من أخبار التابعين
طاووس بن كيسان اليماني (يكنى أبا عبدالرحمن) .
قال الواقدي : كان طاوس مولى بحير بن ريسان الحميري ، وقال الفضل بن دكين هو مولى لهمذان ، وقال عبد المنعم بن إدريس : هو مولى لابن هوذة الهمداني .
كان طاووس بن كيسان من أهل ( اليمن ) وكانت الولاية في ( اليمن ) إذ ذاك لمحمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج بن يوسف . وفي غداة يوم بارد من أيام الشتاء دخل عليه طاووس بن كيسان ومعه وهب بن منبه ، فلما أخذا مجلسيهما عنده طفق طاووس يعظه ويرغبه ويرهبه والناس جلوس بين يديه فقال الوالي لأحد حجابه : يا غلام أحضر طيلساناً ( كساء أخضر اللون غالي الثمن ) وألقه على كتفي أبي عبد الرحمن ، فعمد الحاجب إلى الطيلسان والقاه على كتفي طاووس ، فظل طاووس متدفقاً في موعظته وجعل يحرك كتفيه في تؤدة حتى ألقى الطيلسان عن عاتقه وهب واقفاً وانصرف ...
فغضب محمد بن يوسف غضباً ظهر على وجهه غير أنه لم يقل شيئاً ، فلما صار طاووس وصاحبه خارج المجلس قال وهب لطاووس : والله لقد كنا في غنى عن إثارة غضبه علينا ، فماذا كان يضيرك لو أخذت الطيلسان منه ثم بعته وتصدقت بثمنه على الفقراء والمساكين؟
فقال طاووس : هو ما تقول .. لولا أنني خشيت أن يقول العلماء من بعدي: نأخذ كما أخذ طاووس .. ثم لا يصنعون فيما أخذوه ما تقول .
أتى طاووس رجلا في السحر فقالوا : هو نائم ، فقال : ما أرى أن أحداً ينام في السحر .
وعن سفيان عن عمرو قال : ما رأيت أحداً أشد تنزهاً مما في أيدي الناس من طاووس .
وعن سفيان قال : جاء ابن لسليمان بن عبد الملك ، فجلس إلى جنب طاووس فلم يلتفت إليه ، فقيل له جلس إليك ابن أمير المؤمنين ، فلم تلتفت إليه، قال : أردت أن يعلم أن لله عباداً يزهدون فيما في يديه .
وعن ابن جريج قال : قال لي عطاء : قال لي طاووس : يا عطاء لا تنزلن حاجتك بمن أغلق دونك أبوابه وجعل عليها حجابه ، ولكن أنزلها بمن بابه مفتوح لك إلى يوم القيامة ، أمرك أن تدعوه وضمن لك أن يستجيب لك .
أدرك طاووس خلقاً كثيراً من الصحابة وأكثر روايته عن ابن عباس .
وعن سفيان قال : قلت لعبيد الله بن أبي يزيد : مع من كنت تدخل على ابن عباس ؟ قال : مع عطاء والعامة ، وكان طاووس يدخل مع الخاصة .
توفي رحمه الله تعالى بمكة قبل يوم التروية ، وكان هشام بن عبد الملك قد حج في تلك السنة وهو خليفة سنة ست ومائة فصلى علي طاووس وكان له يوم مات بضع وتسعون سنة .