حينما نتحدث عن تاريخ المرأة العراقية منذ العشرينات والى يومنا هذا ؛ يحتاج منا الى وقفة جدية الى ما آلت اليه من أنهيار قي شخصيتها وإلغاء أستقلاليتها في أتخاذ القرار وأصبحت تابع للرجل ؛ الرجل الغير واعي للمرحلة التي تعيشها المرأة العراقية في ظل ظروف أستثنائية ؛ ظروف أحتلال وظروف أقتصادية صعبة وأجتماعية متخلفة ..؛
كانت المرأة العراقية السباقة في كل ميادين الحياة لا بل الرائدة والمبدعة في كل مهمة أنيطت بها.. رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تحاصرها .. ومع هذا كانت في مقدمة الأحداث ؛ تارة نراها في مقدمة أنتفاضة شعبية ومحرضة لأخواتها لتحقيق مكاسب مهما كانت بسيطة .. وترفض كل القوانين الظالمة .. وتارة أخرى موجودة وبكل ثقلها وبأداء مميز لتطوير حركة المجتمع وعلى مدى عقود وعقود من الزمن أستطاعت المرأة العراقية أن تحتل مراكز قيادية أجتماعية وعملية في المجتمع العراقي ؛ لقد ناضلت بجد في أن تجد لها موطئ قدم في كل المحافل العربية والدولية وفعلا تم ذلك ؛ ولا نستطيع أن ننكر نضالها وجهودها في تحقيق ذلك ؛ ومن أبرزهن المناضلة زكية خليفة التي توفت قبل يومين ؛ والشاعرة لميعة عباس عمارة والوزيرة نزيهة الدليمي ؛ وغيرهن كثر ؛ كل واحدة من موقعها الوظيفي أو الاجتماعي أو الحزبي والسياسي ؛ لم تتوانى في نضالها ولم تنسى أختها العراقية البسيطة .. ولم تفضل أمتيازاتها الشخصية على حساب مهمتها الأساسية ..؛
المرأة البرلمانية في ظل الأحتلال:
تراجعت المرأة العراقية ودورها في العملية السياسية وبالأخص المرأة البرلمانية ما بعد الاحتلال منذ عام 2003 والى يومنا هذا سبع سنوات عجاف عصفت بالمجتمع العراقي والعملية السياسية برمتها وبدور المرأة البرلمانية الهش ؛ حصلت على مقاعد في البرلمان ومراكز حزبية وامتيازات مادية ؛ لكنها لم تحقق ولا 1% لأختها خارج قبة البرلمان ؛ لقد أنشغلت المرأة البرلمانية عن مهمتها الأساسية وهي الدفاع عن حقوق أختها البسيطة المظلومة المقهورة خارج العملية السياسية ؛ أصبحت تابعة لحزبها وطائفتها ؛ وزجت نفسها في صراعات طائفية لا تخدمها أو تخدم المجتمع والمرأة البسيطة والمثقفة على حدٍ سواء ؛؛ لم تقدم المرأة البرلمانية أي شئ أكرر أي شئ ؛ للمرأة التي تعاني الأمرّين في ظروف أقتصادية قاهرة ؛ وعلى العكس تنعم البرلمانية بأمتيازات تثير حفيظة الأخريات المطحونات خارج تكييف البرلمان ؛ أختها خارج قبة البرلمان تتطلع إليها وترنوا عيونها علها تخرج لها بقانون يحمي المرأة الأرملة والمطلقة المظلومة ؛ أو الطفل اليتيم والمعوق المحروم من أبسط حقوقه الذي يقبع بمؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تفتقر وتفتقد لأبسط المقومات على المستوى الإنساني والصحي .. ؛
ماذا قدمت المرأة البرلمانية للمرأة والطفل :
ليس من القسوة حينما أقول لم تقدم المرأة البرلمانية التي تقضي ساعات طويلة في البرلمان لتبتعد عن حرارة الظروف الأمنية وحرارة الطقس اللاهب متناسية واجباتها تجاه أختها البسيطة ؛ لم تقدم أي شئ للمرأة والطفل لا ورقة عمل ترتقي بالمرأة وظروفها الى مستوى يليق بأنسانيتها ؛ لم تفكر في ترميم دار حضانة عفن ؛ أو بناء دار للمسنات ؛ أو توفير أجهزة حديثة للطفل المعاق ؛ أو بناء مدرسة تتوفر فيها مقومات صحية وصحيحة للطلاب ؛ لم تفكر حتى بأن تتبرع بجزء من راتبها الشهري الذي فاق كل تصور لشراء أي ملابس تدفئ عظام طفل أكلتها ليالي شتاء العراق القارصة حتى ولو على سبيل الترويج لأنتخابها مرة أخرى ؛ أما على الصعيد التشريعي لم تفكر بتقديم مقترح عمل لتحسين قانون الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق وحضانة الأمومة ؛ لم تقدم ورقة عمل لحماية المرأة المتقاعدة أو ذوي الأحتياجات الخاصة ؛ لو فكرت للحظة لمَا كان حال المرأة العراقية بشكل عام بأسوء حال ..؛
من المستفيد؟
بالتأكيد المستفيد الرئيسي من أهمال المرأة وتراجع دورها وطمس معالم شخصيتها في أتخاذ أي قرار هو المحتل ؛ ومن يملكون صنع القرار ؛ أنهم يعرقلون أي قانون لحماية المرأة .. خاصة وأن من يحكم هذا الوطن المطعون بكرامته وسيادته هي حكومة أحتلال مركبة أمريكية + عراقية + أيرانية .. فما المتوقع من ثلاث أحتلالات متداخلة في مجتمع أنهكته سبع سنوات من الاحتلال والصراعات الطائفية ..؛
المهمة الملقاة على عاتق البرلمانية :
كنت أطمح أن أجد امرأة داخل البرلمان تمثل المرأة العراقية بوجهها المشرق .. وتكون بمستوى الواقع الذي نعيشه .. أن أجد امرأة برلمانية مستقلة بأتخاذ قرارات وتقديم ورقة عمل جدية وتسعى لتحقيقها لمصلحة الزوجة والأم والطفل في مجتمع تراجع كثيرآ عن مواكبة سير حضارات المجتمعات العربية الآخرى .. في حين كان المجتمع العراقي والمرأة العراقية القدوة وخير مثال يحتذى بهما ..؛ أين أنت أيتها البرلمانية ؟ أين دورك ووجودك وما الذي قدمتيه لأختك خارج قبة البرلمان ؟ المهمة الملقاة على عاتقك أن تمثلينني وتمثلين المرأة العراقية البسيطة التي تتطلع اليك علك تلتفتي الى ظروفها وتحققين مكسب واحد لا أكثر لتحسين ظروفها ؛
المطلوب منك يا أيتها البرلمانية أن لا تختبئي تحت عباءات الطائفية والحزبية التي تقتل الروح الوطنية والانتماء الى ما هو أكبر .. لا تضعي نفسك في موقف التابع للرجل محدود التفكير .. لا تنقادي الى ضغوط سياسية ستنتهي صلاحيتهم عما قريب .. ما دمت أرتضيتِ لا بل سعيت لأن تكوني في هذا المكان كان عليك أن تمثليننا أفضل تمثيل .. مستقلة بقرارك .. وتنفضي عن نفسك غبار سنيين الأحتلال والتبعية الطائفية والصراعات الحزبية التي أخذت الوطن والمجتمع والمرأة الى حافة الهاوية ..؛عليك أيتها البرلمانية التي قضيتي أربع سنوات من الجلوس على مقاعد وثيرة ونسيت مهمتك الأساسية هو الدفاع عن المرأة وتحسين ظروفها الاجتماعية والاقتصادية .. عليك أن تقفي مع نفسك وقفة جدية ومراجعة ذاتية للنفس وأسألي نفسك ما الذي قدمتيه لأختك داخل وخارج العراق ..؟
أن لم تنهضي وتكوني بمستوى المسؤولية .. عليك أن تتركي مقعدك لمِن هي أجدر منك .. سيأتي يوم لن ترحمك أختك المقهورة والمغبونة والمهدورة حقوقها .. عليك يا أيتها البرلمانية أن تتخلي عن حبك للامتيازات المفرطة والمبالغ فيها في حين أخريات أحوج بكثير منك الى كسرة خبز .. أتركي مكانك لغيرك للقادمة ربما يكون أدائها أفضل منك ..