وكيف يمكن أن نغير حياتنا باستخدام الألوان؟ لماذا اختار الله اللون الأخضر للجنة؟
ولماذا اختار اللون الأسود لجهنم؟
هل هناك معجزة ما؟ لنقرأ….
ثمة آيات كثيرة يمر عليها الإنسان ويراها وهو غافل عنها، ومن المعجزات ما سخَّره الله لنا من ألوان، فما هو الجديد الذي كشفه العلم في الألوانوكيف أشار القرآن لذلك؟ يقول تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)[1]. تؤكد هذه الآية على وجود معجزة في الألوان. وأنه يجب علينا أن نتفكر فيها ونسبح الله تعالى، لنزداد إيماناً وتسليماً لهذا الخالق العظيم.
ان كل الألوان التي نراها أصلها واحد، وهي عبارة عن ضوء تتأثر به أعيننا، ولكل لون تردد محدد، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه خلق لنا أعيناً لا ترى كل الترددات من حولنا! إننا فقط نرى جزءاً صغيراً منها وهو الطيف المرئي، ولو رمزنا للضوء بطول موجته فإن الإنسان يرى فقط الألوان ذات الطوال الموجية من 400 نانو متر إلى 700 نانو متر تقريباً (والنانومتر هو جزء من بليون من المتر). عندما يسقط الشعاع الضوئي على مادة ما تبدو بيضاء، وهذا دليل على أنها تعكس كل الألوان ولا تمتص شيئاً منها، وإذا رأينا مادة سوداء فهذا يعني أنها تمتص كل الألوان ولا تعكس شيئاً منها. أما المادة الحمراء تمتص كل الألوان عدا الأحمر وتعكسه لنا فنراها حمراء وهكذا. إن الضوء الذي نراه هو عبارة عن موجات لها تردد محدد، فالضوء الأحمر هو موجة لها تردد، واللون الأخضر هو نفس الموجة الضوئية ولكن لها تردد أكبر، وهكذا…
إذاً: تختلف الألوان عن بعضها باختلاف طول موجة كل منها أو تردده، وهذه آية تستحق التفكر. ولذلك ينبغي علينا أن نتدبر قول الحق تبارك وتعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ *وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)[2] والعجيب أن الله تعالى ذكر في هذا النص الكريم شيئاً غريباً لا يمكن أن يصدر من بشر، وذاك في قوله (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
وهذا يعني أن العلماء هم أشد خشية لله من غيرهم، وهذه الآية كانت سبباً في إسلام أحد العلماء لأنه أدرك أنه لا يمكن لبشر أن يدرك مثل هذه الحقيقة.
وتأملوا معي كيف ربط الله بين العِلم وخشية الله من جهة وبين معجزة الألوان من جهة ثانية، ليدلنا على أهمية هذا التنوع في عالم الألوان وتأثيرها على البشر. وانظروا معي إلى هذا النص الكريم
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[3] انظروا كيف يربط البيان الإلهي بين الألوان واختلافها في قوله (مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ) وبين الإيمان في قوله (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ)، وكأن الله يريد أن يعطينا إشارة إلى أهمية التفكر في عالم الألوان واختلافها، وبخاصة أن التراب واحد والماء واحد ولكننا نرى عالماً مليئاً بالألوان لا تكاد تجد له نهاية. يؤكد العلماء أنه لا يمكنهم تقليد العين البشرية مهما حاولوا، لأنها تتميز بوجود ملايين الخلايا جميعها تعمل بتناسق مُحكم، وهذا لا يمكن تحقيقه في حيز بحجم العين! ولهذا فإنهم يقفون عاجزين منبهرين أمام آية البصر.
ولذلك ينبغي أن نشكر الله تعالى على هذه النعمة وهو يذكرنا بها كثيراً في القرآن.
يقول تعالى:
(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون)[4] (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)[5] كل إنسان لديه لون مفضل يتناسب مع اهتزاز خلايا جسده (الرنين الطبيعي للجسد).
فقد خلق الله الكون بحيث يتألف من ذرات والذرة تتألف من جسيمات أصغر منها، وجميع هذه المخلوقات الصغيرة تهتز بنظام محكم وعجيب.
وقد درس العلماء ظاهرة اختلاف الألوان ودهشوا عندما رأوا هذا التنوع اللامتناهي في عالم النباتات والحشرات والحيوان. إذ يقوم النبات أثناء عملية التركيب الضوئي بامتصاص الفوتونات الضوئية القادمة من الشمس وتحويلها إلى طاقة كيميائية تختزن في أوراق النبات، وأودع الله في هذه النباتات برنامجاً محكماً يعطي الأوامر للخلايا بامتصاص اللون الأخضر، وتبعاً لذلك نجد أوراق النباتات خضراء!
أما النباتات في أعماق البحار حيث لا يصلها الضوء الأخضر نجدها تمتص الضوء الأزرق وهذه العملية معقدة جداً وقد دُرست من قبل علماء وكالة ناسا، وتبين لهم أن ألوان النباتات تختلف مع اختلاف القدرة على امتصاص الطيف الضوئي.
ويقول العلماء لولا هذه القدرة على امتصاص ضوء محدد في النباتات لبدى العالم أسوداً قاتماً، ولكنها بالفعل عملية مدهشة تستحق التفكير، ويؤكد علماء آخرون أن الطبيعة لا يمكن أن توفر مثل هذه البرامج المعقدة في عالم النبات لتعطي هذا التنوع الهائل والمتناغم بحيث لا نجد أي خلل في عالم الألوان الطبيعي، لذلك لابد أن يكون هناك قوة مهيمنة على هذا الأمر! ونقول إنها قدرة الله تعالى القائل
(وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ)[6]. ومن خلال مراقبة العلماء للغطاء النباتي تبين أن النبات لا يمتص الأشعة تحت الحمراء، بل يعكسها، وهذا يساهم في تنظيم درجة حرارة الغلاف الجوي، ولا يزال هذا الأمر لغزاً محيراً لهم.
مما لاشك فيه أن للألوان تأثيراً نفسياً واضحاً، فكل لون له تردد خاص به، ومن خلال تردده يؤثر على العين، ولذلك عندما نرى لوناً محدداً فإن تردداته تنتقل عبر العين إلى الدماغ وتؤثر على خلايا الدماغ بشكل مختلف عن لون آخر.
والألوان لها تأثير على شخصية الإنسان، ويمكن أن تحلل شخصية المرأة أو الرجل من خلال حبه لألوان محددة ومدى تفاعله معها (وتبقى المسألة نسبية). وتتمثل الحقيقة بغياب الدراسات العلمية الموثقة حتى الآن حول التأثير النفسي المؤكد للألوان على جميع البشر، ولكنها مجرد ملاحظات يطلقها الباحثون، إذ يعتبر التفاعل مع الألوان عملية معقدة جداً لم يتم تفسيرها حتى الآن، ولذلك تعتبر الألوان آية محيرة من آيات الخالق تبارك وتعالى أمرنا أن نتفكر فيها لندرك ونتذكر أن هذا الكون لم يأت عن طريق المصادفة (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ)[7]. لوحظ تأثير فيزيولوجي للون الأحمر يؤدي التعرض له ولفترة طويلة إلى زيادة ضغط الدم.
وهو يؤثرعلى مختلف غدد الجسم، وبالتالي ينشط خلايا الجسم ويرفع طاقتها.
وإذا قمنا بتخفيف اللون الأحمر ليصبح زهرياً فإن تأثيره سيقل.
والذي يتأمل الطبيعة يلاحظ أن الله تعالى اختار ألواناً محددة لنباتات محددة بما يتناسب مع خصائصها .
اللون البرتقالي
يؤكد بعض الباحثين أن هذا اللون يرتبط بنظام المناعة في الجسم ويؤدي التعرض للضوء البرتقالي الى زيادة مناعة الجسم، وربما بسبب توافق الاهتزازات الخاصة بالخلايا المناعية مع ترددات هذا اللون.
اللون الأصفر
يربط بعض الباحثين بين نشاط الدماغ وهذا اللون فاللون الأصفر ينشط خلايا الدماغ، أما بخصوص الأثر النفسي فاللون الأصفر يزيد من السرور لدى الإنسان، وهناك من الباحثين من يربط اللون الأصفر بالخوف أو الموت، ولكن ليس لديهم دليل علمي على ذلك سوى ما يعبر عنه بعض الناس.
وهناك بعض الآراء تؤكد على أن اللون الأخضر مفيد للقلب.
ويساعد على التنفس بعمق.
وهو لون يساعد على إعادة التوازن لخلايا الجسم.
وهذا اللون يُدخل على الإنسان السرور والبهجة، ولذلك نجد الأطباء في العمليات الجراحية يرتدون هذا اللون لتخفيف الألم عن مرضاهم، ولمنحهم الإحساس بالبهجة والسرور.
اللون الأزرق
يساعد على تخفيض ضغط الدم، وله تأثير مسكن للجسم وهو لون السكينة، وهو ينشط الغدة النخامية ويساعد على النوم العميق ويقوي نخاع العظام.
وهناك وجهات نظر تؤكد على أن اللون الأزرق يساعد على الإبداع.
اللون البنفسجي
يساعد على التخفيف من سَوْرة الغضب وهو مرتبط بالاضطرابات العاطفية حيث يساعد على الحد منها.
ويعتبر هذا اللون من أهم الألوان في الاستقرار العاطفي وإحداث التغييرات في حياة الإنسان، وبالطبع قد نجد أناساً لا يتأثرون بالألوان وهذا أمر طبيعي، وبالمقابل نجد أناساً لديهم حساسية فائقة تجاه الألوان، يتذوقونها ويتفاعلون معها، مثل تفاعلهم مع الموسيقى مثلاً. يؤكد بعض الباحثين أن اللون البني هو لون الاستقرار.
ويمنح الإنسان بعض الهدوء والعودة للطبيعة، ونجد أن لون التراب يميل للون البني، وبالتالي هذا اللون يذكرك بالبساطة ويزيد من الإحساس بالتواضع – طبعاً المسألة نسبية تختلف من شخص لآخر حسب الحالة النفسية وحسب المعتقدات لديه.
اللون الأسود
هو لون سلبي وغير مفيد في العلاج ويقلل النمو.
واللون الأسود هو رمز الوقار عند بعض الناس، وهو رمز الحزن عند آخرين، ولكن الإسلام لا يقر بذلك، لأن هذه الألوان هي نعمة من نعم الخالق عز وجل، وجميعها يكمل بعضها بعضاً. ولا يمكن الاستغناء عن أي واحد منها. هو اللون الذي يجلب الراحة والسلام ويبدد اليأس! ولذلك يفضل لمن يجد في نفسه اليأس والاكتئاب، ارتداء قميص أبيض مثلاً، أي يدخل اللون الأبيض في جزء من لباسه، ليس بالضرورة أن يكون لباسه أبيض بالكامل ولكن يكفي التنويع.
النحل: 13[7]
من كتاب ( علم الألوان وسر ذكرها في القرءان)