جارنا المهجر أبو أحمد ضحية من ضحايا الحرب المجنونة والاقتتال بين الاخوة الاعداء في وطني ، أرغمته المعارك الدائرة في حيه الذي يقع في شمال العاصمة على الهروب وعائلته في ليلة ليلاء تاركا بيته الذي بناه حجراً حجراً ووضع فيه كل ما يملك ، وزرع في كل غرفة من غرفهِ أملاً و حلماً مشرقاً لمستقبل أولاده الأربعة .
استقر به الحال بعد لأيٍ في محل تجاري في الضاحية كمأوى وملاذ على أمل العودة قريبا .
أبو أحمد لم يتخلَ عن مفاتيح منزله ، فكان يعلقها على خصره ، ناسخاً صورة الفلسطينيين الذين هجّروا قسراً من قبل أعدائهم اليهود ولا يزالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم على أمل العودة .
طالت الحرب واشتد الاقتتال وتمكن الجيش أخيرا من تحرير الحي الذي كان وطناً لأبي أحمد ، فعزم على الذهاب لتفقد بيته وما تبقى من أحلامه ولم تثنيه كل التحذيرات و المخاطر التي تنتظره .
عاد ابو احمد بخفي حنين و الحزن والألم يفترشان مساحة وجهه الشاحب ، عاد أبو أحمد بدو ن رزمة المفاتيح التي لازمت خصره .
وعندما بادرته بالسؤال عن المفاتيح .
أجابني باقتضاب لم يعد لهم من فائد ، لأن البيت بطبقاته الثلاثة أضحى ركاماً .