ثنائية (أناشيد الجداول الأزلية) د. كوكب البدري& د. أسعد النجار

وطني أيها الشامخ

تهفو اليك قلوب تنبض مع حركة نهوضك وتتجاوب مع أهازيج أبنائك

وتنتشي وهي ترى قبضتك الجبارة تنهال بكبرياء على أحابيل اللؤماء الذين يرومون اخضاعك

نتطلع الى تاريخك المضيء بالعلم والمعرفة والشجاعة والكرم والوفاء

وكم كان ترابك نارا تحت أقدام الحاقدين وهواءك سموما لهم

لن تنال منك المآسي لانك تتطلع بثقة الى غد مشرق يزهو بأمل عاطر

ليت لي ذلك القلب الذي يهفو لرحلة السّحاب
الغافي على سماء وطن ٍ ؛ تقلدتُ أسماءه العِذاب ، وحمّلتُ دَينَ حروبه ، وخطوبه ، وماعصف بين ضلوعه من رماد .
وكنت الشّاهدة على زور وصايا المناجلِ للسّنابل
والحاضرة في كل حوار بين الخناجر والحناجر
وحين مرّ العام اليغاثُ به الناس ؛ ماعصروا
فغير أناشيد الثّلج ؛ما كتبوا
وغير طواحين الخوف ؛ما رسموا

أرى أن سحابتك عزيزتي تناديني من عل

أترضى لخؤون يسلب رقتي وجمالي ؟

أأترك وغدا يستبيح جداولي الرقراقة ؟

أنا ابنة المجد سأبقى شوكة في عين المارقين

سأمضي في شوطي رافعة هامي بخيلاء الشرفاء

وان الذين عاشوا على فتات الموائد لن ينالوا من كبريائي

وان لم يبق من يقارع الظلم سيقضي عليهم من نما في المشيمة

ليقبر في الأوحال سدنة العروش الواهية

سمعتٓها ياسيدي
سحابة الإباء؟!
تلك التي تردد مواجع السّماء؟
بين قوافي أرضنا في موسم البكاء؟
عني أنا سمعتُها تُرٓتِلُ بلا صدى
نشيد ماتبقى من بلاد

سمعتُها ياسيدي ؛ يغمرني يقين
بأنّها مكبّلة
بسبعة أصفاد ، وجرح
والنار تضاعف ماتشاء

وسمعت أنّ النّخيل َ مثلها
مكبّلٌ
بسبعة أسماء للنّحر
وسبعة أسماء للصّلب
ومثلها
قد جُهِّزت لليلةِ الخراب

ان الجداول التي تسقي ربوعنا رقراقة عذبة جعلت منها روضة رقت جواشيها وتألق زخرفها

روضة كالجواهر اللماعة على البرود البراقة

روضة حنت عليها كف المطر ولونها ذراع الندى

فتفتحت أورادها واخضرت أعصان أشجارها فأصبحت كالعروس في حليها

ايه أيتها الروضة المخملية ارفقي بروحي اذ لم تعد تحتمل البكاء

اضحكي بوجه الزائرين وابتسمي فأنت ملكة الجمال والحسن

أنت الجنان بزهوها يسكرني خرير جداولك وأنت واحة عشق قد زكا عبقها

صَمَتُّ
يامنشدَ الأسرارِ
لأفتّشَ عن أنشودةٍ ؛
لا يعتريها لو مر بها اسم بغداد وجل
صٓمٓتّ
يامنبت الأحرار
وآلت إلي الذّكرياتُ تميدُ بي
جنوبا ً شمالا ، بل لشرقٍ ومغربِ
فإن طال صمتي نكّلتْ بي جحافلٌ
من الخوف في ليلي على وطني السّبي

بغداد ياأعجوبة الدنيا

بحبك أشدو وفي رباك ألهو والى واديك أهفو

أستاف منك الطيب ريا القرنفل فيهب عبيرا من شذى الخلد

اذا مرت رؤاك بخاطري أهيم وان جنح خيالك حولي أترنح

هواك نشيد خالد وعشق لايموت وعقيدة صلبة

أغنيك والأحلام جذلى بناظري = رؤاها لروحي كم تسر وتفرح

أنا العاشق اللامنتمي لحبيبة = ولكن قلبي بالهوى لك يجنح

بغداد أنت حبيبتي وحبك يزيل عذاباتي ويمسح همومي

بغداد حضنك يحميني ويمنحني الأمان

بغداد يابغداد

كم تمنيتُ أن أغني بغداد قافية من الورد
لكن
من جدائلها قد فرّ الحمام
وكم ساكنتني أمنية أن أسير إليها حافية بالآس والبخور وبقية مما ترك الأباة
ولكن
عن أسوارها قد سقطت نجوم
وكل الذين لا أعلم من أين جاءوا
قد أبدلوا كل (بستة) لي معها ألف ذكرى بمقامات الخيانة
فكيف سأكتبها حبيبتي
وما من مرة التقيتها
إلا وعدتُ من حضنها
كالجرح القديم

قسما حبيبتي بغداد

بالطيبين الأولين

واللاحقين الطيبين

أحبك

من ذا يلوم متيما بحبك

ومن يعذل مفتونا بسحر جمالك

بغمرني ببرقعك الأبيض ضباب الفجر

ألتمس مشواري حذرا ويداي ترتعشان

وعلى صدري تنتشر رائحة عطرك الأخاذ

بغداد يازينة المدن وبهجتها

أفتح عيني عند أذان الفجر وأنا أراقب الليل وهو يصارع سكرات الموت

فأنسل الى درابينك المعتقة بعبق الماضي الجميل

كما تنسل امرأة الى حجرتها طلبا للدفء والأمان

بغداد أنا غريب اليوم في واحاتاك أنظر جداولك الحزينة فأراها تبكي وبالأمس كانت تغني

وآراقب حدائقك فألمس حزن أشجارها وبالأمس كانت ترقص حالمة

بغداد

أشق طريق اللوعة لاهثا حيث مراتع الطفولة والصبا ثم أعود منكسرا لما أنت فيه

بغداد أرى بارقة شظايا الشمس تتطاير وبالأمس كانت تحتضنك بدفئها

بغداد

يابغداد

بغداد يفرحها النّشيد؛
وإن تقرّحتْ خطى الحروف تحت أقواس اللهب.
أو تهرّأت رئة القوافي
وسالت أحلام الورود
بين أودية العار أومغارات الهزيمة

بغداد يجرحها النّشيد
حين تمضي
خلف أسوار النّدى
مثل صمتٍ يتغشّاه الصّدى

بغداد يحرسها النّشيد
من ألف هولٍ أو يزيد
من ألف طعنة جاءت بالمواجع والسّلاسل والحديد

بغداد يجمعنا النّحيب
على وطنٍ
سرقوه يوم تشظٌى وجهه في المرايا كِسَفَاً
وتبعثر ظلّه في الدّروب