فن الحكاية فى شعر شوقى..(الفقرة الأولى)
====================
ضرب أمير الشعراء أحمد شوقى فى كل فن من فنون الأدب بسهمٍ وافر ، فلم يترك غرضا قديما أو حديثا من أغراض الأدب إلا قال فيه شعرا رائع البيان ، قوى الأسلوب ، غزير المعنى . وهام شاعرنا الفذ فى جميع أودية الخيال ، وحلّق فى سماء الإنشاد ، وقد أبى إلا أن يكون شاعرا عبقريا قابضا على ناصية الفصاحة والبيان فى كل موضوعٍ أدبى ، جاعلا الشعر طيّعا لأغراض الحياة . وقد أعانته ثقافته العميقة ، واطلاعه الواسع على ذخائر الأدب العربى فى مختلف عصوره ، وروائع الأدب الفرنسى على أن يتعمق فى كل غرضٍ من أغراض الشعر .
فن الحكاية على ألسنة الحيوانات
وقد تناول شاعرنا الكبير رحمه الله فنا طريفا بالإنشاد ، وذلك هو فن الحكاية الشعرية على ألسنة الحيوانات والطيور والحشرات . وشاعرنا وإن كان مقلدا فى هذا الفن ، إلا أنه أحسن التقليد ، وأبدع فيه كل الإبداع ، فقد سبقه إلى هذا (ايسوب) اليونانى بحكاياته الخرافية ، وابن المقفع بكتابه "كليلة ودمنة" ، و(لافونتين) الفرنساوى بأقاصيصه القصيرة ، ثم المرحوم الأديب المصرى الفكه محمد عثمان جلال فى كتابه: (العيون اليواقظ فى العبر والمواعظ) . ولكن شوقى تميز بفنه عن كل من سبقه ، وخلع على حكاياته عبقريته الفنية ، فجاءت فريدة فى بابها . وقد اختار لحكاياته الطريفة أوزانا قصيرة مطربة ، وألفاظا سهلة ، ولكنها من السهل الممتنع .
أهداف الحكاية على ألسنة الحيوانات
آخر تعديل سرالختم ميرغني يوم 07-01-2018 في 06:58 AM.
وكان شوقى يقصد من وراء هذه الحكايات الشعرية السهلة أن يغزو أولا ميدان الطفولة ، وأن يقدم إلى الأطفال غذاءً أدبيا شهيا ، سهل الهضم ، تقبله نفوسهم ، وتطرب منه قلوبهم ، وثانيا أن يتخذ من هذه الحكايات الشائقة على ألسنة الحيوانات والطيور والحشرات وسيلة لأن يدسّ فيها ما شاء من الحكم الأخلاقية ، والآداب الاجتماعية والآراء الحكيمة والعبر العظيمة ، التي تربى النفوس ، وتهذّب الأخلاق ، وتسمو بالنشء إلى مرتبة الكمال الخلقى المنشود ، كما كان يرمى من ورائها إلى تسلية الكبار ، وتهذيب طباعهم ، ونصحهم وإرشادهم ، ولا ريب أن النفس ترتاح دائما إلى القصة المحلية على ألسنة الحيوان والطير والحشرات ، لأن الإنسان بطبعه مشوق إلى معرفة أسرار هذه العوالم ، لما بينها وبين الإنسان من الحدود الفاصلة ، ولما في إيراد الحكاية على هذا النحو من طرافة وجدة وفكاهة .
حكاية الكلب مع الحمامة _ تشهد للجنسين بالكرامة
يقال: كان الكلب ذات يوم _ بين الرياض غارقا في النوم
فجاء من ورائه الثعبان _ منتفخا كأنه الشــــيطان
وهمّ أن يغدر بالأمين _ فرقّت الورقاء للمسكين
ونزلت توا تغيث الكلبا _ ونقّرته نقرةً فهبّا
فحمد الله على السلامة _ وحفظ الجميل للحمامة
إذ مرّ ما مرّ من الزمان _ ثم أتى المالك للبستان
فسبق الكلب لتلك الشجرة _ ليُنذر الطير كما قد أنذره
واتخذ النبح له علامة _ ففهمت حديثه الحمامة
وأقلعت في الحال للخلاص _ فسلمت من طائر الرصاص
هذا هو المعروف يا أهل الفِطَن _ الناس بالناس من يعن يُعن
حكاية الكلب مع الحمامة _ تشهد للجنسين بالكرامة
يقال: كان الكلب ذات يوم _ بين الرياض غارقا في النوم
فجاء من ورائه الثعبان _ منتفخا كأنه الشــــيطان
وهمّ أن يغدر بالأمين _ فرقّت الورقاء للمسكين
ونزلت توا تغيث الكلبا _ ونقّرته نقرةً فهبّا
فحمد الله على السلامة _ وحفظ الجميل للحمامة
إذ مرّ ما مرّ من الزمان _ ثم أتى المالك للبستان
فسبق الكلب لتلك الشجرة _ ليُنذر الطير كما قد أنذره
واتخذ النبح له علامة _ ففهمت حديثه الحمامة
وأقلعت في الحال للخلاص _ فسلمت من طائر الرصاص
هذا هو المعروف يا أهل الفِطَن _ الناس بالناس من يعن يُعن
هذا هو الوفاء يا صديقي ...اعانك الله على الطــريقِ
ووفق الله الذي مشــــــاه ...وأنقذ المكلوم من غريقِ
أحسنت الإختيار أخي الكريم
باركك الله ورعاك
تحياتي
وكل التقدير