هناك .. فى سِرحتنا الخضراء عند النهـــر
عربدت الأطفال فى المنعطف المزدهر
سلالها ساذجة .. كم ملئت بالثمر ..
تبنى سواقيها بأعواد الجريد النضِر
تسلقت ضفائر الصفصاف تحت القمر
وعانقت أرجوحة الظلال .. فى المنحدر
مثل فراشات الضحى ترف بين الشجر !
***
تثور إن حجّبت الغيمات ضوء القمر
وإن تبدى ضاحكا .. يحلو بساط السمر
تروى أقاصيص الهوى ، تروى جميل السير
تروى عن الأشباح تنسل كلصٍّ حذر
عن ماردٍ يخطف فى الظلام ضوء البصر
كم سرقوا من حقلنا المعشب غصن الزهر
يُرقصهم نوح السواقى ، أو خرير النهر
أو جوقة الأنسام فى درب الكروم العطر
كم صفقوا وثرثروا .. فى المنحنى المزدهر
.. سوى غلامٍ شاحبٍ مستغرقٍ فى الفكر
تفجرت دموعه كاللهب المستعر
***
أسبل جفنيه على إغفاءة المحتضر
ومرّ .. لم يحفل به قلب الزمان الحجرى !
يجترّ من ماضيه ما يثير باكى الصور
كأنه خطيئة فى الأرض لم تستتر
أو أنه من خوفه يعشى عيون البشر
***
مات أبوه .. أمه ماتت فيا للقدر
تمزق الشراع فى نهر الحياة العكر ..
وانطفأ المصباح فى دنياه .. دنيا الصغر
ومرّ .. لم يحفل به قلب الزمان الحجرى !
***