على الجملة لتقتصر الأعمال على النيات وتنحصر بها فقط ! .
كأنه صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن العمل بغير نيّة لا يُعد عملا ! وذلك واضح من كلامه الذي لا يُراجع فيه ولا يُرد .
وكلنا نعرف أن الأعمال من غير نية لا تعد أعمالا صالحة وعبادات يقبلها الله سبحانه وتعالى ، كالصوم إن كان تعبداً لله فهو من الأعمال الصالحة ، وإن كان بهدف الحمية والرشاقة فقط فهو مردود ولا يورث إلا الجوع والعطش .
ورد في بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : الأعمال بالنيات ،،، من غير إنما .
إن كان قالها ،،، فالجملة لا تقل بلاغة عن الأولى ،،، فالأولى كما قلنا حصر وقصر ،،، أما الثانية فهي حصر ، لأنه قدم الأعمال وهي الأشياء المعمولة على الجار والمجرور ، وهو أسلوب بلاغي ولكن ما من شك أن أسلوب إنما أقوى لأنها أداة حصر وقصر واضحة .
والجار والمجرور لا يقوم بذاته ، بل لا بد له من فعل ، هذا الفعل يتضح من سياق الكلام أنه محذوف مقدّر .
هو صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : إنما الأعمال بالنيات ،،، وحتى يتضح الهدف ، كأنه صلى الله عليه وسلم أراد بقوله : إنما الأعمال ( مقبولة أو معتمدة أو معتبرة أو مرتبطة ) بالنيات !!! ولكنه لم يلفظها صراحة فصارت محذوفة .
أما الأعمال :
جمع عمل سواء أكان ظاهراً أم باطنا والذي يُقرن بالنية .
أما النيات :
جمع نية ،،، وهي القصد ، وتعرف اصطلاحا أنها : العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله عز وجل ، محلها القلب ولا علاقة للجوارح بها ، ويثاب عليها المسلم .
وإنما لكل امرئ ما نوى :
وتعني : أن من نوى أمرأ يحصل له ، ومن لم ينوِ لم يحصل له ! .
وورود كلمة ( إنما ) مرة ثانية في جملة ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) لها من الفوائد ما يلي :
أولا : تعيين الفعل المنوي فعله ، وهو اشتراط طبعا .
ففي الجملة الأولى ( إنما الأعمال بالنيات ) جاءت النيات بشكل عام ومطلقة وغير محددة ، أما في الجملة الثانية ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) فقد جاءت محددة للفعل ومعينة له .
مثال : نوى رجل الصوم وحسب ،،، هذا عمل صوم غير محدد ! وهو قوله ( إنما الأعمال بالنيات ) .
ولكن إن حدد الصوم بنيته كصوم رمضان أو الإثنين والخميس أو صوم الدهر أو أي صوم يتقرب فيه إلى الله تعالى ، فإنه يكون بهذا قد حدد وعيّن الفعل ،،، وهو قوله ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
ثانيا : منع الاستنابة ،،، والاستنابة هي أن تُنيب غيرك في نيَّتك للقيام بالعمل .
ففي الجملة الأولى ( إنما الأعمال بالنيات ) كان شرطها النية فقط للقيام بالعمل ، ولم تشترط أن يقوم العامل نفسه بالعمل ! إذ بالإمكان إنابة غيره ، وهذا وارد في كثير من الأعمال ولا ضير منه .
أما في الجملة الثانية ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) فقد منعت الإنابة نهائيا ، واشترطت قيام العامل بالنية لأنها حددت العامل بكلمة ( امرئ ) .
ثالثا : التوكيد .
ففي الجملة الأولى كان القول إنما الأعمال بالنيات مجملا ،،، أما الجملة الثانية فأكدت النية لكل امرئ أو فرد أو رجل / امرأة أو مخلوق بشري وهكذا ،،،،،،، ألخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمن كانت هجرته :
الهجرة لغة هي الترك ، أي ترك الشيء ، فَهَجَرْتُه أي تركته .
أما الهجرة شرعا فهي : مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام وذلك خشية الفتنة ورغبة في إقامة الدين .
وعموما حتى تكون الهجرة شرعية ويُثاب فاعلها يجب أن ترتكز على أربعة ركائز :
1- : مفارقة دار الكفر والفسوق والعصيان .
2- : الخشية من الفتنة على النفس والمال والعِرض .
3- : الهجرة إلى دار إسلام وإيمان .
4- : القصد السامي من الهجرة وهو إقامة الدين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
لِدُنيا يصيبها :
الدنيا لغة معناها القريبة أو الدانية منك أو على مقربة منك ،،، ومعروف أن الأول أقرب من الثاني حتى في العدد ، فعقليا إذا أردنا العدّ نقول : واحد أثنان وهكذا لأن الواحد أقرب إلى العقل من اثنين لأنه الأول في الابتداء .
وحتى إذا اصطف الرجال كالطابور مثلا أمام القاضي أو الحاكم أو أي شيء يستدعي الاصطفاف ، يكون الرجل الأول هو الأقرب للقاضي أو الداني من القاضي .
إذن من الشرح هذا تظهر لنا معلومة جديدة بشأن الدنيا ! ،،، وهي أنها الأولى فعلا قبل الآخرة كالرجل الأول في الطابور ،،، والآخرة هي الثانية والأبعد من الأولى ،،، أليس كذلك ؟
إذن نستنتج أن الدنيا سُميت بهذا لأنها سبقت الآخرة بصفتها الأولى قبلها ،،، وهذا بصفة عامة للفظة دُنيا .
أما على وجه الخصوص فهي زيادة على ما سبق : الأرض بما فيها من هواء وجواهر ومخلوقات وأعراض ،،، وكل الكون بمجراته وأفلاكه ونجومه وشموسه وأقماره والأرضين .
فلما قال : لدنيا يصيبها كان يقصد هذه الأولى الدنيا القريبة منه ليسترزق الله فيها كزرع أو رعي أو تجارة أو وظيفة تدر عليه الرزق الحلال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أو امرأة ينكحها :
أي يتزوجها ،،، وسبقت الإشارة إلى ( مُهاجر أم قيس ) وأن القوم صاروا ينعتونه بتلك الصفة ! ولا ضمانة بجانب قالة السوء ( طبعا ليس المقصود الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين بقالة السوء ) من أن يتحول الموضوع إلى هزء وسخرية من الرجل حتى يلصق به اللقب الهازئ ( مهاجر أم قيس ) .
فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكمته وبعد نظره وذكائه الحاد أيضا أبعاد هذه التطورات إن حدثت ، وأن الرجل يحز في نفسه أن يسمع فيه قول السخرية كـ . جاء مهاجر كذا ،،، وذهب مهاجر كذا ،،، والمشكلة أنها هجرة لا تقترب بحال من الأحوال من الهجرة الشرعية التي بيّنّاها سالفا ، فيتألم نفسيا وإن لم يُبدِ لهم ولأصحابه ألمه !!! وربما يندم أن تزوج تلك المرأة ، وربما بادر إلى طلاقها ليُغلق القضية ! أو ربما يقاطع مكة نهائيا إن أراد الاحتفاظ بالزوجة ويسكن حيث هي ، وبالتالي يقطع صلة أرحامه بمكة وهذا إثم عظيم .
الموضوع كبير جدا أكبر مما يتصوره البعض ، وأكبر من مجرد مزاحه أو مداعبه أو معابثة بعبارة ( مهاجر أم قيس ) .
إنه الخوف من التطورات كالهزء ،،، ولو لم يكن الهزء بالغ الأذى ، لما قال الله في محكم تنزيله : إنّا كفيناك المُستهزئين .
فانبرى رسول الله ورسائل عيونه تكاد تقول : معظم النار من مستصغر الشرر ، ولكن من يقرأ تلك الرسائل ؟
ثم قال حديثه هذا ، الحديث العملاق بمعانيه وتعاليمه ورسائله .
فقال : أو امرأة ينكحها ،،، كرد فعل مقابل الحدث القائم لينهي الموضوع من جهة ،،، وليبين أهمية المرأة من أخرى ،،، ومن ثالثة أن المرأة قضية حياتية وليست عبثاً !!! .
ففي البلاغة في التعبير أن يتم ذكر الخاص بعد العام ،،، والدليل قوله : لدنيا يصيبها وهو العام ، ثم قال أو امرأة ينكحها وهو الخاص ،،، وكما هو معلوم أن نكاح المرأة يعد خاصا من عام وهي الدنيا ،،، فلرب رجل طاف الدنيا ليصيبها فلم يجد غير امرأة فتزوجها فصارت دنياه وحبيبته وأم أولاده .
آه !!! ما أعظم هذا الرجل الذي يُقال له : محمد بن عبد الله ، رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ،،، إن قال شيئا فلا تعقيب على قوله ! بل السمع والطاعة .
فما انتهى الرسول من قوله حتى ظهرت الأحكام وتكالب الجميع على دراسته وإيضاحه وإبراز فوائده ومزاياه ( أي مزايا هذا الحديث العظيم ) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
الفوائد والمزايا :
أولا : السّند .
الله الله ،،، لمن يُسند هذا الحديث ؟
إنه السند الثابت القوي : عُمر !!! هذا الرجل الذي أعدّه مندوبا ساميا فوق العادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حيث قال الخطّابي أنه ( أي الحديث ) لا يصح مسندا إلا عن رواية عمر بن الخطّاب رضي الله عنه .
ثانيا : ماز بالإفراد أو الفرد المُطلق : أي تفرّد به رواة عمالقة نهاية إلى السند الثابت ،،، كيف ؟
إن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله إلا عن طريق عمر بن الخطاب .
ولا يصح عن عمر ابن الخطاب إلا عن طريق عَلْقَمَة .
ولا يصح عن علقمة إلا عن طريق محمد بن إبراهيم التّيْمِي .
ولا يصح عن محمد بن إبراهيم التيمي إلا عن طريق يحيى بن سعيد الأنصاري .
ثم
عن يحيى بن سعيد الأنصاري تمت شهرة الحديث وروته الجماعات منهم الجماعة أصحاب الكتب الستة التي ذكرناها في بداية القول .
إذن نخرج بفائدة وهي : أن أحاديث الأفراد هي الأحاديث التي تفرّد بها راوي عن راوي ، كما سلف ووضحناه .
ثالثا : المَتْن .
يعتبر هذا الحديث من أتم متون السُّنّة وأحسنها ، كما يُعد من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه وسلم .
انظروا كيف حصر العمل بالنية ، ثم كيف حددها وأكدها ،،، طبعا هو أراد العمل المقبول .
رابعا : هذا الحديث يعتبر ثُلث الإسلام !!! .
كيف ؟
هناك ثلاثة أحاديث هي مدار الإسلام وهي :
1- : هذا الحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) .
2- : حديث ( من حسنِ إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) .
3- : حديث ( الحلال بيّنٌ والحرام بيّن ) .
هذا الأحاديث الثلاثة عليها دار الإسلام كما أجمع العلماء ،،، إلا أن الإمامان أبو داوود والدار قَطْنِي قالا : أن مدار الإسلام على اربعة أحاديث ! حيث ذكرا الثلاثة وأضافا الرابع وهو : حديث ( ازهد بالدنيا يحبك الله وازهد عما في أيدي الناس يحبك الناس ) .
ورغم علو مقام كل من أبي داوود والدار قطني إلا أن ما سلف أشهر ،،، أي (مدار الإسلام على ثلاثة أحاديث ) .
إذن طالما هي ثلاثة أحاديث ،،، فالأول ( إنما الأعمال بالنيات ) يعتبر الثلث ،،، أي ( ثلث الإسلام ) !!! وذلك كما قال أبو عبيد الهروي رحمه الله تعالى وبما معناه : أنه ليس في أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا أجمع وأشمل وأغنى وأكثر فائدة وأعم توجيها وأوضح تحديدا للمسئولية وأبلغ في الهدف من هذا الحديث ! .
ويكفي عناية العلماء به ! حيث صدروه مصنفاتهم وجعلوه أول أحاديث كتبهم ، وسبقت الإشارة إلى الجماعة ومصنفاتهم .
ولا نستثني الحافظ ابن دحيه العالم الجليل : حيث كتب شرحه الشهير المعروف باسم ( جمع العلوم الكليّات في الكلام على حديث إنما الأعمال بالنيات ) .
وربي أيها الأحبة ،،، لحديث يحظى بهذا الاهتمام ، لهو دلالة على أنه ثلث الإسلام حقا .
خامسا : وجوب اقتران النية بالعمل .
من الصعب تمييز العبادة عن العمل ، ومن الصعب تمييز العبادات والأعمال بعضها عن بعض إلا بالنية .
والنية وإن كانت واجبة الاقتران بالعمل إلا أن التلفظ بها يعد ( بِدْعة ) عند أهل العلم ، وذلك لأننا نتعبد لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ! سبحانه وتعالى .
حيث لا حاجة للتلفظ أو التصريح المطلق بها .
ولكن ،،، بعض متأخري الشافعية أجازوا التلفظ بالنية ! وذلك قياسا على تلبية الحاج أو المعتمر إذا نوى الحج أو العمرة حيث يقول : لبيك اللهم حجا أو لبيك اللهم عمرة وإن كان قارنا قال : لبيك اللهم حجا وعمرة ،،، إضافة للتلبية بقوله : لبيك اللهم لبيك ،،، فإنه يتلفظ بها لفظا مطلقا ، وعليه استدلوا بجواز التلفظ بالنية ،،، طبعا المقصود بمتأخري الشافعية أي القريبون من العصر الحديث أو الأجيال التابعة للأجيال السالفة السابقة لهم بالزمن .
وعموما ما سبق من أنها بدعة أصح ! إذ لا يعتبر قول الحاج أو المعتمر قياسا على شرعية التلفظ بالنية .
لأنه كما ورد عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى قوله : أن قول الملبي لبيك اللهم حجا ،،، ألخ ، يُعد إظهارا لشرعية التلبية أو نسك التلبية فقط ولا يُعد نطقا بالنية .
بمعنى أنها كتكبيرة الإحرام في الصلاة وحسب ، إذ لا تنعقد الصلاة بدون تكبيرة الإحرام ، وكذلك لا ينعقد الحج أو العمرة بدون التلبية .
سادسا : وجوب الإخلاص لله في العبادات والمعاملات .
وكل ذلك بسبب النية الخالصة لله عز وجل ، لأنها قضت بخلوص العمل لمن نوينا له العبادة ، وهو الله سبحانه وتعالى .
وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى قسمين :
1-: قسم ابتغى وجه الله بعمله .
2-: قسم ابتغى أمراً من أمور الدنيا .
والحكمة من تقسيمه صلى الله عليه وسلم هي الحث على الإخلاص لله عز وجل بالنية والقصد .
سابعا : إيضاح الهجرة .
وضح لنا مشروعية الهجرة التي يثاب فاعلها بقوله : فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ،،، الحديث .
حيث أنها من الأعمال الصالحة لأن المقصود بها وجه الله تعالى واتباع رسوله ، وسبق الحديث عن الهجرة .
ونذكر في عموم الهجرة ما يلي :
وقعت الهجرة في الإسلام على عدة حالات وهي كما وضحها العلماء كما يلي :
1-: الهجرة الأولى ،،، إلى الحبشة وكانت على مرحلتين أو هجرتين .
2-: الهجرة الثانية ،،، من مكة إلى المدينة وقام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .
3-: الهجرة الثالثة ،،، هجرة القبائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح لمجاورته ولتعلم العلم .
4-: الهجرة الرابعة ،،، هجرة من أسلم من أهل مكة ، كأن يهاجر إلى الرسول ثم يرجع إلى بلده كما فعل صفوان بن أمية ،،، ومهاجرة الفتح ، الذين أسلموا من أهل مكة بعد بدر وأُحُد .
وسموا بمهاجرة الفتح لأنهم هاجروا قبيل الفتح .
5-: الخامسة هي الهجرة المعنوية !!! حيث ما سبق تعد حسية لأن الفرد ينتقل بجسده وماله من بلد إلى بلد .
أما المعنوية فهي هجر ما نهى الله عنه من المعاصي ( الترك المطلق للشيء ) فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه .
6-: الهجرة السادسة ،،، وهي هجرات آخر الزمان للفرار بالدين ، وآخرها الهجرة إلى بلاد الشام في آخر الزمان .
فقد روى أبو داوود في سننه بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله يقول : ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجرة لإبراهيم عليه السلام ويبقى في الأرض شرار أهلها ، وذلك إنما يكون في آخر الزمان وقبل قيام الساعة وهو في زمان ومكان علمه عند الله عز وجل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
انتهى .
ـــــــــــــــــــــــ
حسين الطلاع
27/7/2013
المملكة العربية السعودية - الجبيل