لقاء صحفي أجراه الصحفي عزيز بو لطيفة مع المحامية والكاتبة والناشطة في مجال حقوق الانسان سحر الياسري مديرة مركز الدفاع عن حقوق المرأة العاملة
هل تعتقدين ان الرجل بحاجة ماسة الى وقفة ومساندة المرأة في حسم بعض القضايا داخل المجتمع وتغيير البعض منها ، ام ان الرجل يستطيع ان يحسم هذه الامور بمفرده ؟؟؟
من المؤكد أن الرجل والمرأة كلاهما بحاجة للاخر لحسم الكثير من القضايا التي تخص المجتمع الذي يتقاسمان العيش فيه , وتغيير الكثير من المفاهيم سواء التي تخص الاسرة ,أو التعليم ,أو العمل , أو السياسة , أو البيئة .
وتبقى قدرة الرجل أم المرأة على الحسم والتغيير على قابلية كل منهما على إعطاء الحياة بعدا آخر , ومدى تطابق الرؤى في النظر الى القضايا الملحة التي تعترض حياتهما الشخصية أو المجتمعية ,إن إتخاذ الخطوات نحو التغيير تحتاج إيمان الرجل والمرأة على السواء بقدرتهما على النجاح ومساندة أحدهما للاخر في كل ظروف النجاح والفشل , والمراجعة والاستمرار بالمحاولة للوصول الى نتائج مثمرة لهما وللمجتمع.
هناك تصور لدى البعض بأن المرأة غير قادرة على احداث أي تغيير داخل مجتمعاتها بسبب عجزها عن تحصيل حقوقها التي سلبت منها ، ما تعليقك ؟؟؟
الحديث عن حقوق المرأة يطول ويطول ,ولكن أن نقول سلبت منها فهو قول غير صحيح , لان المرأة أصلا في مجتمعاتنا العربية لم تحصل على حقوقها كافة لنقول سلبت منها .ماهي الحقوق المسلوبة هل هي التي أقرتها القوانين ولم تستطع المرأة أن تحصل عليها فعلا وواقعا بفعل الاعراف والموروثات الثقافية , أم الحقوق التي لم تقر أصلا في قوانيننا والمستمدة شرعيتها من القوانين والاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والمرأة بالذات ( اتفاقية سيدوا) وغيرها من الاتفاقات الدولية التي تحفظت الكثير من دولنا عليها .العجز عن التغيير لايعود فقط الى العجز في أستحصال الحقوق بل يعود لأسباب كثيرة بعضها يتعلق بالمرأة ذاتها لقصور في شخصيتها وعدم وجود رغبة حقيقية لديها للتغيير ,وقلة الوعي بدورها وحقوقها كأنسان فاعل , والعجز لدى الغالبية من النساء في الاتيان بالجديد وخلق حياة مستقبلية مغايرة لحياة أمهاتنا وجداتنا ,فكثير من النساء اليوم يلبسن آخر صيحات الازياء ويركبن السيارات ويسافرن ويفعلن الكثير مماعجز الجيل السابق عن إيتاءه لكن في الحقيقة لازالت الكثير من جوانب تفكيرهن لاتختلف عن جداتهن , و أسباب آخرى لعدم قدرة المرأة على إحداث التغيير تتعلق بمنظومة مجتمعية كاملة بداءا من دور القوانين والحكومات والاعراف والاعلام والمؤسسات التعليمية والاجتماعية كلها مجتمعة تمارس دورها بالتأثير على حياتنا كنساء وفي كثير من الاحيان كانت حجرة عثرة بوجوهنا ,وساهمت بالحد من قدرة النساء على أن يكنّ فاعلات ومؤثرات في مجتمعاتهن بطريقة وبآخرى ,بل روضت النساء على الايمان بأن لاقدرة لهن للمساهمة في بناء مجتمعاتهن الا في دور محدود سمح به التابو الفكري الديني والعشائري يؤيده موقف منافق من السياسين حتى لايخسروا دعم مناصريهم وداعميهم ومموليهم
هناك تواطئ كبير بين المؤسسة الدينية والسياسية على تهميش دور النساء تدعمه منظومة أعلامية بكافة وسائلها , ومنطومة تربوية تمتد من الصغر حتى الكبر وجميها تؤكد وتروج لدور النساء الثانوي في تغيير المجتمع , وتحصر دورها في الانجاب وأعتبارها منجزها الانساني الوحيد .نحتاج الكثير للتغيير يبدأ من أقناع النساء بتغيير رؤيتهن عن أنفسهن الى إحداث تغييرات مجتمعية هامة تؤمن بدور المرأة بالمشاركة والمساواة والعدالة .
غالبية المؤسسات الحكومية في مجتمعاتنا العربية ، لا تعترف بالمرأة كمعيل لاسرتها مثلها مثل الرجل في حين ان الكثر من النساء هن المسؤلات عن اسر باكملها ، فما موقفكم من ذلك ؟؟؟
لنسئل هل يتعرف الدين بالنساء كمعيلات ؟ هل تعترف قوانيننا العربية بالنساء كمعيلات لاسرهن ؟ هل تعترف المنظومة العشائرية والاجتماعية وحتى الثقافية بالنساء كمعيلات ؟
الجواب بالتأكيد كلا , فما بالك بالمؤسسة الحكومية التي تستمد شرعيتها من كل ما ذكرنا أعلاه , فما زالت المؤسسة الحكومية والقوانين العربية لاتعترف بالتغيير الحاصل في مجتمعاتها ,أن النساء كسرن الحجب وخرجن للعمل بكل قوة وعزم للعطاء والمساهمة في إعالة أسرهن وأصبحن في كثير من الاحيان بسبب غياب الرجل للوفاة أو الفقد أو حتى عجزه عن العمل بسبب الاعاقة أو البطالة أو بسبب تهربه من تحمل مسؤولياته كرجل بالانفاق على أسرته .كنت دائما في كل ما كتبت عن المرأة العاملة أدعو الى تغيير القوانين المتعلقة بالعمل والضمان الاجتماعي والاعتراف بالحقيقة أن المرأة اليوم تتحمل أعباء أضافية لدورها كأم وعاملة ويجب أن تراعى هذه الحقيقة وتكتب تشريعاتنا بناء عليها بما يحفظ حقوق المرأة ويخفف من ثقل أعبائها ويساندها بقوة لاستكمال مشورها وتطوير خبراتها والترقي في وظيفتها , وأن ينشأ منظومات حكومية تساعدها وتكافح التمييز في العمل والاجر الواقع ضد النساء
كثير ما نسمع بأن حقوق المرأة العاملة تهضم من قبل اسرتها سواء من زوجها او شقيقها او أي شخص يكون هو الوصي عليها بالاستيلاء على مالها وراتبها الشهري ، فكيف يمكنكم كمؤسسات نسوية تقديم الحماية لمثل هذه الحالات ؟؟؟
هذه حقيقة مرة آخرى وأكثر ما تتجلى للنساء العاملات في القطاع الزراعي مقارنة مع قطاعات العمل الاخرى وكذلك العاملات ضمن الاسرة أي العمل العائلي ,تبقى المنظمات النسوية العربية للاسف عاجزة عن تقديم الحماية والسبب هو قوانين العمل العربية التي منعت أغلبها العاملين ضمن أسرهم من إقامة دعاوى تخص عملهم ضمن الاسرة للحفاظ على قيم الاسرة هضمت حقوق النساء والاطفال ولم يتمكنوا من الحصول على حماية قانونية يفترض أن يحصلوا عليها من المشرع وكذا لم تشملهم في غالب الاحيان قوانين الضمان الاجتماعي
كيف تتمكنون كمؤسسات حقوقية ومدافعة عن المرأة من ضمان حقوق النساء العاملات بشكل غير نظامي ؟؟؟
أيضا إجابة مؤسفة آخرى لانستطيع تقديم العون بسبب قوانين العمل التي لم تشمل بحمايتها العاملات في هذا القطاع ومنعت حتى حق التنظيم النقابي لهم ولم تشملهن بالحماية الاجتماعية في قوانين الضمان بأعتبار أن أعمالهن غير منتظمة وغالبا ما تكون مؤقتة ,وكي لانلقي اللوم على العجز الحكومي والتشريعي , أيضا لازلنا في مجتمعاتنا العربية لانلقي بالا كبيرا لدور المؤسسات النقابية و الحقوقية في الدفاع عن حقوق المنضمين اليها ,فهذه المؤسسات في عالمنا العربي لازالت لاتحظى بقبول واسع من قبل الذين تدافع عنهم يمنحها قوة اكبر لاحداث التغيير اللازم , ولازالت تعاني نقصا كبيرا في عضويتها التي تمنحها شرعية التمثيل .فلازالت مجتمعاتنا لاتؤمن كثيرا بدور النقابات ومؤسسات المجتمع المدني وتعتبرها جزء من منظومة الحكومة وبالتالي لاتثق كثيرا بدورها .
طالبت بأن تكون هناك كوتا للنساء المعاقات للعمل داخل المؤسسات الحكومية ، ولكن الا يتطلب ذلك قانون خاص بالمعاقات ليعطيهن حقوق ومزايا اكثر من حقوق المرأة السليمة في عملها ، وما هي المزايا التي ممكن ان تضاف للمرأة المعاقة في عملها ؟؟؟
صحيح طالبت بكوتا للنساء المعاقات في المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص لضمان مشاركتهن الفاعلة في بناء مجتمعهن ومساعدتهن للخروج للحياة وفتح نافذة الامل لهن ,وطالبت أن تكون قوانين العمل والضمان الاجتماعي مراعية للوضع الانساني والعجز الجسماني الذي تعاني منه النساء المعاقات وهذا لايعني حقوق اكبر ومزايا أكثر , بل طالبت بحقوق تراعي وضع النساء ذوات الاحتياجات الخاصة .
جزء من الحل فرض كوتا في أماكن العمل لصالح المعاقات و حقهن بالحصول على فرص عادلة ومتساوية مع النساء العاديات طالما كن مؤهلات لذلك, بالاضافة الى حلول اخرى منها توفير شروط عمل مناسبة حتى يستطعن الاستمرار وكسب لقمة العيش بأحترام دون المساس بكرامتهن بوجود تشريعات عمل تكفل لهن اختيار العمل المناسب دون تمييز بسبب الاعاقة ويجب ان تتناول هذه التشريعات وضع هولاء النسوة بشكل خاص لانهن يعانين من تهميش مزودج كنساء ومعوقات فلابد من وجود نص خاص يتعلق بهن
ويجب أن لاتتبنى تشريعات العمل فكرة المشاغل المحمية بل ان تؤمن الدولة للعمل للمرأة ذات الاعاقة في المكان الذي يفترض فيه العمل لولا وجود الاعاقة وتوفير حماية تشريعية واضحة في قوانين العمل لتشجيع أصحاب العمل في القطاع الخاص على توظيف المرأة ذات الاعاقة مثل الحوافز بالاعفاءات من الضرائب وأقساط الضمان الاجتماعي وقروض مصرفية بدون فوائد أو فوائد قليلة وأن يتم التركيز على عمل النساء ذوات الاعاقة بنصوص قانونية مستقلة ,وإجراء تعديلات قانونية تحظر التمييز بسبب الاعاقة بشكل مباشر او غير مباشر,و ألغاء أي تمييز في القوانين الادارية والتشريعية والسياسية والقضائية التي تفرض شروط جسدية معينة لاشغال الوظائف العامة
ومن الحلول أيضا تتضمن خطوات تمكين متعددة منها منها توفير تدريب وتأهيل متقدم على التكنلوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة في مراكز متخصصة وأن تهتم الدولة بتخصيص جزء من الميزانية لتمويل برامج تدريب وتعليم وتأهيل النساء ذوات الاعاقة, المشاركةالفعالة في الوصول الى الموارد والتعليم والخدمات , , التعاون مطلوب جدا بين منظمات الدفاع عن حقوق المرأة المعوقة والمنظمات النسوية لتوحيد السياسات فيما يتعلق بالمرأة ذات الاعاقة, , أدخال تعديلات في بيئات العمل تلائم وضعهن الصحي وتمكنهن من العمل بطريقة مريحة ,
هناك نداءات من بعض الاشخاص وخاصة في دول المغرب العربي تطالب بتنظيم عمل النساء في التجارة الجنسية وحمايتها من المخاطر التي تواجهها في هذا المجال ، فهل تعتبرين بأن النساء اللواتي يعملن في هذا المجال ممكن ان نطلق عليهن مسمى المرأة العاملة وضرورة ان يتوفر لهن حقوق وواجبات ؟؟؟
دائما في عالمنا العربي لانعترف ولانواجه واقع حال ما يحدث في مجتمعاتنا ,فلنعترف بكل جرءة وصراحة هناك تجارة جنسية في كل دول العالم العربي والاسلامي , وتمارس الدعارة بشكل علني وبحماية بعض المافيات الحكومية في كثير من هذه الدول حتى التي تدعي انها أسلامية , نحن لدينا شيزوفرينيا في التعامل من كثير من الامور ,فبدلا من ترك معالجة هذا الموضوع الشائك كون التابو الفكري والديني والموروث الثقافي يستهجنه ويرفض الاعتراف به مع ان التجارة الجنسية قديمة قدم البشرية , وسمحنا تحت باب رفض نقاش هذا الموضوع أن تقع الكثير من النسوة بيد مافيات التجارة الجنسية وتعرضن لابشع انواع الاستغلال الجسدي والمادي ولازالت الكثير من تقارير المنظمات الحقوقية الدولية تتحدث عن الاستلاب الذي تعانيه النساء اللاتي دفعتهن الظروف للوقوع في براثن عصابات التجارة الجنسية في منطقتنا العربية ولكننا ندفن رؤوسنا في التراب ولانعترف بالحقيقة ونساعد هؤلاء النسوة وننظم عملهن ونحميهن من الاستغلال ونوفر لهن خدمات صحية وضمان أجتماعي بدلا من نكران وجودهن وأستمرار مأساتهن الانسانية التي يزيدها عدم الاعتراف