حروف بلا رؤوس
لم يكن في نيتي الكتابة إلى أن ينقشع كل هذا السواد... لكن شعورًا مبهمًا يُلحُّ عليّ منذ انتشار الصباح، يقلق سباتي ويدعوني لالتقاط بعض الحروف الثائرة في الآفاق.
حاولت أن أنفض الفكرة من رأسي وأخلو مرة أخرى إلى السبات... لكن الحروف المبعثرة من حولي انتصرت علي، نالت من سباتي، قضت مضجعي، ألحت وأصرت عليَّ إصرار عاشق متيم على البوح بقصة عشقه لأزهار الأرصفة والعتبات... فانصعت لرغبتها، وأخذت ألملمها من الزوايا والممرات، وأسكبها بالمداد الغامق على الأوراق.
ولدت الحروف بلا رؤوس؛ لا رؤوس فيها لتحنيها عند هجوم الريح، أو لتطلقها في مدار القيل والقال، أو لتقدمها كفدية، أو جزية، أو ضريبة أحوال... من أين آتيها برؤوس تتحمل جرأة الأفكار، تقاوم الصدمات، تصدُّ الضربات، تتلقف زخات الرعد والمطر، تتحمل الضغط دون أي انفجارات؟
كنتُ وجارٍ لي أصدقاء منذ الجاهلية الأولى، نتقابل في الأعياد والمناسبات، يهنئني، يعزيني، يواسيني، يتفقدني في كل الأوقات إلا عندما ينزوي إلى نفسه؛ ليتجرع ذكرياته بقتيله الذي قتلته أنا... ثم يعود لممارسة طقوس الجيرة والجوار كأن شيئًا لم يكن!
أذاعت الصحف العالمية ونشرات الأخبار في أوقات فراغها حكاية قتيل الجار وحكايتي... فانتفض الكون لهذا الخبر الأليم، وكبُر فعل القتل في مخيلة الجار، أصبحت السماء ملبدة بالفوضى، ملآى بالتكهنات، غنية بالعتب، مثقلة بالخوف، تترقب اللاشيء فتأخذ منه الحذرَ والاحتياط.
لم أكن في يومٍ أخشى قطيعة الجار، جاري الذي بعد أن مرَّ عليه ألف دهر تذكر قتيله وتذكرني، فقرر أن يقطع صلات الجيران، وأن يقيم عليَّ الحد، وينزل بيَّ شتى أنواع القصاص... فتواريت عن الأنظار، واختبأت داخل عزلتي؛ إلى أن تنتهي معركة الجار مع النار.
وسع دائرة البحث عني، طلب رأسي من بقية الجوار، الذين أعرفهم والذين لم يسبق لي أن رأيتهم حتى في المنام، بعضهم أبدى فروض الطاعة والولاء، وبعضهم مال في غير اتجاه... وأنا أراقب حالة الطقس المكفهرة، جيئة وذهابًا بين النوافذ والجدران، والحروف تغريني أن أقدم صدري عاريًا للطلقات... قطعت رؤوس الحروف وأهديتها إلى جاري؛ منتظرًا منه أن يعود مرة أخرى لممارسة طقوس الجيرة والجوار.
حروف بلا رؤوس
لم يكن في نيتي الكتابة إلى أن ينقشع كل هذا السواد... لكن شعورًا مبهمًا يُلحُّ عليّ منذ انتشار الصباح، يقلق سباتي ويدعوني لالتقاط بعض الحروف الثائرة في الآفاق.
حاولت أن أنفض الفكرة من رأسي وأخلو مرة أخرى إلى السبات... لكن الحروف المبعثرة من حولي انتصرت علي، نالت من سباتي، قضت مضجعي، ألحت وأصرت عليَّ إصرار عاشق متيم على البوح بقصة عشقه لأزهار الأرصفة والعتبات... فانصعت لرغبتها، وأخذت ألملمها من الزوايا والممرات، وأسكبها بالمداد الغامق على الأوراق.
ولدت الحروف بلا رؤوس؛ لا رؤوس فيها لتحنيها عند هجوم الريح، أو لتطلقها في مدار القيل والقال، أو لتقدمها كفدية، أو جزية، أو ضريبة أحوال... من أين آتيها برؤوس تتحمل جرأة الأفكار، تقاوم الصدمات، تصدُّ الضربات، تتلقف زخات الرعد والمطر، تتحمل الضغط دون أي انفجارات؟
كنتُ وجارٍ لي أصدقاء منذ الجاهلية الأولى، نتقابل في الأعياد والمناسبات، يهنئني، يعزيني، يواسيني، يتفقدني في كل الأوقات إلا عندما ينزوي إلى نفسه؛ ليتجرع ذكرياته بقتيله الذي قتلته أنا... ثم يعود لممارسة طقوس الجيرة والجوار كأن شيئًا لم يكن!
أذاعت الصحف العالمية ونشرات الأخبار في أوقات فراغها حكاية قتيل الجار وحكايتي... فانتفض الكون لهذا الخبر الأليم، وكبُر فعل القتل في مخيلة الجار، أصبحت السماء ملبدة بالفوضى، ملآى بالتكهنات، غنية بالعتب، مثقلة بالخوف، تترقب اللاشيء فتأخذ منه الحذرَ والاحتياط.
لم أكن في يومٍ أخشى قطيعة الجار، جاري الذي بعد أن مرَّ عليه ألف دهر تذكر قتيله وتذكرني، فقرر أن يقطع صلات الجيران، وأن يقيم عليَّ الحد، وينزل بيَّ شتى أنواع القصاص... فتواريت عن الأنظار، واختبأت داخل عزلتي؛ إلى أن تنتهي معركة الجار مع النار.
وسع دائرة البحث عني، طلب رأسي من بقية الجوار، الذين أعرفهم والذين لم يسبق لي أن رأيتهم حتى في المنام، بعضهم أبدى فروض الطاعة والولاء، وبعضهم مال في غير اتجاه... وأنا أراقب حالة الطقس المكفهرة، جيئة وذهابًا بين النوافذ والجدران، والحروف تغريني أن أقدم صدري عاريًا للطلقات... قطعت رؤوس الحروف وأهديتها إلى جاري؛ منتظرًا منه أن يعود مرة أخرى لممارسة طقوس الجيرة والجوار.
حروف بلا رؤوس
عنوان يجذب المتلقي للقراءة ، والعناون جاء حاملا صورة جميلة أبدعت الكاتبة في نسجها ، فقد
شبّهت الحروف بالأشخاص وحذفت المشبه به وأبقت شيئا من لوازمه على سبيل الإستعارة المكنية ...
النص :
اعتمدت فيه الكاتبة على المزج بحنكة وفطنة ودراية بين الخاطرة والسرد ، وأرى أن المبدعة ميساء تملك
مقوّمات الروائية بامتياز ، ربما تفاجئنا ذات قراءة بعمل روائي وهي أهلٌ لذاك ...
قامت بتوظيف الصور البيانية والإستعارات والمجازات بأسلوب جميل ورائع ، وقدمت حوارا داخليا مشوقا
إضافة لتقديم المشهد النفسي بوضوح حتى أن القاريء يجد نفسه ينظر من نافذة على صورة مرئية ومشهد
برعت في رسمه براعة تامة ...
كل هذا يدفعنا للقول : ميسااااااااااااااااااااااااااااء لا تغيبي
فقلمك رائع جدا
تحية لك كما تليق بك التحية
والشكر الموصول أرفعه لك لتلبية نداءاتي ...
أهلا بك مجددا في منتدى الأسرة الواحدة
عنوان يجذب المتلقي للقراءة ، والعناون جاء حاملا صورة جميلة أبدعت الكاتبة في نسجها ، فقد
شبّهت الحروف بالأشخاص وحذفت المشبه به وأبقت شيئا من لوازمه على سبيل الإستعارة المكنية ...
النص :
اعتمدت فيه الكاتبة على المزج بحنكة وفطنة ودراية بين الخاطرة والسرد ، وأرى أن المبدعة ميساء تملك
مقوّمات الروائية بامتياز ، ربما تفاجئنا ذات قراءة بعمل روائي وهي أهلٌ لذاك ...
قامت بتوظيف الصور البيانية والإستعارات والمجازات بأسلوب جميل ورائع ، وقدمت حوارا داخليا مشوقا
إضافة لتقديم المشهد النفسي بوضوح حتى أن القاريء يجد نفسه ينظر من نافذة على صورة مرئية ومشهد
برعت في رسمه براعة تامة ...
كل هذا يدفعنا للقول : ميسااااااااااااااااااااااااااااء لا تغيبي
فقلمك رائع جدا
تحية لك كما تليق بك التحية
والشكر الموصول أرفعه لك لتلبية نداءاتي ...
أهلا بك مجددا في منتدى الأسرة الواحدة
محبتي وباقات ورد
الوليد
الأستاذ العزيز الوليد دويكات
بداية أشكرك على توجيه الدعوة الكريمة وطبعًا لا أستطيع أن أتأخر على النبع الجميل
نعود لردكم الجميل والذي أثلج صدري وأبهج قلبي فليس أحب إلى قلبي إلا قراءة تشفي الغليل
سعدت بهذه القراءة العميقة والمتمهلة والتي أعادتني مرة أخرى إلى حروفي لأشكرها لأنها نالت إعجابكم الكريم
وحظيت بهذا الرد المميز
أشكرك من أعماق القلب أيها النبيل
وكل أمنيات التوفيق والسعادة أتمناها لك
الأستاذ العزيز الوليد دويكات
بداية أشكرك على توجيه الدعوة الكريمة وطبعًا لا أستطيع أن أتأخر على النبع الجميل
نعود لردكم الجميل والذي أثلج صدري وأبهج قلبي فليس أحب إلى قلبي إلا قراءة تشفي الغليل
سعدت بهذه القراءة العميقة والمتمهلة والتي أعادتني مرة أخرى إلى حروفي لأشكرها لأنها نالت إعجابكم الكريم
وحظيت بهذا الرد المميز
أشكرك من أعماق القلب أيها النبيل
وكل أمنيات التوفيق والسعادة أتمناها لك
عفوا أستاذ وليد فقط أردت النذكير أن الرد راق لي جدا
وقمت بنقله إلى منتداي عصفورة الشجن
تم حذف الرابط حسب القوانين المعمول بها
لذلك أردت فقط التنويه
وكل الشكر والتقدير
رائعة كما أنت دوما ميساء الغالية
اشتقنا حرفك بيننا
فأهلا بك وبحرفك الساطع
للتثبيت
ملاحظة
تم حذف الرابط الخاص بك لأن وضع الروابط مخالف لقوانين المنتدى..
حييت يابهية
شكرا لك ألأديبة العزيزة منيه الحسين
سرني جدا حضورك البهي وتفاعلك مع النص
وأسعدني تثبيت النص
أنا أيضا اشتقت إليكم كثيرا
وأحببت أن أكون بينكم الآن
باقات من الشكر والتقدير لك أيتها الرائعة