لطيفها .. أكتب وأشدو..وأرنّم...ترانيم الحزن من جنائن الورد والود
الآن...هنا..........أثوي في مساحات الظل .. عندما غابت عنا الشمس وأشعّة نور الصبح.. المنبلجة من بوثقة انصهار الظلام والضياء...
سأكتب اليوم بوحي في ظلال الهاجرة... لطيف أمّي ـ رحمها الله ـ ساكتب للأموات, لأنّني منهم.. فقبري قبو مظلم هو عزلتي..
أحسن تعريف للقبو في بلادنا التي اصيبت بتخمة في الاستبداد, أنّه مرحاض... بيت الخلاء .. الكنيف .. أعزكم الله........
يصبّ السجّان جام غضبه وحقده فوق رأسي.. ولكنّني لا أكترث.. لأنّني حي بالمقاومة.. أقاوم ... لقد خلقني الله حرّا...وأنا أكثر الناس حريّة.. لأنّني حرّ في الضمير.. حرّ في أن أعبد رب العالمين متطهّرا من الجلاد إنّني حرّ وراء السدود .. وفي ظلام القبو وذل القيود
في السجن عذابات مرّة تظاهي عذاب القبر وضمته ومقته في ظلمة ليل العبيد......
أكتب لطيف الراحلة عنّا.. من خلّفت في اخاديد وجداني جرحا عميق الغور يهيج بالشجن كلّما ذكرتها.. فأحنّ لبسمتها.. لفرحتها لقهوتها.. لمحيّاها النبيل لدموعها وحزنها.. بل لكافة التفاصيل المملة التي تروي سيرة أمّ رؤوم عاشت لنحيا حياة النبلاء في زمن انحسرت فيه أخلاق الفارس النبيل لتمتد الدناءة في مساحات الوطن وامتداده ..لم تعوّدنا أبدا على الرضوخ للإهانة فارتفع رصيد الكرامة في وجداني ليكون تاج الوقار على رأسي ووسام الفخار في صدري..
من طيف تلك المدرسة امتاح دروس النبل في زمن رديء
كان الجلاد يمارس النحت على جسدي المكدود وكنت اقاوم حفرياته
يمعن الجلاد في الإذلال فيسبّني.. فلا اتكترث له فإن أنا اجبته فرجت عنه وتركت لحقده مساحة للقيء.. وإن اعرضت عنه كمدا يموت وحسرة
يغتاظ الجلاد فيسب أمّي......
تكلّم يا ابن ال*****
لا أتردّد لحظة واحدة فأقول له بتحدي صارخ
ـ ال***** هي امّك
في حلقات العذاب تتهاوى الحصون والقلاع وتكتم انفاسها كافة الاخلاق النبيلة فلا صوت يعلو هناك سوى صوت الفجّار...
لقد واريتها التراب من زمن بعيد ولا اقوى على سماع السباب في أمّي فألوذ للصمت...أمّي خطّ احمر .. وان فاضت نفسي في حلقات العذاب لاشيء يهم
لقد لمحت دم رفاقي متكلسا على الجدران.. وسال من الجسد المكدود دمي
بعد ايام من العذاب لم يعد الجلاد يجسر على سبّ أمّي......
لقد تحرّرت من قيد اللحظة ووطأة الكلمة الموجعة في الأذن وسويداء القلب
لأمّي الخالدة في وجداني... جنائن الورد والودّ......
ذات يوم.. عندما كنت طفلا صغيرا..دخلت دارنا وقد امتلأت فرحا طفوليا إثر عودتي من المدرسة.. كنت أسابق الريح لأرتمي في حضن أمّي... وجدت باب الدار مواربا فدخلت مهرولا كانت أمّي في المطبخ تثوي في صمت حزين وقد انهمكت في العجين لتعد لنا الخبز.. كانت تبكي بمفردها وتكفكف دموعها في صمت وحزن مهيض الجناح.. تسربت للمطبخ كنسمة هواء في جو مخنوق وخلسة وقفت للحظات ثم ارتميت في حضنها وأنا أبكي بحرارة
نهرتني وقالت لي بحزم
ـ لماذا تبكي يا بني؟؟
ابي لبكاء امي... بكاؤك يبكيني وينزف منه وجداني
قالت بحرارة
ـ لا تبكي ياولدي فالرجال لايبكون .. ابدا..
عندما سألتها لماذا هاته الدموع المنسابة من مقلتيك لاذت للصمت الذي عمّ المكان..........
بعد سنوات من حصاد سنين العمر.. كلّما تذكرت هذا المشهد الأليم احس باحشائي وكأنها تتمزق .. كانت شمعة تحترق لتضيء لنا الطريق فاحترقت في صمت الى ان فاضت روحها...... ولم تترك لنا سوى دروس وعبر وعظات هي الأثر الذي يدل على عظمة راحلة عنّا كانت هناك من قبل
أمّي ايّتها الراحلة عنا في صمت وليل بهيم... كان الحلاوزة كثيرا ما ينتزعونني من بين عقر الدار ليزجوا بي في القبو وكنت المح في عينيك صبرا وتجلدا لم تستعطفيهم يوما... أو تعطي الدنية
كنت تلوذين للركن الشديد لرب السموات والارض
ابدا لم المح في عينيك انكسارا حتى وهم يداهمون الدار بحثا عني
كنت في فراش الموت الاخير عندما جاء زوار الفجر...فتشوا جنبات الدار وعبثوا كالتتار بمكتبتي كل هذا وانت رابطة الجأش صابرة ومسبحتك بين يديك تلوذين للركن الشديد ـدائماـ
عندما اقتادوني للقبو قال كبيرهم
ـ والدتك مريضة فلم لا ترحم ضعفها وهلعها عليك
ـ قل هذه سبيلي...
لذت للصمت فلما الح في سماع جوابي
قلت له بحزم
ـ لقد اوصتني أمي ان لا اركع الا للإله المجيد
انّ الذي يمدّ رجله لا يمدّ يده........
قد حان الرحيل وعما قريب يترجل الفارس النبيل عن صهوة جواده.. وتسقط مفاتيح الدار من يده وتنفرط حبات السبحة وتتساقط كما تتتساقط الحصون والقلاع واوراق الخريف العاصف...........
ريح هوجاء عاتية تكاد ان تقتلعني من الجذور ...فقد نخرت الأسقام جسدي العليل.. الربو يكاد يكتم انفاسي.. تجتاحني لحظات اشعر معهابصيق في التنفس يذهب عنّي الانتشاء بنسمة هواء.. ويكتم زفرات الألم المهيض في وجداني.. وتخفق له خفقانا وئيدا نبضات القلب العليل.......
أميّ أيتها الراحلة عنا في صمت وليل بهيم
انت الرائعة في الصمت البارعة في الرضا بالقضاء المبتسمة في وجه المحن وعمق الالم... الصابرة في عنفوان الشجن ... قد كسروا الفك الاعلى من فمي وهم يطالبونني بشهادة زور ألف بها زنار القهر على رقبة ضحية مثلي يسام انواع العذاب المر والمهان الذليل
كلمة واحدة كانت كفيلة بعتق رقبتي او على الاقل تخفيف وطأتهم علي لقد كانت سيّئاتي لديهم كثيرة جدااا ولكني ابيت ان اخون , كما استعصيت على الاهانة فلم تنل من كبريائي وكرامتي... كيف اقوى على اقتراف شهادة الزور وقد رضعت مع لبن امي معسول الاخلاق الكريمة والاستعلاء بالايمان.. المنتشي بنسمات الحق ورايته الصافية......
في حلقات التعذيب تذكرت معلّمي الأول السيد المهدي كان رحمه الله مدرسي في المرحلة الابتدائية وكان يؤثرني على اترابي لجدّي واجتهادي وكنوع من الاصطفاء كان يتركني نيابة عنه لاحرس الفصل... عندما يخرج للوضوء وكثيرا ما كنت اصب له ماء الوضوء صباّ وهو يغسل يديه ويمضمض فمه ...
ذات يوم تركني نائبا عنه في الفصل وقال لي بحزم
ـ هاته الكراسة البيضاء امامك اكتب فيها اسم كل تلميذ يثير الشغب في غيابي
لا اريدها فارغة.....
قال كلمته ثم انصرف
وكم كانت هاته اللحظات ثقيلة جدا على قلبي احسست بثقلها على كاهلي لقد كنت حرّأ فاستعبدني بهاته الكراسة.. يروم ان يحولني الى بصاص فتنقلب سبّة اعيّر بها اما رفاقي.. كم ان اساي بالغا وانا طفل صغير ارنو لمن يلقنني كتمان السر وصيانة المعروف وذمامة الوشاية وصفاءالخلق الكريم وصفات النبل واذا بي أواجه لحظة من اقسى اللحظات في ألم جارح. وواقع مرّ اتحوّل فيه لمجرد بصاص يمارس الوشاية على اترابه مهما كانت الغاية نبيلة او مسفة رفيعة او ضحلة... كتمت عنه حزني ثم وقفت في الفصل والكراسة أمامي بيضاء لونها
فجأة هاج المكان بالصراخ واللعب وامتلأت ارجاء الفصل الدراسي بالفرح الطفولي البريء....تركت الكراسة البيضاء فارغة وتحررت من قيد الوشاية واليد الغليظة.. عندما اقبل المعلم وكان يرنو لان يجد الكرسة حمراء فاقع لونها تسره وبوشايتها ويبشّ لها
امتعق وجهه وهو يرى البياض لونها وهي فارغة من الاسماء
صرخ في وجهي بعنف
ـ لقد ضج القصل بالصراخ والصخب وتناهت اصواتكم للمدى البعيد اين اسماء المشاغبين؟؟؟
بحياء اجبته
ـ لا احد...........
قال اذن انت اول المشاغبين واوسعني ضربا .. وسرعان ما قام في الفصل يضرب التلاميذ بالشبهة والظن وكان كل من عوقبوا يومها من الصامتين
لقد لقنني يومها درسا لم ازل انهل منه والى الان.....
لقد تحررت يومها من القهر واصبحت حرا في خياري اخترت ان لا اكون بصاصا يمارس الوشاية وابتسمت في عمق
ظل هذا المشهد الطفولي عالقا في ذاكرتي واعماقي والى الابد
في العتمة كان المعذبون كلهم من الضحايا الابرياء كاولئك التلاميذ الذين عوقبوا على عدم شغبهم فقد لاذوا يومها للصمت .. أمّا المشاغبون فنجوا لان عين البغض تبدي المساوئ والعيوب..........
وألى لقاء قريب مع فصول اخرى من رسائل من دفين ـ جنائن الورد والود ـ
شكرا أخي الكريم سيف الدين
على ماتكنه للأم من حبّ وحنان
وما اكتسبته من شيم من مدرسة
الرجال والأجيال . تغمد الله والدتك
برحمته الواسعة وإلى لقاء آخر فيما
تبقى من رسائل .تقبل تحياتي
ودمت في رعاية الله وحفظه
-------
ملاحظة : في نصوص الرسائل كلمات
أرجو تصحيحها وشرح الغامض منها
ووضعه في هامش وهي موجودة في الرسالة الأولى الثانية والثالثة كالآتي:
أمتاح = معنى الكلمة
اتكترت = ....
مهيض الجناح= مهيضة الجناح
الحلاوزة = معنى هذه الكلمة
بصيق = بضيق في التنفس
القصل = الفصل
كم أن = كم كان
أما = أمّ رفاقي
شكرا أخي الكريم سيف الدين
على ماتكنه للأم من حبّ وحنان
وما اكتسبته من شيم من مدرسة
الرجال والأجيال . تغمد الله والدتك
برحمته الواسعة وإلى لقاء آخر فيما
تبقى من رسائل .تقبل تحياتي
ودمت في رعاية الله وحفظه
-------
ملاحظة : في نصوص الرسائل كلمات
أرجو تصحيحها وشرح الغامض منها
ووضعه في هامش وهي موجودة في الرسالة الأولى الثانية والثالثة كالآتي:
أمتاح = معنى الكلمة
اتكترت = ....
مهيض الجناح= مهيضة الجناح
الحلاوزة = معنى هذه الكلمة
بصيق = بضيق في التنفس
القصل = الفصل
كم أن = كم كان
أما = أمّ رفاقي
الفاضل نصر الدين أسعدني مرورك الكريم وملاحظاتك
هناك في النصوص بعض الاخطاء الكيبوردية التي لم يسعفني الحاسوب على تلافيها
لظروف خارجة عن سيطرتي ولكني.. سأعمل على تجاوزها وتصحيح ما فيها من اخطاء وتوضيح ما يحتاج للإحالة
الآن ... يكسو الحزن صفحة وجهي المكدود كما يكسو الثلج الأبيض قمم الجبال, ومحيّاي الصخري يبدو جامد الملامح... نحتت فيه أيام المعتقلات تضاريسها...
لم يعد السجن سكني ومكثي فالسجن الذي أسكنه يسكنني ويسري في عروقي
كم كانت أيام التعذيب قاسية موغلة في الجرح... عذاب مرير متواصل الحلقات
ينتظر الجلاد سقوطي... وعندما أقاوم يرمقني بنظرة حقد جارف.....
ما يريده الجلاد هو أن أتهاوى" كجلمود صخر حطه السيل من عل"
يريد الجلاد أن يراني آكل نفسي بنفسي ويلتهمني الندم في مأدبة اللئام...
لم أكن في أي لحظة داخل الأقبية مسكونا بالندم....
فقد علمتني السنوات العجاف داخل الدهاليز عشرة فوائد ... لو انفقت الأصفرين وما بين يدي من سقط الدنيا ما حزت بركات هاته الفوائد
إنّها قلائد من الياقوت والمرجان..........
شقيقاتي
يؤلمني هذا الجحود القاتل الذي طالني منكن ... كنت أحسبكن دروعا فكنتن دروعا ولكن للأعادي .... أشمتم في العدى ... وتلك خناجرهم في كبدي وفؤادي
كل المصائب تهون على الفتى إلاّ شماتة الأعداء
كم إنتظرت مكن إطلالة واحدة لزيارتي في بطن الحوت... انتظرت وانتظرت ولكن لاحياة لمن تنادي..........
قد جثم الخوف على الصدور وأثقل برهقه القلوب... وربض في الكيان وكبّل العواطف الحميمية ليحولها إلى بيت للعنكبوت ... ما أوهنه من بيت... وما اوهنها من رابطة... قد تحوّل الدم لماء........
من يدنو من معتقل سياسي..........
تهمته الثقيلة جدااا........
تلابيب الكتابة.... يكتب في الممنوع..............
هكذا قالوا ولقد قالوا.............
والكتابة في الممنوع نهايتها السرداب...
في الزيارة الوحيدة واليتيمة التي جائتني فيها شقيقتي الصغرى ... كانت تبكي بمرارة والبكاء في السجن أول مشاريع الانهزام والسقوط.........
لقد رفضت في أعماقي تلك الدموع...
صحت فيها بحدة
ـ أنا هنا أسير ولست معتقلا
فرق شاسع بين المعتقل والأسير
استرسلت في البكاء... فجّرت الأحزان كلّها دفعة واحدة
قالت بحزن عميق
ـ رفاقك فروا ... واعتقلت أنت.....
ـ كان اعتقالي ثمنا لحريتكن
كنتن رهائن لديهم
ـ لماذا رفضت شروطهم... لماذا انتهيت الى نزيل في المعتقلات اصبحت وراء الشمس وكنت الفارس النبيل.........
قلت لها وقد استجمعت قواي
ـ إرفعي راسك عاليا..... ما دخلت السجن سارقا ولا قاطعا للطريق
فقد قمت افتح للنور الطريق وفي يدي القنديل وأنا أرقب الفجر " إنّ موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب"
دخلت السجن لأنني رفضت أن انضم للقطيع وأمارس المأمأة.... اقتفي اثر الصنم
لقد كفرت بالاصنام لانني آمنت برب العالمين.....
تطهرت من الجلاد ... لأركع لله في خشوع ........
لو اردت الدنيا فقد تزينت لي وقالت بدلال
ـ هيت لك
قلت ما عاذ الله
ذات يوم اتصل بي صحافي مرموق وطلب منّي مرافقته لإجراء حوار مع احد الوزراء... فرفضت استغرب وقال يلهث الكثيرون وراء هاته الفرصة بينما تعطيها ظهرك بلا اكتراث......
يومها قلت له
ـ رفضت لأنني انحاز لفسطاط المستضعفين
رفضت لأنني لا اتقن النفاق السياسي والاجتماعي
لم تهدّا من روعها وتتباعت حسراتها... ووضحت أمامي ندوب العمق
قالت يا شقيقي
ـ عندما اعتقلوك أحسست باليتم
ساد الصمت بيننا ... لكنني ابتسمت ابتسامة واثق بخيوط الإشراق........
الاديبة الراقية سمية......
عندما نكتب اوجاعنا تكون دائما من عصارة الألم المكتوم في أعماقنا
تلك الرسائل التي خططتها تحت شعاع باهت لقنديل.........
كانت قطعة من فيض وجداني
هي بوح هاجرتي
عصارة من الماضي والحاضر والمستقبل
مع توالي الرسائل تتضح الصورة
فنبتسم مرة
وتدمع العيون مرات
مع خالص مودتي
ملاحظة
لدي مشاكل في الحاسوب لوحة الحروف ليس بالعربية
وعملي على الكتابة في ظروف خاصة ...........تحرمني من اخراج نص خال من الخلل
وهكذا كانت غياب الهمزة وغيرها من التفاصيل الكتابية
لو تمكنت من اصلاحها لك شكري
الجرح الغائر ينزف ومن مداد دمي اكتب... إنّني .. أحلم بغد جميل من عمق القبو ... إذن لا زلت موجودا بحلمي وبين يديّ عرائش ورد وأمل
وعلى محيّاي الخشبي ابتسامة نصر وودّ لها ألف معنى..
<<<<<<<<<<
كانت السياط تلهبني وهي تطلق صراخها الصاخب قوف ظهري, تستنطقني لاصرخ فألوذ للصمت .. صمتي القاتل يقتلهم ويغيظهم
وتأوّهاتي الخفيظة تنبعث من اعماقي كغصّة حرّى......
أتألّم .. ألمي المكتوم رغم شدة وهج آلة التعذيب.. ومن لطائف المحن أنّ غفوة من النوم كانت تنتابني لتنتشلني من قهر اللحظة فأنتقل إلى نفحة الروضة .. احلّق بجناحي طائر في عالم الغيب والشهادة ........
هناك ألمح وجهها إنّه طيف أعرفه ... رفرفت بذلك الطيف في سماء احزاني.. ابتسمت لي ... فابتسمت لها..
صاح الحاج الكبيرـ ذلك الجلاد العتيد ـ في هستيرية ماجنة
ـ إضحك.. لأمّك.......
افقت من غفوتي.. أجل إنّني أبتسم لأمّي... ساخرا من الجلاد وقد تطهّرت منه وارتفعت فوق الجراح وكتمت الآهة في أعماقي......
لقد صبرت وصابرت وارتفعت فوق الألم لأرنو للأمل في بوارق من النور المحها قادمة من هناك .. من المكان القصي...
دائما في لحظات العنت والمقت تأتي الكرامة هذا اليوم ادركتني سنة من نوم .. رأيتني أمشي في رضراض من الارض العشيبة الخضراء الزاهية وفجاة لمحتهم كانوا في اثري يتعقبونني...
أطلق كبيرهم رصاصة من بندقيته فاستقرت في قلبي... حينها شعرت بفرحة غامرة وأخيرا لن ينبض القلب المفعم بالحب ..سأغاذر كما تمنيت واقفا ـ كالرجال ـ تموت الاشجار واقفة ولكن البهائم تلفظ انفاسها في الحظيرة متكومة في المكان القصي..
أ فقت من جديد على صياح الجلاد وقد انتزعني من عالم الغيب والشهادة وهوى بعصاه الغليظة فوق حسدي المكدود....
قال بصلف
ـ أدوووي......
والدويّ من النحل جميل له معاني سامية ولكن الجلاد يطالبني بان "أدوي" أي أن اعترف والاعتراف في المعتقل سقوط وانهيار ثم مزبلة التاريخ التي فتحت ابوابها للمتساقطين في طريق الدعوات والمبادئ
من بستان جنائن الورد والود قطفت رياحين اللطائف, ومن رحم المحن تنبثق المنن .. ومن عمق التاوهات هبت علينا ريح نسائم الرحمة.......
ارتفعت فوق جراح الجسد وقهره لاسمو في الخالدين
استباحوا طهر الجسد الذي ظل طيلة حياته متوضئا فتبوّلوا فوق اجسادنا الطاهرة ليدنسوها... و استباحوا البعض منّا فهتكوا عفة الطهر... المثلوم بقهر المرحلة.....
انهكوا الجسد ولكنهم لم ينالوا من صفاء المعتقد
فلا زلت صلبا كالجدار
صاح الجلاد بقوة ارتجت لها جنبات المكان
ـ متى عدت من البقاع..........
لذت للصمت محتقرا لحظة من هوان تمر بها بلادي التي تحولت الى خادم للعم سام تشيح بوجهها عمن يزور اسرائيل سرّا وعلانية بل وتباركه..... بينما العصا الغليظة جداا لريح الجنوب والمقاومة
انّه الهذيان والسخف المبير .. لن اتكلم لن تطيروا فوق سماء افكاري ولن تعيشوا بارض مبادئي وانتماء..
قال الجلاد
ـ أنت لست رجلا وطنيا
ـ إنّني لا أؤمن بالوطن ... إيماني بالأمة
لأمّتي أشدو وأروح وأغدو لها منّي جنائن الورد والود
اليوم منعوا عنّي الدواء .. محاولات الاحتواء والاشتمال متواصلة تمضي على قدم وساق..أتألّم من شدّة الاوجاع ..وأقلب وجهي في السماء لا ملجأ منه إلاّ إليه .. ثم ألوذ للركن الشديد لرب السمواتوالارض.. اناديه واناجيه... في شغف ورضا ـ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولست أبالي حين أسجنُ مسلما.. في أي سجن أو زنزانة كان عذابي وألميومقتلي.......... كان صوت عبدالرزاق يأتيني خفيضا وهو يئن .. ذلك الانين كان طاقة مضاعفة تزوّدني بالمقاومةفاقوم من فراشي متثاقلا وأطلّ من تلك الكوّة في بوابة الزنزانة واصيح بصوت هاذرترتج له ارجاء العنبر ـ ما خلقنالنهون... قد دخلنا ذيالسجون من أجل ربّودين حسبنا أنّنا دخلناهامسلمين........
÷÷÷÷÷
اليوم قال كبيرهم بعنجهيةزائفة ـ لا بد أن تلبس اللباسالجنائي حتى نعرضك على الطبيب ـإنّني معتقل رأي ولن البس لباس الحمار الوحشي قال بصلف ـ اذن تموت لادواء ولا طبيب غمغمتبحرارة وإذا مرضت فهويشفيني إنّني لا ريبميّت هنا قبورنا وهنامقابرنا........ اكثب رسائلي واناالدفين الحي , اغالب أوجاعي وأسقامي واسابق الزمن حتى لا اكتم شهادتي قبل انيجتاحني الموت لقد تعلمت أن ارسمعلى محياي بسمة المؤمن في وجه الردى اليوم انضاف ضغط الدم للائحة الاسقام مع ملامح لمرضالسكري قال الممرض ربما انت مصاببالسكري ثم اعطاني قفاهمضى......... ولكن لاشيء يهم .. نحن هنا لا لنعيش بل لنموت موتا بطيئا هكذا هي تعليمات العم سام........
كان جدّي رحمه الله رجل ذكر وعرفان يمسك مسبحته ويسترسل فيالأذكار طهارة للنفس والوجدان .. كم كان وجهه وضيئا رغم سنينه التسعين... كانتخلواته ذكرا متواصلا متناغما مع الفطرة السليمة وعندما يقطع خلوته لطارئ ما كانيقول والله إنّني عندما ألوذ للركنالشديد ترفرف الروح في الملكوت.. أمّا الجسد فتظل الخشبة في الحانوت لانها منتراب.... وكل الذي فوق التراب تراب.......... جسد العبيد بين ايدي الجلادين .. أمّا الروح فإن رفرفت فإلى روضاتهاوأفراحها والحور في ديباجها وحريرها وشاحها......... سأترك لهم جسد العبيد ليعملوا فيه مشرط الحقد... أمّاالروح فالى معراجها الابدي....... ـ إنّي مهاجر إلى ربي سيهديني مات منّا الكثيرون بكيناهم و لكننا ما نسيناهم....... هم في العمق في حفرياتنا وذاكرتناالجماعية...... سأمضي مستجيبا للهوللرسول أردد في عزّة وكبرياء من عمق القبو قوله تعالى ..... { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْالْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَقَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْفَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌوَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمْالشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْكُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ { آل عمران: 172 ـ 175
واخضّبلحيتي بدموع الطهر لأجلو النفس بضياء ليس كأي ضياء وأحوّل القبو المظلم الى روضة من جنائن الوردوالود ان الصبح قد أزفت اشعتهالفضية والقنديل بيدي ينير ظلمةليل العبيد..............
آخر تعديل سيف الدين الشرقاوي يوم 08-04-2011 في 08:40 PM.