محمد الحمامصي من المقاهي: "طلقـة المحـزون" عنوان الديوان الجديد الذي صدر ضمن سلسلة إبداعات – وزارة الثقافة المصرية – للشاعر الشاب محمود سليمان والذي "يستفيد فيه من الإرثه الثقافي والبلاغي العربي الضخم، ينطلق إلى قصيدته كاشفاً عن تجربة شعرية ثرية تجع بين صخب الداخل وهدوء الخارج، في نوع من الجدل الخلاق الذي يحتمل الجمع بين الكثير من الأشكال التي تبدو متناقضة، سواء على مستوى الشكل، كالجمع بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة، أو على مستوى الضمائر التي تتراوح ما بين الذاتي والجمعي، كما يجمع الشاعر بين الرومانتيكي والواقعي الجهم".. وفي الحوار نتعرف علي جوانب مختلفة من هذه التجربة.
** يمثل ديوانك طلقة المحزون الثالث في سياق تجربتك.. فهل اختلفت الرؤية؟
** فى مجموعتي هذا لم أكن لأشعر بأنني قادمٌ على رهان ما، ولم أمارس أي نوع من الرقابة على نفسي أثناء الكتابة بل كان ما يشغلني أن أكتب قصيدتي فقط، ورغم أن هذه المجموعة ظلت حبيسة الأدراج 7 سنوات منذ عام 2001 لدى وزارة الثقافة إلا أنني سعيد مع هذا الكائن الأسطوري المسمى بالشعر وسعيد أكثر بولادة متعثرة لأعمال أشعر أنها تعبر عنى كثيراً في تلك المرحلة، فأنا اليوم على مسافة " سبع سنوات كاملة " من كتابة أخر نص بهذه المجموعة وأعترف أن تحولاً مهماً حدث في حياتي الإبداعية وأعتقد أنني كرست كل وقتي للشعر بحثاً وحياة كاملة وإذ لا أجد متعة إلا بين ضواحيه وفى حدائقه العامرة بالأصوات والأجناس والعوالم الأخرى وأنتظر قريباً جداً صدور مجموعتي الثانية بإذن الله، لأظل مشغولاً بخلق عالم يخصني ويخص قصيدتي.
** وتجربة الكتابة والرؤية؟
** كنت ولا أزال أرى في الكتابة المصير الحتمي باعتبارها جزءاً أصيلا من حياة الكاتب ورؤيته، جزء من أحلامه وطموحاته ومصيره الذي ينـزاح ناحية الفعل والهم الإبداعي، ورصيداً هائلا من كل شيء،كما أرى دائما أن ثمة أشياء لا يستطيع الواحد منا أن يتنازل عنها، أولها الكتابة فهي رحلة البحث عن المطلق، رحلة عبر العالم والحياة والناس والأشخاص والأشياء كافة.
لم أحقق طموحاتي بعد وأتطلع لأن أصنع ذاتي بنفسي وأن أحقق تجربتي الخاصة. أولها إحساسك تجاه ذاتك كمبدع، وأعلم تماما أن الطريق صعب وطويل ولكن بالجهد والمثابرة والإخلاص من الممكن أن أجد ما أبحث عنه لأن أكون مختلفاً ومميزا وصاحب تجربة لأقول أنا محمود سليمان.
أنا أكتب من أ جل الكتابة وليس بدافع آخر وأتحدث عن تجربة شخصية عن تجربتي،باعتبار أن الكتابة فعل متجدد فأنا أعتبر أنني أكتب لأعيش،نعم.. وقد أفدت من الجميع، كتبت فنجحت وتخلل النجاح سنوات من الفشل،أذكر تلك اللحظة التي ولد فيها أول نص وكم كان نصا غائما ومشوشاً، أذكر أول قصيدة نشرت وأول شاعر اسمعه إياها وأول خيباتى المتكررة، واحدة واحدة، في الحقيقة أنا لا أعرف كيف أكتب ولا كيف سأستمر في الكتابة، فكل" مقومات الكيف " خارج حساباتي لكنني أعي جيداً أنني مدفوع للكتابة بدافع ما وحلم ما لذا كان الشعر ولا يزال وحياً روحياً وعلامة في طريقة ممارستى للحياة.
** ما حجم تأثرك بالتجارب الشعرية السابقة؟
** يقول بشار بن برد شفاء العمى طول السؤال وإنما تمام العمى طول السكوت على الجهل
فكن سائلاً عما عناك فإنمــا دعيت أخـا عقـلٍ لتبحث بالعقل
لقد تأثرتُ – كما نحن جميعاً – بعموم التجربة الإبداعية العالمية، وقرأت الحكمة أين ما وقعت، لقد قرأت بلند الحيدرى والسياب ونازك الملائكة وأمل دنقل ومحمد آدم والبياتى وصلاح عبد الصبور وسعدى يوسف وأدونيس والماغوط ومحمود درويش وجواد الحطاب وحسب الشيخ وزياد القاسم وعفيفى مطر وعز الدين المناصرة ومحمد بنيس وعبد الكريم كاصد وأنسى الحاج وسعدية مفرح ومحمد بنيس والعلاق ويوسف الصايغ وصلاح فائق ورياض الصالح وغيرهم الكثيرين غير أن لأمرؤ القيس والبحترى والمتنبي والنفرى والجنيد وغيرهم ايضاً الحقيقة الثابتة في قراءة الشعر وتذوفه والاندفاع إليه بكل رغبة فهم من شكلوا ذاكرتي الشعرية.
** كيف تري للمشهد الثقافي المصري عامة والشعري خاصة؟
** حقيقة إن المشهد الثقافي بما يتضمنه من تغيير في القيم وأشكال الكتابة ودخول التكنولوجيا الحديثة حيز الفعل الثقافي وما خلَّفه ذلك من تواصل وتنوع وممارسة، أمر واقع وحقيقة مؤكدة، وفى مصر تعرض واقع الكتابة الإبداعية بلا جدال لشيء لا يستهان به من التغيير وهو ما لا ينبغي لنا أن نتصور معه أننا مدعوون إلى تقليد الآخرين واستعارة معاييرهم، غير أن كثيراً من الأسماء في مصر تظل قابضة على معطيات الكتابة – معطيات النخبة – دون غيرها وهو ما يجعل من الفعل الإبداعي مأزق والتواجد والحضور الفاعل مرهون بما تكتبه هذه النخبة، والواقع أيضاً، ينبغي النظر إلى أن ثمة خيطين دقيقين لتأرجح الشعراء الآن بين التمسك بالماضي وتلابيب القصيدة التقليدية وبين التطلع إلى الأخذ بالنموذج الحديث لقصيدة النثر.
الأول: أن كثير من التقليديين لم يقدموا حضوراً حقيقياً إلى الآن وبالتالي فشلت كل مساعيهم لتأخذ منحىً استهلاكيا ويرى أصحاب هذا الشكل أنه من السهل الأخذ بالتراث والماضي ومواجهة الواقع المنهار للحداثيين وذلك بالأدوات الأولية لكتابة نص شعري من وجهة نظرهم في مواجهة انحلال النسق القيمي لقصيدة النثر.
في المقابل فإن دعاة الأخذ بنموذج قصيدة النثر الجاهز يرون من السهولة القفز فوق التراث ومضامينه بل وحتى الحاضر والأخذ بمفاهيم الحداثة عبر الانفتاح الثقافي واستخدام التقنيات المعرفية والفكرية والتفاعل الحر المفتوح على الثقافات الأخرى بعيداً عن الخصوصية وهى شرط أساسي لكتابة حداثية ذات مدلول.
الثاني: الشعر هو العنصر الغائب سواء في نزوع التقليديون نحو الجمود أو تطلع الحداثيون إلى الأخذ بالنموذج الجديد فكلا الطرفين جانح إلى النزعة الاستهلاكية السريعة لإمكانية التواجد والحضور والتأثير وهنا نستطيع القول أن ثمة إشكالية لابد أن ننتبه إليها، فالأهم أن يحافظ الشاعر على المغامرة الفنية وتجديد طريقته في كتابة نص جيد بعيداً عن مسميات الكتابة ذاتها.
** ماذا عن الجوائز الأدبية التي حصلت عليها؟
** لقد حصلت على جائزة من وزارة الثقافة المصرية هذا العام عن ديوان – لعبةٌ فى الريح – هذا العام 2008 والحقيقية أنها ليست الجائزة الأولى التي أحصل عليها فقد حصلت من قبل على جائزة افضل نص كتب باللغة العربية لعام 2006 في المسابقة الدولية للشعر التي تقيمها سنوياً المجلة الأمريكية الشهيرة هاى ترافيا وترجم نصي لثلاث لغات، ثم حصلت على جائزة والعضوية الفخرية من دار ناجى نعمان في لبنان عام 2007 أما جائزة الثقافة الجماهيرية في مصر هذا العام فأعتبرها ثمرة جهدي ومثابرتي وإخلاصي كل تلك السنوات التي ضيعتها قسرا مع الكتابة خاصة وأنها أكبر مسابقة إبداعية للشباب على مستوى الجمهورية وسعادتي مضاعفة لأنها في وطني وبين جيلي وأن تجد نفسك مستحقاً للفوز والإشادة وسط عشرات الآلاف فهي خطوة كبيرة ومهمة في حياتي لإمكانية أن أجد مكاناً على الساحة الأدبية في مصر وأن أستمر بالشكل المناسب
من قصائد ديوان (طلقـة المحـزون)
دائماً نكتبُ أغنية ً للمرحْ
أغنيةً لفراغٍ تكَوَّن
عبر نافذةِ الكلام...
نؤول اللاوعي بنزهةٍ
في فضاء حبيباتنا
ولغةٍ ليس إلا
فلسفةٍ للمواعيد الهاربه
دائماً نفتحُ الكراريسَ
لنصنع من الجملِ
بداياتها المضحكة
ومن الفواصل
همهمة ً للحضور
متى نطلق صدورنا للعراء
نكون غير عابئين بردته
فليت المزاليج تُحكِم إغلاق نوافذنا
لنصير بعيدين عن ضوء الحياة
بمقدار شبرين
تماما هي البداياتُ لا تسعفنا
والنهايات فلسفةٌ رديئةْ
دائما ندخل البحرَ عكس اتجاهه
وندخل الريحَ
متى استقام لنا ريح
لكننا في النهاية
محض تلاشٍ
وان حبيباتنا يرتدين ثوب حدادٍ
يطوحن بمنديلهن لوجه القمر
أيها الموت
عرفناك صامداً مثل نخلةٍ
تخافها فوهات المطر
لذا فترفق بنا....
اعتدنا أن نودَّع أجسامنا
في حضرة الموت
نعيد كَرَّة الصحو
نعيدها
وقت انبلاج حلمٍ رديء.
----------------------------
نقلاً عن صحيفة إيـلاف
1/8/2008
رد: محمود سليمان: التقليديون والحداثيون استهلاكيون
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاكر السلمان
مرحباً بك في بيتك وبين أهلك
تحية وتقدير
شكرا الشاعر الكبير : شاكر السلمان
يسعدنى مرورك بجانب نصوصي الصغيرة
واتمنى ان يدوم التواصل وان نلتقي قريبا
التقيت الكثير من الاصدقاء والشعراء الاردنيين والعراقيين
بالقاهرة خاصة بمعرض القاهرة للكتاب
واتمنى ان يصل النبع الي القاهرة وان نلتقى جميعاً أهل النبع بأي مكانٍ على الأرض
وأن يكون لنا فكرتنا وطريقتنا التي يمكن أن تكون نموذجاً ثقافياً مختلفاً ونافذة إبداعية
تثري المشهد الثقافي العربي
أسعى حالياً لتأسيس دار نشر جديدة ، هي في مراحلها الأخيرة وستنطلق قريباً بإذن الله ، تعني بالتجارب العربية كافة من بينها مصر بكل أقاليمها
ويسعدني أن أقدم ما استطيع هنا
محبتي