لم يحظ شاعر غربي شهرة واسعة في العالم العربي مثل الشا عر الفرنسي الفونس دي لا مرتين. ليس فقط بكاتبه المؤلف من عدة إجزاء الموسوم ب-" محمد " الذي أشاد فيه بنبينا محمد صلى الله علبه وسلم ووصفه بأنه من عظماء التاريخ بل البشرية قاطبة ، بنى العقيدة الإسلامية على الفطرة السليمة والعقل ا لواعي وتوحيد عباة الله وحده ونبذ عبادة الأصنام و الصور والأشكال والتماثيل ، وإنما كذلك بروعة أشعاره، فقد كان لامرتين خير من أبدع في الشعر الرومنسي بل أعتبره النقاد في الغرب والشرق مبدع الشعر الرومانسي .
عندما قال قصيد ته الشهيرة البحيرة L e Lac كانت حبيبته جولي لاتزال على قيد الحياة طريحة الفراش في باريس بعيدة عن مكان أحلامهما المفضل " بحيرة البورجيه " فقد كتب هذه القصيدة الرائعة الخالدة في حبيبتة جولي التي قابلها لأول مرة عندما كان في رحلة علاج وهو في السادسة والعشرين وجولي كانت في الثانية والثلاثين . كان ذهاب جولي إلى تلك البحيرة لتنهي حياتها في هذه البحيرة من المرض المزمن الذي الم بها سنين طويلة وعندما شارفت على الغرق رأت يد لامرتين تمتد اليها لتنقذها من الغرق فتعلقت به وأحبته وأحبها . كان الحب بين الحبيبن صادقاُ وخالصاً، لهذا كانت قصيدته " البحيرة " من أروع قصائد الحب المعاصرة لأنها عبرت عن مشاعر حب حقيقية حدثت بالفعل، حتى قيل إن كثيراً من الفرنسيين عند قرائتهم لهذه القصيدة يكاد ون يجهشون بالبكاء .
وقد قيل وهي من أشهر القصائد الرومانطيقية في الشعر الفرنسي. وقد ترجمت إلى العربية شعراً عن طريق أحد الأدباء المصريين الكبار كتبها على ضفاف بحيرة بورجيه في جبال السافوي بفرنسا في إطار معاناة عاطفية ذاقها مع حبيبته إلفير التي قضى معها على ضفافها خمسة عشر يوما سنة 1816 ثم تواعدا على العودة إليها في العام القادم ولكن شاء القدر أن يعود لامارتن وحده أما الحبيبة فكان الموت قد طواها بذات الرئة فكتب هذه القصيدة الخالدة باسم البحيرة وما فيها من وصف البحيرة غير ملامح خاطفة ، أما بقية القصيدة فمن ذكرياته مع الحبيبة ولواعجه على موتها المبكر .
أنظل هكذا منساقين أبدا إلى شواطيء جديدة؟
محمولين دائما وسط الليل الأبدي بغير جعة؟
أوما نستطيع أن نلقي بمرساتنا يوما
على شاطيء الزمن اللجي؟
***************
أيتها البحيرة ! لم يكد العام يتم دورته ومع ذلك انظري
ها أنا وحدي جالسا فوق هذه الصخرة
التي رأيتها تجلس عليها
وإلى جوار أمواجك العزيزة التي كانت ستعود إلى رؤيتها
هكذا كنتِ تهدرين تحت هذه الصخور العميقة
وهكذا كنتِ تنكسرين على جوانبها الممزقة
وهكذا كانت الرياح تلقي بزبد أمواجك
فوق قدميها المعبودتين
**************
أوما تذكرين كيف كنا نجدف صامتين ذات مساء
وكنا لا نسمع عن بعد فوق الموج وتحت السموات
غير حفيف المجاديف وهي تضرب في صمت
أمواجك الناعمة
**************
وفجأة ترددت في الشاطيء
أصداء نغمات تجهلها الأرضُ
فانصت الموجُ وتساقطت من الصوت الحبيب
هذه الكلمات :
ــ أيها الزمن قف جريانك
وأنتِ أيتها الساعات السعيدة قفي انسيابك
واتركينا ننعم باللذات العابرة
التي تتيحها أجمل أيامنا
كثير من منكوبي الحياة يضرعون إليك
فأسرعي ، أسرعي عنهم
واحملي مع أيامهم الآلام التي تنهشهم
وانسي السعداء
***************
ولكنني أسألك عبثا فضلا من اللحظات
فالزمن يفلت ويهرب
وأقول لهذا الليل تمهل
والفجر سيبدد الليل
************
فلنحب إذن فلنحب !
ولنسرع إلى المتعة باللحظة الهروب
فالإنسان لا مرفأ له ، والزمن ماله من شاطيء
إنه ينساب وننساب معه
********************
أيها الزمن الغيور
هل يجوز أن تنساب عنا لحظات النشوة
التي يسكب لنا فيها الحب السعادة جرعات طوالا
بالسرعة نفسها التي تنساب بها أيام الشقاء؟
*******************
ثم ماذا ؟ أوما نستطيع أن نستبقي الأثر؟
أهكذا تمر إلى الأبد ؟ أهكذا يضيع كل شيء
وهذا الزمن الذي منحها ، والذي محاها
لن يردها إلينا قط؟
***************
أيها الأبد ! أيها العدم ! أيها الماضي ! أيتها الأغوار الداكنة
ماذا تفعلين بما تبتلعين من أيام؟
تكلمي ، هل ستردين إلينا تلك النشوات العلوية
التي تسلبينها منا؟
*******************
أيتها البحيرة ، أيتها الصخور الصامتة ، والكهوف والغابة الحالكة
أنتِ التي يستبقيكِ الزمنُ أو يجدد شبابك
احتفظي من هذه الليلة ، أيتها الطبيعة الجميلة
على الأقل بالذكرى
وفي لحظات هدوئك أو صخبك
أيتها البحيرة الجميلة ، وفي شواطئك الباسمة
وصنوبركِ الأسود ، وصخورك الموحشة
الحانية فوق أمواجك
وفي النسيم الذي يرتعش ويمر
وفي النغمات التي ترددها شطآنك
وفي النجم الفضي الذي يضيء صفحتك
بأشعته الرخية
وفي الريح التي تئن ، والغاب الذي يتنهد
وفي العطور الخفيفة المنسابة في أريج هوائك
وفي كل ما يسمع وما يرى وما يتنفس
ليتردد في كل هذا : انهما كانا حبيبين
أستاذي الجليل الدكتور أسعد
عبورك الكريم على مشاركاتي يسعدني كثيراً
صراحة كلما أردت أ ن أكون سباقاً بأن أكون الأول على العبور على مشاركاتك وجدتُ الكثير
قد سبقوني، وهذا لأنك رجل عظيم ومحبوب لدى الجميع، لكن سأتابع مشاركاتك لاحوز على
الشرف في العبور على مشاركاتك.
جزاك الله خيراً.
شكراً أديبتنا عواطف عبداللطيف على هذا العبور الراقي
حول لامرتين وجبيبته جولي وبحيرته. يقال أن الكثير من الفرنسيين
كلما قرأوا هذا القصيدة وحكايته مع جولي يكادون يجهشون البكاء.
الأدب الفرنسي حقيقة يمتاز بكثير من الروائع الأدبية، هل هذا ناتج
عن البيئة أم هي مواهب أدبية يزهر بها الأدب الفرنسي.
دمتِ مع أخلص أمنياتي
كوكب البدري أديبتنا الراقية.
شكراً على عبورك الراقي حول جولي ولامرتين و بحيرتهما التي دخلت تاريخ الأدب العالمي
من اوسع أبوابه. كنت قرأتُ قبل فترة طويلة قصيدة البحيرة ترجمة الياس فياض، على ما
أذكر يقول مطلعها.
أيا بحيرة ايام الصبا أبداً
تبقين للدهر والأيام تطوينا.
لا أدري هي نفسها القصيدة التي ذكرتيها. أم غيرها.