ووفَدَت ابنةُ هرم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لها: ما كان الذي أعطى أبوك زهيرا حتى قابله من المديح بما قد سار فيه؟ فقالت: قد أعطاه خَيْلاً تنضى، وإبلا تَتْوَى، وثيابا تَبْلَى، ومالاً يفنى، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: لكن ما أعطاكم زُهَير لا يُبْلِيه الدهر، ولا يفنيه العصر، ويروى أنها قالت: ما أعطى هَرِمٌ زهيراً قد نسى، قال: (لكن ما أعطاكم زهير لا يُنْسَى).
(قال أبو عبيدة: أجود العرب ثلاث: كعب بن مامة، وحاتم الطائي، وكلاهما ضُرب به المثل، وهرم بن سنان صاحب زهير).
وممن ضرب به المثل في الكرم والجود هو كعب بن مامة وكذلك حاتم الطائي اللذان ذكرا في المادة التاريخية للمثل قولهما (هَكذَا فَصِدى)
(قيل: إن أول مَنْ تكلم بِهِ كَعْبُ بن مَامة، وذلك أنه كان أسيراً في عَنْزَة، فأمرته أمُّ منزله أن يَفْصِدَ لها ناقةً، فنحرها، فلامته على نَحْره إياها، فَقَالَ: هكذا فَصِدى، يريد أنه لاَ يصنع إلاَ ما يصْنَع الكرام).
وقد أجمعت أغلب المصادر أن قائل المثل هو حاتم الطائي فقد حكى أبو عبيدة وغيره- والخبر مشهور، فى ألفاظه اختلاف: أن حاتما الطائىّ لما أقام فى عنزة بأن قد فدى أسيرا لهم بنفسه، غاب الرجال مرة وبقى هو والنساء، نيط لبعير لهم. فقلن له: قم فافصد هذه الناقة، وأخذ الشفرة فنحرها، فلطمته امرأة منهن وسبته، فقال: (لو غير ذات سوار لطمنى) أى لو لطمنى رجل فقلن: أمرناك بأن تفصد فنحرتها فقال: (هكذا فصدى) فصد، الفصد قطع العروق، وافتصد فلان قطع عرقه ففصد، والفصد: شق العرق فصده يفصده فصدا وفصادا، فهو مفصود وفصيد. و فصد الناقة: شق عرقها ليستخرج دمها فيشربه.
وقال الليث: الفصد قطع العروق.
وافتصد فلان إذا قطع عرقه ففصد، وقد فصدت وافتصدت.
ومن أمثالهم في الذي يقضى له بعض حاجته دون تمامها: لم يحرم من فصد له، وقد ذكر الميداني المثل في كعب بن مامة وحاتم الطائي الذي يقول (أَكْرَمُ منْ أَسِيْرى عَنَزةَ وهما حاتم طيئ وكعبُ بنُ مامَةَ).
وكلاهما ضرب به المثل في الجود فقيل:
· ( أَجْوَدُ مِنْ حَاتِمٍ )
· و (أَجْوَدُ مِنْ كَعْبِ بْنِ مَامَةَ).