بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله :
الشاب إسلام إبراهيم عثمان ، شاعر وأديب من مصر..
توفي ساجدا مغرب الثلاثاء ( 3/4/1432)
ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ـ
وهنا أستاذنا الفاضل : أشرف حشيش يبكيه :
سلامي لمن صلّى ومات بمسجدٍ
*** أعرني جناحا كي أطير لقبره ** وأذرف من عين الوفاء بحِجْره
أعرني حروفا تطفئ الشوق كلما* * تلظّى لهيبا من حرارة جمره
أعرني اصطبارا يخنق الحزن إنني* * شربتُ طوال العمْر من كأس مرّه
فلا الحزن يعفو عن مصابٍ ببعده * * ولا البعد ينسي مَنْ نعيش بذكره
فمهلا .. أيا إسلامُ ما زال بيننا ** كلامٌ طويلٌ لن نبوح بسره
كلامٌ تبادلناه بالحبِّ حينما** تسدد كفّ الموت سهما لنحره
أ يذكرُ بحرُ الشعر ليلا غمرته** وأسقيتنا شعرا نهيم بسكره
رد: لقطات من الأديب إسلام إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ
(1)
بَحثْتُ فَلَمْ أَجِدْ
*** بقلم : إسلام إبراهيم
بحثتُ فلم أجدْ كلامًا يفيضُ نورهُ بروحكَ إنْ ذكرتَهُ في نفسكَ ، ويفيضُ عليك الكونُ نورًا إن قرأته بصوتك ، ويغسلُ الدنسَ من قلبك بدموعك ، ويجعلكَ في طاعةٍ ،
ويصرفُ عنك المعصية ، ويكسبك الحسناتِ دون عناءٍ ، ويعينكَ في دنياك وينفعك إن انقطعتَ عنها إلا كلام الله تعالى.
بحثتُ فلم أجِدْ ملاذًا ساعةَ الضيق ، وحصنًا ساعة الخوف ، وروضًا إذ حلَّ الشتاء ، وصِلَةً بالخالقِ عزَّ وجلَّ إلا الصلاة .
بحثتُ فلم أَجِد شيئًا يُخرِجُ جوارحي فيغسِلها بماءٍ ليسَ من الدنيا ويعيدها فتصبح شفافةً لا تحملُ إلا النور ، يبعثُ فيها الراحةَ والسكينةَ غير الوضوء.
بحثتُ فلم أجِدْ متكأً لعقلي ينامُ عليه ويتلحفُ الطمأنينةَ واليقين ، وينأى عن عناءِ حساباتِ الدنيا إلى منزلةٍ أرقى ليس بهَا حسابات أو هموم ،
وطوقَ نجاة في الحياةِ وفي غمراتِ الموت إلا أن أقولَ أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسوله.
بحثت فلم أجِدْ عدلاً يرسو على أنحاءِ الدنيا فتستقر ولا تميدُ بساكنيها ، يجعلُ من نامَ مظلومًا قريرَ العينِ ،
موقِنًا أنَّ مع الصبح يشرقُ عليهِ الإنصافُ الإلهي مِن مشرقِ الأرضِ ومغربِها ، غير شريعةِ الله ، والحكمِ بأَمرِه.
بحثتُ فلَمْ أَجِدْ معنًى للحبِ راسخٍ كالجبال سامٍ كالسحابِ واضحًا كالشمسِ إلا حب الله عز وجلَّ والحب فيهِ.
بحثتُ فلَمْ أجِدْ شهرًا يُهذِّبُ النفسَ ويروضُها ، يصهرُ طبقاتِ المجتمعِ المتفاوتة في قالبِ التكَامُلِ ، يُعلِّمُ الأثرياءَ الزهدَ ، ويُعلِّمُ الفقراءَ الرِّضَا ،
يُعطِي الناسَ فرصةً كافيةً لتكفيرِ الذنوبِ ، والنجاة من العذاب ، ومضاعفة الثَّوابِ إلا شهر رمضانِ.
بحثتُ فلَمْ أجِدْ دِينًا يُغنِي مَنْ يَدِينُ بِهِ عنِ التخبُّطِ والحيرةِ ومُقارَنةِ المعتقدَاتِ ، ويَحْمِيهِ مِن شرورِ النَّاسِ وما يصنعون ،
ويُكرِّمهُ أتم ما يكونُ التكريم ، ويُوسِمُهُ بالعزَّةِ ، ويؤزِّرُهُ بالنَّصرِ ، ويَضمنُ له الراحةَ فِي الحَياةِ إذْ يَكشِفُ لهُ حقيقتها ،
ويَضمَنُ لهُ الفوزَ بَعدَ الممَاتِ بنعيمٍ دائمٍ لا يزولُ ، وسَعادةً لا يشوبُهَا كدر ، إلا الإسلام.
رد: لقطات من الأديب إسلام إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ
(3)
رسالة إلى البحر
***
اشتقت إليك كثيرًا يا صديقي...
مضى عامٌ وأكثر ولم نلتقِ ، ولم أجلس أمامك نتجاذب أطراف الحياة ، تنبسط أمامنا صروفها وتنحسر ، وأصبحت الهموم في الصدر راكدة تتراكم رويدًا وتنسج في العينين خطوط الشكوى يخالطها الشرود والحيرة...
افتقدت بساطتك في الحياة ، وكيف تلقي بكل ما لا ينتمي إليك خارجك ، تلفظه في أمواجك ، تطرده بعيدًا عن حدود مملكتك ، وتحتفظ بأسرارك الكوامن فيك ، لا تمل الحياة أبدًا لأنك لست سعيدًا أو حزينًا ، إنما أنت باختصارٍ ( حي )....
أريد أن أغرق فيك للحظات فيعلو الماء رأسي وأنزل إلى رمال قاعك الملساء وأسكن لحظات لأشعر وكأن الحياة توقفت....لا نفس ولا حراك ، لا هموم ولا تعقيدات ، بل هي لحظة تأمل أو لحظة تحول ، تزيل الغبار عن ما تبقى من اليوم ، فأخرج أستبق الأنفاس إلى السطح وأفتح عيني لأرى الكون بروحٍ أخرى....
أشتاق لجلسة على الرمال أراقب النوارس وهي ترقص رقصة الحياة ، تسبح في بحرٍ آخر من أشعة الشمس ، تلتقط الرزق من حيث قدر لها ربها أن تلتقط لا تمل ولا تكسل ، كم كنت أراقب أيضًا السفائن العظيمة والقوارب الصغيرة ، وكيف تتهادى وتبدو بطيئة في سيرها لكنها تبعد حتى يخفيها الأفق خلف خطه الدقيق ، كالظعائن يوم الرحيل تأخذ الحبيبة بعيدًا عن الحي ، وتخلف قلبًا متبولاً ، ودمعًا مسجومًا ، ورسومًا وديارًا...إنك لا تخلو أبدًا من لحظات الفراق الصعبة....
افتقدت الذكريات التي كنت أجدها في حِضن أمواجك ، ودفء يديك عند الغروب ، كانت تولد كل فجر ولم تمت أبدًا...
آهٍ أيها الحبيب لعلك لم تنسني! ، شاقتني الذكريات ، ولم أجد لنفسي عزاءً إلا أن أكتب لك ، ليتنا نلتقي ونتصافح بحرارة عما قريب ، ونضع هذا البعد الطويل طي الموج ونرسله في مركبٍ يرحل بعيدًا ولا يعود أبدًا إن شاء الله.....