كان رأسي نافذ المفعول لوقت قريب جدا ، وللثقة العالية سلمته زمام الأمور وحق التصرف والتشبث بما في ذلك تعريتي وإعارة جلدي لمن لايعرف نعمة الدفء، أثناء حملة تعمير الرؤوس وجدت رأسي معطلا ً ومرميا ًفي ساحة السكراب وقد نهبت أغلب أجزاءه الرئيسية ، ووضعتْ قطعتان دائريتان من الصفيح الصدئ لا يتجاوز قطر كل منهما مبراة قلم الرصاص بدلا ً من عيوني ، ووضع َ خرطوم إبريق نايلون مكان أنفي فيما أغلق فمي غلقا ً محكما ً لفقدان كافة محتوياته الداخلية ، كلما حاولت الصراخ جرّاء الغبن الذي لحق بي أتذكر أن رأسي عاطل وكلما حاولت أن أستعيض عن الصراخ بالبكاء وأهيء دموعي أتذكر أن عينيّ مجرد قطعتين صدئتين.
أسمع ُ أصوات مطارق حديدية تطرق بقوة على الرؤوس المعطلة وأحدهما يحذر صاحبه .. انتبه.. كن حذرا ً .. أن الدم نجس ويسرعان بالطرق ، كما أحس أن خطوات تقترب مني في محاولة لتصليح رأسي أو تهشيمه إلى أجزاء للاستفادة من محتوياته كقطع غيار .، كنت خائفا ً جدا ً على جسدي الذي ظل ّ سائبا ً وعرضة ً للخراب .. كل هذا غير مهم فالمشكلة كيف أعطل أذنيّ اللتين ظلتا الوحيدتين الصالحتين للعمل وسط هيكل معطل ....
ومادام الأمر كذلك فمن باب لكل فعلٍ رد فعل ٍ يساويه مقدارا ويعاكسه إتجاها ستكون الصرخة أقوى
من واقعات مؤلمة نعيش بها نقشت لنا قصة التهميش وتعطيل ( من رأى منك منكرا .....)
تحيتي لشخصك الكريم
تسلم
الاستاذ حسن المهندس
اشكر مشاعركم ومروركم البهي وحسن قراءتكم لرؤوس معطلة
لرؤوس عطلتها الحروب ولا تستطيع ان تصرخ لشدة ماساد عليها
تحياتي واعتزازي وتقديري