بمحيّاها الجميل تذهب الفتاة
لتجنيَ الزيتون.
النسيم ُ المتصاعد، العاشق،
يطوِّق خَصرَهـا.
أربعة فرسانٍ يمرّون بها
على مهور أندلسيّـة ،
بملابس لازوردية زمرّدية،
ومعاطف ظِلال فضفاضة.
"تعاليْ إلى قرطبة، أيتها الحسناءُ! "
لا تُعِـيـرِ الفتاة لهم سمعـاً.
ثلاثة مصارعي ثيران يمرّون بها،
رشيقين بملابس برتقاليّـة،
بسيوف من فضة عتيقة.
"تعاليْ إلى أشبيلية أيتها الجميلة!"
الفتاة لا تُعيـر لهم سَمعـاً.
وعندما يغدو الشَّفـق أرجوانيّـاً،
مع احتضار ضـوء النهار،
يمـرّ فتى يافع، يحملُ ورداً
وآساً من ضياء القمـر.
"تعاليْ إلى غرناطة أيّتها الحلوة !"
ولكنّ الفتاة لا تُعِيـر سمعـاً.
وتمضي الفتاة، بوجهها الجميـل،
بجنْـيِ الزيتـون،
بينمـا تلفّ أذرعُ النسيمِ الرماديّةُ
خَصْـرَها.
الفجـر
(من "شاعر في نيويورك" - 1929)
الفجر في نيويورك له
أعمدة أربعـة من الوحْـل
وإعصارٌ من حمائمَ سودٍ
تَجدف في مياه آسنـة.
الفجر في نيويورك يتأوّه على
السّلالم الضِّخام
مُفـتّـِشاً بين الرفـوف
عن نردين *مكروب.
ينبلج الفجـر ولا فـمٌ يهلَّل له
حيث الغدُ والأملُ لا معنى لهما هـنـاك
أحياناً النقود، باندفاع شديد،
تخترق الأطفال المُـتَـخلّى عنهم وتفتـرسهم.
أولئك الذين يخرجون مبكِّراً يعرفون في أعماقهم
أنْ ليس ثمَّة جنة أو حبّ عنيف:
يعرفون أنّهم سيخوضون في مستنقع أرقام وقوانـينَ،
في ألعاب غبيّـة، في عمل لا ثمـرة منـه.
الضياء مدفون تحت سلاسلَ وضجيـجٍ،
في تَـحَـدٍّ وقح لعِـلْـم لا جذورَ لـه.
و عَـبْـرَ الضَّواحي تترنّـح الحشود من الناس الأرِقـيـن
كما لو كانوا أُنـقِـذوا للتَّـوِّ منْ سفينة غارقة في الدَّم.
*أو ما يُسمّى سُنبُل الطِّيب، نبات من عائلة الفاليريان تستعمل جذوره بعد أن تُسحق وتُستَخرج محتوياتها بالتقطير فتكون ذات عطر نفاذ يُعمل منها مرهم النردين (ذو رائحة طيبة)، كما وتُستعمل كمهدّئ للأعصاب أو مُنوّم