ما بعد صمت الأم الحامل رعاية الطفل الرضيع .. فقط !
تمثل العودة إلى المنزل بعد ولادة الطفل اختباراً إضافياً ينبغي تخطيه للنجاح في الانتقال إلى الحياة العائلية. يجتاز بعض الأمهات هذه المرحلة بشكل جيد وينجحن في رسم الخطوط العريضة لحياتهن الجديدة، فيما تواجه أخريات صعوبة كبيرة في التكيف، وضع بصمتهن الخاصة على الحياة العائلية، معرفة كيفية التصرف في هذا العالم الجديد، أداء دورهن بشكل جيد واكتشاف هويتهن الجديدة...
دخل حبيب وشادية إلى منزلهما مع طفلهما الرضيع. كان كل منهما يتخيّل أن الحياة ستتابع مجراها الطبيعي. لكن شادية كانت تشعر بانزعاج كبير. عندما يكون زوجها في المنزل، تود لو يبتعد. وطبعاً عندما يبتعد، تلومه على ذلك. جعلها تعبها سريعة التأثر والغضب. لم تكن ترى إلا الهالات السوداء تحت عينيها والكيلوغرامات التي كسبتها بسبب الحمل.
لبضعة أشهر، خضعت هذه المرأة لتحولات عميقة في شكل جسمها: تمدد بطنها وتراخى بفعل الحمل، واكتسبت زيادة في الوزن تتراوح بين 10 و20 كيلوغراماً، وكبر حجم ثدييها بدرجة مذهلة. إضافة إلى تغيرات لحقت ببشرتها وشعرها، ناهيك عن آثار الحمل الجانبية على جسمها كالتشقق مثلاً. في هذا المجال، تقول شادية: ‹خلال الأيام الأولى تساءلت عما إذا كان إنجاب طفل أكبر حماقة ارتكبتها في حياتي. كان لدي انطباع بأنني لن أكون جميلة مجدداً أبداً›.
تقبلي مظهرك
تتقبل الأمهات غالباً هذه التغيرات بسعادة فهن يعرفن أنها موقتة ويعلمن جيداً أنه بعد الولادة، سيتغير شكل الجسم مجدداً، ولن يعود إلى سابق عهده. يواجه عدد كبير منهن صعوبة في تخطي هذه المرحلة؛ بعضهن يرغب في استعادة شكله السابق لكنه يشعر بالرعب لصعوبة هذه المهمة. أما البعض الآخر فلا يفكر إلا في أمر واحد: الاستمتاع بالأمومة والتحرر من قيود الحمية (فرصة للاستمتاع والتلذذ بالطعام).
أعيدي بناء ثقتك بنفسك
إلى جانب التغيرات في المظهر، يتحمل جسد المرأة ألم الجرح أو الشق بسبب جراحة شق العجان episiotomy التي تجرى بغية تسهيل الولادة، الخضوع لولادة قيصرية، الانزعاج بسبب كمية الدم التي يفقدها الجسم بعد الولادة، التغيرات الهرمونية... وجميعها تغيرات جسدية مزعجة ومربكة يصعب التعايش معها. وبسبب ذلك كله تشعر المرأة بأنها بعيدة جداً عن الإغراء وتفتقر إلى الجاذبية وهذا ما يسبب لها ضيقاً وانزعاجاً كبيرين فتتساءل: هل أنا قبيحة؟ هل سأبقى بدينة؟ هل هذا كل ما في الأمومة؟ تساؤلات دقيقة قد تتحول إلى أزمة أعمق إذا لم تشعر المرأة بأنها تحظى بالتقدير وتفوز بالإعجاب وبأنها ما زالت محبوبة من الشريك ومن الآخرين.
اعتني بنفسك
تتمثل الطريقة الفضلى لتقبل الجسم في الاعتناء به، تدليله ومدّه بكل ما يحتاج إليه... المهم أن تشعر المرأة بالارتياح والرضى، فغالباً لا يتقبل الزوجان زيادة الوزن بشكل جيد. تشعر المرأة بأنها ثقيلة وغير جذابة فيما يعجز الرجل عن التعرف إلى شكل الشريكة التي اختارها وتقبله، لذا ينبغي أن يتحلى الاثنان بالصبر والتفهم.
خلال الحمل يخضع جسم المرأة لعدد من التغيرات، لكن ينبغي عدم فرض مزيد من الضغوط عليها من خلال إجبارها على فقدان الوزن بسرعة. سيختفي معظم الوزن الذي كسبته من تلقاء نفسه خلال الأشهر الستة التي تلي الولادة، لا سيما إذا كانت ترضع طفلها.
تغذي جيدا
صحيح أن الاختصاصيين يوصون المرأة بالانتظار ستة أسابيع بعد الولادة قبل المباشرة بحمية منحفة، لكن ذلك لا يمنع النساء من مراقبة نظامهن الغذائي بطريقة تسمح لهن باكتساب بعض العادات الجيدة والتعويض عن أي خلل أو نقص ظهر لديهن بسبب الحمل والولادة. والواقع أن التقلبات الهرمونية والتغيرات النفسية والجسدية سببت لهن خللاً في عملية الهضم، لكن على رغم ذلك عليهن ألا يحرمن أنفسهن من السعرات الحرارية بل أن يلزمن الحذر ويحرصن على التزود بالفيتامينات والأملاح المعدنية والعناصر الغذائية الضرورية التي يحتاج إليها الجسم.
مارسي حركات التمطي
قومي بحركات التمطي الخفيفة تمهيداً للعودة إلى ممارسة الرياضة. صباحاً، مساء، قبل النوم وكلما سنحت الفرصة خلال اليوم، تستطيع المرأة ممارسة حركات التمطي وتشغيل كامل أعضاء جسمها مع الحرص على تقليص العجان وشد عضلات المعدة. تمددي وشدي ساقيك مع التبديل بينهما، أغمضي عينيك وركزي على كل جزء فيهما: الكاحل، الركبة، الفخذ... بدلي بين حركات الشد والإرخاء وتمطي كالقطة. قومي بالحركات نفسها بالنسبة إلى ذراعيك وعنقك وكتفيك...
امشي
انتعلي حذاءً مريحاً منخفض الكعب وامشي لبضع دقائق. إذا لم تتوافر حديقة أو منتزه بالقرب من مكان إقامتك يكفي أن تمشي في المنزل أو تذهبي سيراً على الأقدام إلى الفرن أو المخبز. ستساعدك هذه النزهة في تنشيط عضلاتك ودورتك الدموية واستعادة حياتك الاجتماعية نوعاً ما. تأكدي من أن مظهرك وتسريحة شعرك جيدة قبل الخروج.
اشربي كثيرا
احتباس المياه داخل الجسم وانتفاخ الأخير، حالة تظهر منذ أشهر الحمل الأولى. فارتفاع معدل هرمونات الإستروجين يزيد كمية المياه داخل الخلايا. لكن عليك ألا تكفي عن شرب المياه ظناً منك أن ذلك سيساعدك في التخلص من الانتفاخ فهذا خطأ. يساعدك شرب ليترين من المياه يومياً على الأقل في تخليص جسمك من السموم والتخلص من بقايا الولادة. إذا كانت كمية المياه المحتجزة داخل جسمك كبيرة جداً ولم تختفِ خلال 10 أو 15 يوماً لا بد لك من اللجوء إلى الصرف الليمفاوي drainage lymphatique.
نشطي عضلات العجان
يتعلق الأمر بمجموعة صغيرة من العضلات التي تدعم مجموعة الأعضاء الواقعة في منطقة الحوض. يتأثر العجان كثيراً في فترة الحمل بسبب وزن الطفل وهو يتمدد قدر الإمكان لتسهيل عملية الولادة وخروج الطفل. لكن إذا لم يتحمل العجان هذه العملية كما ينبغي قد يتعرض للتمزق. لتفادي أي مضاعفات وتعقيدات، يلجأ الأطباء إلى شقه ثم تخييطه لإعادته إلى شكله الأساسي. لكن سواء خضع العجان للشق والتخييط أم لا، ينبغي الحفاظ عليه وتنشيطه بطريقة تسمح له بالحفاظ على قدراته. لذا، لا بد من استشارة اختصاصي في هذا المجال والخضوع لجلسات لتنشيط العضلات بعد ثلاثة أشهر من الولادة.
عموماً، لا بد من إعادة تنشيط العجان قبل مرور تسعة أشهر على ولادة الطفل. يُذكر في هذا الإطار أن الأم تستطيع منذ اليوم التالي بعد الولادة البدء بشد هذه العضلات. هذا تمرين لا يسبب لها أي ألم، حتى في حال كانت قد خضعت للشق والتخييط، لكنه وحده ليس فاعلاً جداً في تقوية العضلات على رغم أنه يساعد الأم على التحكم مجدداً بجسدها.
كوني جميلة دائما
يمثل الحمل تسعة أشهر من استهلاك الطاقة، من التعب في عملية الأيض ومن الإرهاق. يتعرض شعر الأم وبشرتها للضرر. لكن من خلال بعض الأفكار، وبذل قليل من الجهد والتحلي بكثير من الصبر والحنكة، تستطيع تحسين مظهرها الخارجي وبالتالي تقدم للشريك صورة أكثر إغراءً وجاذبية. هذه بعض أسرار الحفاظ على معنويات مرتفعة وعلى زواج ناجح.