جرت العادة في حفلات رأس السنة أن يلبس المحتفلون الأقنعة التنكرية..كثيراً ما لفت نظري هذا المشهد ورغم انني قاطعت هذه الحفلات منذ زمن إلا أن ذات السؤال كان يطل برأسه علي كل عام..لماذا لا يودعون الأقنعة التى لبسوها طوال عام مع اللحظات الأخيرة من العام الذي يوشك على الرحيل..لماذا لا يستقبلون عامهم الجديد بوجوههم الأصلية ..ألا يجب ان تكون البدايات أكثر نقاءً وشفافية؟
أنا شخصياً استقبلت عامي الجديد برفقة ذاتي وفنجان قهوة مركزة وبعض زهرات التوليب كانت تطل برؤوسها من مزهرية أنيقة بشقاوة مستفزة..تمعنت في نفسي أمام مرآتي غير المرئية..استعرضت كل سلبياتي وإيجابياتي خلال عام ...اكتشفت انني أخطأت كثيراً بحق نفسي..خيارات خاطئة...تنازلات.. أحلام بقيت معلبة لم أستطع أن أخرجها للنور.. وقت مهدور..كلمات عاجزة لم تستطع ان تترجم مشاعري كما يجب..ثقة غير مدروسة..
يبدوا أن سنين العمر التى تجاوزت الخمسين لم تكن كافية لتعطيني الخبرة الكافية للحكم على المواقف والأشخاص....إصراري على عدم التغير والتعامل بتلقائية شجعت البعض للقفز على سور خصوصيتي واستغلال تلك المساحة النقية من قلبي..
عام مضى مرّ علي فيه أنماط من البشر بعضها أضاف لي وبعضها أخذ مني..هناك بعض البشر يجيدون بيع الوهم المغلف بشرائط الكذب الملونة وهؤلاء سرعان ما تكشفهم الأيام..وهناك من يسألون عنك ويفتقدونك لإنك تعني لهم الكثيروتجمعك بهم مواقف انسانية بحتة ..هؤلاء هم من يحتفظ بهم القلب..
اكتشفت أن المشاعر أثمن من أن نقدمها على شيك من بياض لمن لا يقدر قيمة النبض وأن الصداقة الحقيقية خرافة تسكن مخيلتنا ..تفقأ توقعاتنا عند أول اختبار حقيقي مع بعض الاستثناءات..
اكتشفت كم هي رائجة صناعة الكلام المزركش..كلام بكل الألوان..مبهر شكلاً لكنه فاقد للحياة والمعنى.. كنت أعرف بأن حبل الكذب قصير وأن الصدق منجي..هكذا تعلمت لكنني اكتشفت ان الكذب هو أقصر واسرع طريق للوصول للهدف..
تبدلت وجوه الكائنات البشرية فأصبحت أكثر شراسة ووحشية.. تبدلت النفوس فأصبحت أكثرأنانية ونرجسية..حتى الأماكن أصبحت أشبه بغابة خارجة من معركة ..دمار وقتل ودماء احتلت بلونها الأحمر كل المساحات..
عام مضى سقطت فيه أقنعة وظهرت وجوه لأول مرة.. كم هي بشعة شكل تلك الوجوه وكم هي صادمة الحقائق المخفية..
عام مضى فيه تلاشى التسامح من أفقنا الإنساني ..تلاشت فيه العفوية والشفافية..اختفت الضحكة الحقيقية وحلت محلها ابتسامة مهزوزة لاتلبث ان تتوارى على عجل..
عام مضى خربش بقسوة على جدران الذاكرة مشاهد مشبعة بالألم ..كوابيس تسربت من أحلامنا لتسكن صحونا..وتنهيدة أبت أن تفارق صدورنا المشبعة برائحة الظلم..ودمعات حرّى جرت ومازال في المخزون الكثير..دمعات جسدت قمة عجزنا..لم تعد المرارة نذوقها في فنجان القهوة فقط..بل باتت المرارة تجلدنا كلما تعالت أصوات المعذبين في الأرض.
عام انطوى والحصار يضيق على أبناء وطني والظلم يتبختر بوقاحة لا تسترعورته إلا مبادرات صفراء..مكتوبة بمكر ودهاء..وعيون كثيرة تتساءل لما نحن..ونحن فقط ابتلينا بهذا البلاء؟؟
عام مضى بأفراحه القليلة وأتراحه الكثيرة التى زادت أرقاماً مذهلة في تعداد اليتامى والأرامل والثكالى..أما الشهداء فقد فاقوا قدرة العقل على الحسابات..
عام مضى وقبل أن يمضي أخرج لنا لسانه وأضاف عاماً لعمرنا..نعم كبرنا..باتت التجاعيد تجاهر بظهورها..وفي لحظة انبلاج صبح أول يوم في العام الجديد امتدت يدي الى قلبي..تحسست نبضي..ياترى هل انتقلت له عدوى التجاعيد..هل مازالت نبضاتي قادرة على ضخ الحياة في خلاياي..
تطلعت الى المستقبل بترقب ورجاء..رحلة جديدة علي أن أحضر لها...علي أن ألملم في عجالة بعض مشاريعي المؤجلة من عام هرول مسرعاً لينضم الى الأعوام التى سبقته ويتقاعد على أحد أرفف النسيان..
عام مضى وظل سؤالاً يجوب عقلي ..ياترى لماذا نحتفل بهروب عام من عمرنا؟؟ هل هو فرح بانصرام عام لم يحقق لنا أحلامنا..أم هو فرح وهمي لرشوة العام الجديد حتى لا يٌخيب أمالنا المعلقة في رقبته..
مضى الوقت مسرعاً ..برد فنجان القهوة بين يدي..ذبلت عيناي فاستسلمت لإغماضة رغم ضحكات الفجر الشقية التي فتحت الستار لأول يوم من أيام عام 2015.
كم كان عاما جائرا.. طوي كباقي الأعوام
وتكدّس بتفاصيلة في ذاكرة التأريخ
ومنحنا الكثير من الأوجاع التي ستطاردنا لعنتها مدى الحياة
نجهل الكثير.. لكن أعظم ما نجهله هي إرادة الله فينا ومنا
والأيام تمضي والذكرى في عقولنا باقية
مازال حرفكِ في نظري أروع حروف النبع
إنحناءة لقلمكِ المفعم بالصدق
كم كان عاما جائرا.. طوي كباقي الأعوام
وتكدّس بتفاصيلة في ذاكرة التأريخ
ومنحنا الكثير من الأوجاع التي ستطاردنا لعنتها مدى الحياة
نجهل الكثير.. لكن أعظم ما نجهله هي إرادة الله فينا ومنا
والأيام تمضي والذكرى في عقولنا باقية
مازال حرفكِ في نظري أروع حروف النبع
إنحناءة لقلمكِ المفعم بالصدق
الغالية حنان،
قراءة رائعة للمعاناة أضفتها للنص يا حنان..لقد رحل العام الماضي لكن أثاره باقية في الذاكرة لا تغيب..
نتمنى أن يكون القادم أجمل ليرمم ما فعلته السنين الرحلة...
أشكرك من كل قلبي على كلماتك الطيبة المنصفة في حق قلمي..هذا من طيب أصلك أيتها الأديبة الطيبة الحنونة..
باقات من أصدق الدعوات لك ولأحبتك بعام جديد تحققين فيه كل ما تتمنين وتسعدين بالأمن وراحة البال...
وها انتِ تكتبين بتلك التلقائية التي سببت لكِ الكثير..
وانا اقرأ ما كتبتيه..واعد القراءة له ..كتمت انفاسي..ربما اننا لن نتعلم..وان احسسنا بكم منا ظلم...واستغفل..واستغل
ربما اختي سلوى وزميلتي وصديقتي..الرد هنا لايفي..فما كتبتيه بصدق الانفعال والرؤيا والمشاعر لما حولك وما حولنا
كأنكِ تهدينا مرآة فيها وجهنا الاخر الذي لا نقوى احيانا ان نظهره..
سلوى الفاضلة...كتبت خاطرة باسم ثرثرة...جالت بنفسي ذات الخواطر.. وكتمت بعضها واشهد انكِ اشجع مني هنا في ترجمتها
اعطر التحايا واعذب السلام
وها انتِ تكتبين بتلك التلقائية التي سببت لكِ الكثير..
وانا اقرأ ما كتبتيه..واعد القراءة له ..كتمت انفاسي..ربما اننا لن نتعلم..وان احسسنا بكم منا ظلم...واستغفل..واستغل
ربما اختي سلوى وزميلتي وصديقتي..الرد هنا لايفي..فما كتبتيه بصدق الانفعال والرؤيا والمشاعر لما حولك وما حولنا
كأنكِ تهدينا مرآة فيها وجهنا الاخر الذي لا نقوى احيانا ان نظهره..
سلوى الفاضلة...كتبت خاطرة باسم ثرثرة...جالت بنفسي ذات الخواطر.. وكتمت بعضها واشهد انكِ اشجع مني هنا في ترجمتها
اعطر التحايا واعذب السلام
القدير قصي المحمود..
فعلاً أخي قصي أنا وقفت أمام مرآة النفس قبل أن اكتب هذا النص لأرى وجهي بدون قناع..لأواجه نفسي بأخطائي قبل أي شيئ ..هذا ما نحتاجه حتى نستحق لقب إنسان..
كتبت بكل صدق ما ترسب في عقلي ووجداني خلال عام..وما أكثر السلبيات رغم انني لست من المتشائمين لكن اظهار السلبيات جزء من التفاؤل من وجهة نظري..الخوف من المواجهة شيئ خطير وقد يودي بنا الى غياهب الإحباط والكأبة..
كلنا نتشابه يا أبا عامر لإننا كلنا في خانة البشر..كلنا له جانب مضئ وجانب مظلم في حياته..لهذا علينا أن نضع بعض الإضاءات على الجانب المظلم لعل وعسى نستطيع ان نقلل من هذه العتمة..
أسعد كثيراً بمداخلاتك العميقة ومتابعتك لنصوصي..أشكرك على هذا الدعم الأدبي الهادف..
كل عام يمر يلقننا دروسا غاليتي سلوى
منها القاسي و منها الأقل قسوة و ضراوة.
و ما الحياة الا مدرسة ، لنعيشها و نُدوِّن
ما تلقيه على مسامعنا من محاضرات.
البشر أنماط و أنواع و لكل طينته و طعمه و لونه
تماما كالفاكهة...لنأكل ما يروق لنا و يمتعنا و يفيدنا
و نبتعد عما لا يلائم ذائقتنا و تركيبتنا.
للبعض حساسية من الفراولة رغم أنها محببة لأغلب الناس.
فلا تخدعنا المظاهر و لنغوص في أعماق من نعاشر
و ان خُدِعنا فهذا ليس ذنبنا...
ذنبنا أننا نحكم على بعضهم
من خلال طيبتنا و نقاءنا متصورين أنها صفة عامة من صفات بني آدم.
لا عليك عزيزتي...عام يمر ليكشف لنا حقائق لم نكن لنعرفها لولا
مرور الأيام....يمر كي لا نبقى عالقين بنفس الفترة مع نفس المقَنَّعين
مروره نعمة يا سلوتي لو تدرين....فبمروره يتثبت الثابت
و يسقط المزيف....بمروره نزداد حكمة و تجربة
بمروره تتلاشى الصور البالية و الذكريات الأليمة.
عام يمر و الحمدلله أنه يمر
نصك سلوتي رائع كالعادة حرك في العديد من المشاعر
و أعاد لذاكرتي العديد من الأقنعة التي صادفتها في حياتي
و رميتها في مزبلة الأعوام التي مضت.
فكوني بخير و لا تبخلي علينا بابداعك و هطولك
النافع الذي يساعدنا دائما على مواجهة الذات
و مراجعة النفس.
كل عام و أنت بخير سلوتي.
كل عام يمر يلقننا دروسا غاليتي سلوى
منها القاسي و منها الأقل قسوة و ضراوة.
و ما الحياة الا مدرسة ، لنعيشها و نُدوِّن
ما تلقيه على مسامعنا من محاضرات.
البشر أنماط و أنواع و لكل طينته و طعمه و لونه
تماما كالفاكهة...لنأكل ما يروق لنا و يمتعنا و يفيدنا
و نبتعد عما لا يلائم ذائقتنا و تركيبتنا.
للبعض حساسية من الفراولة رغم أنها محببة لأغلب الناس.
فلا تخدعنا المظاهر و لنغوص في أعماق من نعاشر
و ان خُدِعنا فهذا ليس ذنبنا...
ذنبنا أننا نحكم على بعضهم
من خلال طيبتنا و نقاءنا متصورين أنها صفة عامة من صفات بني آدم.
لا عليك عزيزتي...عام يمر ليكشف لنا حقائق لم نكن لنعرفها لولا
مرور الأيام....يمر كي لا نبقى عالقين بنفس الفترة مع نفس المقَنَّعين
مروره نعمة يا سلوتي لو تدرين....فبمروره يتثبت الثابت
و يسقط المزيف....بمروره نزداد حكمة و تجربة
بمروره تتلاشى الصور البالية و الذكريات الأليمة.
عام يمر و الحمدلله أنه يمر
نصك سلوتي رائع كالعادة حرك في العديد من المشاعر
و أعاد لذاكرتي العديد من الأقنعة التي صادفتها في حياتي
و رميتها في مزبلة الأعوام التي مضت.
فكوني بخير و لا تبخلي علينا بابداعك و هطولك
النافع الذي يساعدنا دائما على مواجهة الذات
و مراجعة النفس.
كل عام و أنت بخير سلوتي.
الغالية ليلى ..
رد جميل جداً فيه من الحكمة الكثير..لقد تفوق على النص الأصلي..
أقتبس هذا الجزء الرائع..
عام يمر ليكشف لنا حقائق لم نكن لنعرفها لولا
مرور الأيام....يمر كي لا نبقى عالقين بنفس الفترة مع نفس المقَنَّعين
مروره نعمة يا سلوتي لو تدرين....فبمروره يتثبت الثابت
و يسقط المزيف....بمروره نزداد حكمة و تجربة
بمروره تتلاشى الصور البالية و الذكريات الأليمة.
صدقت في كل كلمة قلتها هنا...بمرور الوقت يتثبت الثابت ويسقط المزيف...