فالنّفس اللّوامة هي النّفس التي تلوم ذاتها كثيراً ، فنفس المؤمن اللّوامة تلومه على فعل الذنوب و الشّر و تحثه على سرعة الاستغفار منها ، و تكون دافعاً للمؤمن تشحنه بالقوة و العزيمة ليستكمل عبادته و انتهاج طريق الخير و الطّاعة في أعماله و أقواله كلّها ، و المؤمن بنفسه المتوقّدة يرى ذنبه كبيراً و إن صغُر و الكافر و الضالّ يرى ذنبه صغيراً و إن كبُر ، ففي الحديث إنّ المؤمن يرى ذنبه كأنّه جبلٌ يوشك أن يقع عليه و الكافر يرى ذنبه كأنّه ذبابةٌ حطّت على أنفه فأزاحها بيده فطارت ، فثمّة فرقٌ شاسعٌ ما بين الصورتين . و هناك نوعٌ آخر من النّفس اللّوامة و هي النّفس الأمّارة بالسّوء التي تحثّ صاحبها على ارتكاب المعاصي و الشّرور ، فتأمره بالسّوء و تنهاه عن الخير ، فتراها دائما تحزن و تجزع إذا فاتتها معصيةٌ و العياذ بالله ، بينما ترى نفس المؤمن مطمئنةً دائماً و مستشعرةً معية الله سبحانه و تعالى لها ، فتراها تشكر الله في السّراء و تصبر في الشّدة و الضّراء ، تفرح بالطّاعة و تجد لذّتها و تحزن بارتكاب المعصية و تستشعر ألمها ، بل وإنّ المسلم تراه مشفقٌ على أهله أن تهلكهم الذنوب بل حتى على أحوال الضّالين ، فهو يحبّ سعادة النّاس جميعاً و فلاحهم في الدّنيا و الآخرة ، قال تعالى ( قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ) صدق الله العظيم .
كل شيئ يعتمد على الإيمان بالله تعالى وباليوم الآخر . من لا يؤمن بذلك ليس له نفس لوامة . قد يحس بأنه أخطأ في شيئ ويعتذر ولكنه اعتذار "تمدنى" و"حضارى" و"ايتيكيتى" و"جنتلمانى"..إلخ بدافعٍ من تقدم البشرية وبعدها عن التخلف في الحياة الدنيا فقط !