كعادته حين يعود مع رفاقه من زيارة صديق في إحدى المحافظات القريبة ، لا يملك ألا يسترخي في مقعد الحافلة و يستكين لسنة من النوم الخفيف ، و بها كان يحس لذة لا تعدلها لذة .
وجد نفسه عائداً إلى بيته و في استقباله زوجه ، يدخل الصالة و يتخذ لنفسه مكاناً على إحدى الأرائك ، تأتيه مكالمة هاتفية من صديق له وزنه في الحياة العامة ، فيرد عليه بشيء من الحميمية و الندية ، و يواعده بزيارة في وقت قريب .
يذهب إلى مكتبه ،مكتبته تحيط المكان و تغطي جدرانه الأربع ، و على المكتب كتبه و مصنفاته التي يعمل بها ، يجلس إليها ليقضي ساعات في عمل دؤوب بتحقيق أحد الكتب .
و أثناء إذ يرده اتصال من طالب يستفتيه في مسألة لغوية ، فيجيبه و يحيله إلى مراجع عدة ، ثم يعده بإهدائه كتاباً له ، فيه ما يتعلق بتلك المسألة .
سمع جهاز جواله يرن ، بحث عنه ، فوجد نفسه ما يزال في الحافلة ، و صديقه بجانبه يقول له : أجب .. أجب بسرعة .
جاءه صوت صديق له يسكن قريباً من الجامعة :
لا أدري ما أقول لك ... لكنني موقن أن الصراحة خير سبيل في مثل هذه المواقف ، لقد أعلنت نتيجة المادة التي أقسم أستاذها على ألا تنجح فيها بعدما ناقشته و دحضت آراءه أمام الطلاب ، مادتك التي امتنع تخرجك عامين بسببها ، و كنت بها راسباً .
أغلق الهاتف و على وجهه ابتسامة سخرية لا حدود لها ، ثم أخذ ينظر باستغراق في المزارع الممتدة على جانب الطريق و قد غطتها ألوان أشعة الغروب الذائبة ، لكنْ دون أن يعلم أحد ممن حوله ، أعاد إلى حلمه الذي انقطع ؟ أم انتقل إلى التفكير بشيء آخر ؟
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ
الاستاذ عبد الله راتب
سنة من النوم لذيذة تاخذنا عندما نتعب من امر ما او عمل ما وفيها يذهب بنا الخيال الى حقيقة غائبة عنا
كلمات معبره عن الذات
دمت مع التقدير