كانت حالة المهلبي الوزير قبل الاتصال بالسلطان حال ضعف وقلة،
كان يقاسي منها قذى عينيه، وشجى صدره، فبينما هو ذات يوم في
بعض أسفاره مع رفيق له من أصحاب الجراب والمحراب، - إلا أنه
من أهل الآداب- إذ لقي في سفره نصباً، واشتهى اللحم، فلم يقدر
على ثمنه، فقال ارتجالاً:
ألا موتٌ يباعُ فأشتريهِ= فهذا العيش ما لا خيرَ فيهِ
إذا أبصرْتُ قبراً من بعيدٍ=وددْتُ لو انّني ممّا يليهِ
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي=يخلّصني من الموتِ الكريهِ
إلاّ رحمَ المهيمن نفسَ حرٍّ= تصدّقَ بالوفاةِ على أخيهِ
كانت حالة المهلبي الوزير قبل الاتصال بالسلطان حال ضعف وقلة،
كان يقاسي منها قذى عينيه، وشجى صدره، فبينما هو ذات يوم في
بعض أسفاره مع رفيق له من أصحاب الجراب والمحراب، - إلا أنه
من أهل الآداب- إذ لقي في سفره نصباً، واشتهى اللحم، فلم يقدر
على ثمنه، فقال ارتجالاً:
ألا موتٌ يباعُ فأشتريهِ= فهذا العيش ما لا خيرَ فيهِ
إذا أبصرْتُ قبراً من بعيدٍ=وددْتُ لو انّني ممّا يليهِ
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي=يخلّصني من الموتِ الكريهِ
إلاّ رحمَ المهيمن نفسَ حرٍّ= تصدّقَ بالوفاةِ على أخيهِ
وللرواية تكملة
فرثى لـه رفيقه وأحضر لـه بدرهم ما سد به رمقه، وحفظ الأبيات وتفرقا. ثم ترقى المهلبي إلى الوزارة، وأخنى الدهر على ذلك الرجل الذي كان رفيقه، فتوصل إلى إيصال رقعة إليه مكتوب فيها:
ألا قلْ للوزير فدتـْهُ نفسي = مقالَ مُذكَرٍ ما قد نـَسِيه
أتذكرُ إذ تقول لضَنكِ عَيْشٍ = ألا موتٌ يُباعُ فأشتريه
فلما قرأها تذكر، فأمر لـه بسبعمائة درهم ووقع تحت رقعته: "مثل الذين ينفقون أموالـهم في سبيل اللـه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة" "البقرة: 261". ثم قلده عملا يرتزق منه.