استراتيجية التقليبات الحرفية لتكوين كلمات الاستراتيجية الرابعة في استراتيجيات الطلاقة
استراتيجية التقليبات الحرفية لتكوين كلمات الاستراتيجية الرابعة في استراتيجيات الطلاقة
(1)
احتوى الدليل الإرشادي "نماذج استرشادية لأنشطة تدريس مهارات القراءة للصفوف الثلاثة الأولى .. الفهم والطلاقة، 2015م"- على ثلاث استراتيجيات للطلاقة هي: الأداء القرائي، والقصص المسلسلة، والقراءة المتكررة.
وما كان لها أن تقتصر على ذلك.
لمه؟
إن للطلاقة اتصالا بالموهبة كما بينت في مقالي (وجوب توسيع الطلاقة التي في الأدلة الإرشادية) الذي نقلت فيه عن دعاء بنت نافذ البشيتي في ورقتها العلمية المنشورة على موقع الألوكة التي عنوانها "القصة وأثرها على الطلاقة اللغوية عند أطفال ما قبل المرحلة الابتدائية":{الطلاقة اللغوية: الطلاقة في اللغة: من مادة (طلق) أي فصحٌ ولسان، وطلق: ذلق، كما جاء في الحديث، أي فصيح بليغ. وفي الاصطلاح الطلاقة اللغوية هي: قدرة المتعلم على استدعاء أكبر عدد من الأفكار أو العادات أو الجمل أو الكلمات، استجابة لموقف ما في أسرع وقت ممكن.
ويتضح أكثر من معنى للطلاقة اللغوية من خلال تجزئتها إلى أجزاء تتمثل في:
(الطلاقة الفكرية): وتعني القدرة على إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار.
(الطلاقة اللفظية): وتعني القدرة على سرعة إنتاج أو توليد أكبر عدد ممكن من الألفاظ.
(الطلاقة الارتباطية): وتعني القدرة على سرعة إنتاج أكبر عدد من الكلمات التي تعبر عن علاقات معينة.
(الطلاقة التعبيرية): وتعني القدرة على صياغة أكبر عدد ممكن من الجمل والعبارات التامة ذات المعنى لتعبر عن أفكار مختلفة}.
وكذلك نقلت عن الكتب التربوية المعنية بالموهبة:
{أولا- الطلاقة (Fluency)
تتضمن الطلاقة الجانب الكمي في الإبداع، ويُقصد بالطلاقة تعدد الأفكار التي يمكن أن يأتي بها المتعلم المبدع، وتتميز الأفكار المبدعة بملاءمتها لمقتضيات البيئة الواقعية، ومن ثم يجب أن تُستبعد الأفكار العشوائية الصادرة عن عدم معرفة أو جهل كالخرافات. وعليه كلما كان المتعلم قادرا على إنتاج عدد أكبر من الأفكار أو الإجابات في وحدة الزمن وجدت فيه الطلاقة أكثر.
وتُقاس الطلاقة بأساليب مختلفة منها على سبيل المثال:
1 ـ سرعة التفكير بإعطاء كلمات في نسق محدد، كأن تبدأ أو تنتهي بحرف أو مقطع معين (هراء، جراء ...) أو التصنيف السريع للكلمات في فئات خاصة (كرة، ملعب، حكم ...).
2 ـ تصنيف الأفكار وفق متطلبات معينة، كالقدرة على ذكر أكبر عدد ممكن من أسماء الحيوانات الصحراوية أو المائية، أو أكبر قدر من الاستعمالات للجريدة، أو الحجر، أو العلب الفارغة ... إلخ.
3 ـ القدرة على إعطاء كلمات ترتبط بكلمة معينة، كأن يذكر المتعلم أكبر عدد ممكن من التداعيات لكلمة نار، أو سمكة، أو سيف، أو مدرسة ... إلخ.
4 ـ القدرة على وضع الكلمات في أكبر قدر ممكن من الجمل والعبارات ذات المعنى}.
(2)
وهذه الفكرة ليست جديدة بل هي قديمة في تراثنا قد وظفها العالم الفذ الخليل بن أحمد الفراهيدي توظيفا لغويا في جمعه اللغة العربية وحصر كلماتها اللغوية.
كيف؟
يقول الأستاذ عبد الله درويش في كتابه (المعاجم العربية مع اعتناء خاص بمعجم العين للخليل بن أحمد):
[رابعًا: عولجت الكلمة ومقلوباتها في موضع واحد فمثلًا نجد الكلمات:
ع ب د، ع د ب، د ب ع، د ع ب، ب ع د، ب د ع كلها يمكن أن تعالج نظريًّا تحت عنوان واحد بقطع النظر عما نطقت به العرب منها فعلًا وعما لم تنطق به، فالنوع الأول سماه الخليل "مستعملًا"، والنوع الثاني سماه "مهملًا" ويعرف هذا التنظيم باسم "التقليبات"، ويمكن الرجوع إلى هذه المفردات مثلًا تحت حرف العين مجموعة "ع د ب"؛ لأن العين أسبق الجميع في الأبجدية الصوتية التي وضعها الجليل تليها الدال ثم الباء.
وجميع من تبع نظام العين سار في التقليب على قاعدة وضع المفردات المأخوذة من أصل ثلاثي واحد تحت الحرف الذي هو أسبقها من حيث المخرج ما عدا ابن دريد الذي اتبع في تقليباته نظام وضع المفردات المتحدة الأصل تحت الحرف الذي هو أسبقها في الأبجدية العادية. فهنا مثلًا نجده وضع تلك المفردات الستة المذكورة سابقًا تحت مجموعة "ب د ع"، فهذا اختلاف فرعي يجعلنا نعتبر ابن دريد صاحب جمهرة اللغة أيضًا من المؤلفين الذين اتبعوا في ترتيبهم نظام كتاب العين].
وقد تبع الخليل كثير من الكتب المعجمية كما يقول المؤلف: [أما أشهر الكتب التي تعتبر مفقودة فهي:
1- المدخل إلى العين وضعه تلميذ الخليل، النضر بن شميل المتوفى 203هـ.
2- التكملة للخزرجي المتوفى 348هـ.
3- الحواصل لأبي الأزهر البخاري المتوفى 350هـ.
4- الموعب للتياني المتوفى 433هـ.
أما أهم المعاجم التي سارت على نظام العين، وبقيت حتى وصلت إلينا فمنها ما وضعه الشرقيون، ومنها ما ألف في الأندلس إبان ازدهار الحضارة الإسلامية في أسبانيا. أما معاجم المشرق فأهمها الجمهرة لابن دريد وتهذيب اللغة للأزهري، وأما معاجم المغرب فأهمها البارع لأبي علي القالي، ومختصر العين لأبي بكر الزبيدي، والمحكم لابن سيده].
(3)
ومن السابق نرى أن نشاط "تكوين كلمات من حروف معطاة" نشاط يثري اللغة ويُعد من الطلاقة اللغوية التي هي من علامة الموهوبين.
وإن نظرنا إلى تنفيذها في المقررات اللغوية فإننا سنجدها محصورة في الصف الأول الابتدائي فقط في فصله الدراسي الأول، وهذا يجعلها غير ذي فائدة كبيرة.
لماذا؟
لأن الطلاقة التي تتصل بطفل الصف الأول درجتها يسيرة، أما ما بعده فإن الطلاقة تعلو معه إلى مستوياتها العلا، وهذا يوجب مد هذا النشاط إلى الصفوف التالية وعدم قصرها على الصف الأول فقط.
لماذا؟
لأنه عندما يُطلب من تلميذ الصف الأول الابتدائي تكوين كلمات من حروف (ب ت أ ح خ ج د ر ز) - كما ورد في أحد الكتب السيارة - فكم كلمة يمكن أن يكوّنها؟ سيكوّن كلمات قليلة مثل: (حب، وأخ، وأخت)، أما بقية الكلمات المتوقعة التي قد تكون فعلا، وقد تكون اسما، وقد تكون حرفا- فلن يقترب منها.
ولو أن التلميذ درسها في الصفوف التالية التي يجب أن تشمل التعليم قبل الجامعي بمراحله الثلاثة فإن الأمر سيزداد ثراء وإثراء.
كيف؟
ستزداد الكلمات التي سيصنفها على وفق نوع الكلمة كما يأتي: أسماء: خُبْز- أُرْز- أجْر- درْب- برْد- دُبُر. أفعال: زِدْ- خَبَزَ- أَرِزَ- أجَر- دَبَرَ- رَ- أمر "رأى"- أخبت. حروف معانٍ: ب الجر- أ النداء- ت القسم الخاص بلفظ الجلالة أو رب الكعبة
إلى آخر الاحتمالات اللغوية التي ستنتجها التقليبات الحرفية السابقة.
(4)
إن الاكتفاء بحصر هذا النشاط في الصف الأول في فصله الأول يحرم التلاميذ والطلاب ثراء لغويا عن طريق توظيف اللغة في مواقف حية نشطة؛ لذا يجب تقرير هذه الاستراتيجية على الصفوف الدراسية كافة.