قال الله عز وجل : ( فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة)البقرة 248 )
هذا النص جزء من قصة طلب فيها بنو اسرائيل أن يكون لهم ملك يخوض بهم ساحات القتال فأمر عليهم نبيهم رجلا يدعى طالوت فاعترض هؤلاء بحجة انه لا يوجد لديه بنك ولا حسابات طائلة , فكان ان جعل الله له دليلا هو قدوم تابوت في داخله بقايا من ارث موسى واخيه هارون .
في هذا النص يمكن قراءة العقل الذي كان يتمتع به الانسان في مدارج الطفولة البشرية بحيث لا بستطيع هذا العقل ان يرتفع من المحسوس المشاهد الى الغيبي , وبالتالي كان هؤلاء يطلبون بمجرد مغادرتهم البحر وقد رأوا لتوهم معجزة البحر المفلوق , طلبوا ان يكون لهم صنم محسوس مشاهد كما كان لقوم رأوهم يعبدون الصنم هناك .
بالتأكيد إن رؤية الاشياء المحسوسة تزيد من يقين الشخص وقناعته كمن يرى الكعبة مثلا مباشرة , فهو بلا شك سيزداد عنده اليقين , ولكن أن ترتبط هذه المشاهدة بوجود الايمان من عدمه فهنا المشكلة .
في تقديري أن بني اسرائيل - وهم أفضل الموجودين في ذلك الزمن - كانوا يتدرجون في التطور العقلي الذي وصل ذروته -في هذا الصدد- أيام بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليكون يومها ختم النبوة فلقد أصبح العقل البشري قادرا على فهم المبادئ العامة التي جاء بها الوحي والقياس عليها وتوليد الاحكام منها .
ولهذا كان بنو اسرائيل يطلبون رؤية مباشرة لله ولا يؤمنون حتى يرفع الله فوقهم الجبل كانه ظلة , واذا كان للشعوب طبائع فهل توارث بنو اسرائيل هذه الطبيعة فلا تراهم يبشرون بدين ولا يدعون له , بل ايمانهم بالمحسوس المشاهد " المال " ففيه لهم سكينة "
وقولهم دائما : "ولم يؤت سعة من المال "