بردت الجدران، صفع زوايا غرفته بنظرات تتكسر على الجدران، أحس أن المكان يطارده.. ببصر حديد رأى حياة الفراغ تأكل ما تبقى من عمره، فوق سطح النسيان كتب آخر سره إلى من التقطته ليلا من الشارع. تداخلت الأجسام،
تشابكت الأنفاس، تناقضت الأحلام وتساقطت مع الأيام. فكر وقدر. خط رسالة تضج بكلمات غير ناضجة تختزل زمن التشظي، وضعها برفق فوق طاولة زجاجية وأفكاره تتساقط بين يديه كأوراق ذاوية:
ـــــ معذرة: لقد جمعتِ أنفاسي، لملمتِ شملي. لقد تذوقت جزءا من الحياة معك متأخرا، لم أكن شيئا، كنت إنسانا تافها. الآن لا أدري من أنا؟ ما أنا إلا رجل يحمل ظلما لنفسه وغيره.
من بعيد كان يراقبها، رآها تشتبك مع قفة مملوءة عن آخرها بالفواكه والخضر، أسقط عينيه على الأرض، زحزح جسده عن المكان متوجها إلى البحر، أمواج تموت في صمت بين رجليه، وأخرى تتحلل قبل أن تصل إلى نهايتها ...
رمى نظره في اللانهائي .. ابتسم. على مرمى النظر البعيد، سفينة راسية تحتمي بالسراب. سأل الريح : هل هناك أرض خلف هذا البحر؟ خلع ملابسه، بعثرها بين الأمواج، نظر إلى الوراء رآها تختنق تحت قوة الأمواج المتلاطمة.
القاعدون في الشاطئ على الكراسي تحت مظلاتهم الشمسية يضحكون ، يتساءلون، بأعينهم وهم يشاهدون الجنون في أعلى درجته، رموه بعيون السخرية والاستهزاء وجلودهم تشهد عليهم.
غطى الماء نصف جسمه، استدار نحوهم، صفعهم بانحناءة تعبر عن الرضا، ود أن يصفقوا له، لا يترجى منهم عطفا ولا رحمة. جمع تلك النظرات في تجاويف قلبه وابتسم. ثوان، دقائق... نسف حظه الأخير من الحياة.
بعد أعوام، في نفس المكان قعدت ابنته بجانب أمها تحت مظلة شمسية كبيرة تتأمل أمواج البحر وهي تـنتحر على الصخور، سألت الفتاة أمها: أمي، أرى شبحا يحييني من هناك، هيا .. على هذا الرمل المبتل، ساعديني..هيا..
سوف أنحت منه رجلا يشبهه رغم طول قامته. ردت الأم بحسـرة مصحوبة بزفير يستفز اللحظة:
ـــــ أتوسل إليك... بل أناشدك...يا من أنت؟! أكتب رسالة لابنتك ولو من تحت الماء المالح. ردت الفتاة : ماذا قلت أمي؟
آخر تعديل الفرحان بوعزة يوم 07-03-2017 في 11:52 AM.
شكرا لك أخي المبدع المتألق شاكر على تشجيعك القيم ،
شهادة من أخ كريم تحفزني على الاستمراروالمتابعة.
شكراعلى اهتمامك النبيل ،اهتمام أعتز به ..
محبتي وتقديري .
قصّة بها من التّورّط الجميل في دلالاتها ما يجعل متلقيها ينغمس في تفاصيلهافي ظاهرها ومخفيّها ما يضاعف توقه لفهمها ...
فخضمّها النّفسيّ والوجدانيّ جمّ ...فكاتبها أرخى حبل السرد فيها وشدّهبما ترك الإحتمالات والتّأويلات مفتوحة...
قرأتها بشغف وانتباه وظللت في حالة تيقظّ مع شخوصها
الفرحان تكتب القصة بمهارة
قصّة بها من التّورّط الجميل في دلالاتها ما يجعل متلقيها ينغمس في تفاصيلهافي ظاهرها ومخفيّها ما يضاعف توقه لفهمها ...
فخضمّها النّفسيّ والوجدانيّ جمّ ...فكاتبها أرخى حبل السرد فيها وشدّهبما ترك الإحتمالات والتّأويلات مفتوحة...
قرأتها بشغف وانتباه وظللت في حالة تيقظّ مع شخوصها
الفرحان تكتب القصة بمهارة
شكرا لك أختي المبدعة المتألقة منوبية على تشجيعك القيم ،
شكراعلى اهتمامك النبيل ،وكلمتك الطيبة ،اهتمام أعتز به ..
مودتي وتقديري .
يا الله
كم أثّرّت في هذه القصة و أن أراك تختار الالفاظ ذات الدلالة بدقة متناهية و كأنّك ترسم لوحة وتحرس على مطابقتها للصورة الحقيقية
وكم أبهرتني مشاعرك التي لا أرى حرفا يخلو منها والتي تجعل القارئ يتابعك من البداية إلى النهاية دون أن يغفل عن عنصر صغيرمن أحداث القصة
وما زاد القصة جمالا قفلتها غير المنتظرة ،المؤثّرة
أقف تقديرا لروعة حرفك