ضاقت ذرعا نغم بعالمها القاتم، واخفاقاتها المستمرة، فقررت خوض التجربة وحدها ،عندما يئست من عالمها ومن اخفاقاتها المستمرة رغم نجاحها واصرارها يئست بعد أن استنفدت كل طاقة لديها ،أقفلت عيناها وتخيلت أن هناك عالم آخر بداخلها ،قامت بخلقه داخل مخيلتها ،كان عالما كما كانت تحلم به ،عالم سماوي هائل ،لطالما تأملت السماء مرارًا وتكرارًا ، شعرت بعظمة الخالق لطالما زال ضيقها وحزنها ،حينما تأملت السماء فقد اكتشفت أن تأملها للسماء ؛ جعلها تتأمل الأرض ،والشجر، والماء ،والزهر والألوان، والهواء، وحتى أجزاء الذرة، جعلها تتأمل كل شيء، حتى الإنسان حينما تطيل النظر إلى الإنسان ،تشعر بخوف لطالما تأملته وقالت إنه مخلوق مخيف ،عينان ذو شكل معين ،وأنف ذو فتحتان ،وأذنان ،وشفتان ،وفكان للأسنان ،ويدان ،ورجلان، وكليتان، ورئتان ،لقد شعرت بحب للرقم اثنان وبثنائيته العجيبة في الكون، الليل والنهار ،الشمس والقمر ،النجوم والكواكب ،المجرات والنيازك ،الشهب والمجرات . الأب والأم ،الذكر والانثى ،الحب والكره، الشر والخير، العمى والبصر، الصلاح والفساد ،النية والمصلحة ،القسوة والرحمة ،الألم والفرح ،المرض و العافية ،السعادة والحزن ،البسمة والتشاؤم الجبروت واللين ،الطيبة والنكران ،الوفاء والجحود، كل شيء اثنان بل إن أغلب نواقيس الكون ،تندرج ضمن الرقم اثنان ،حقا هو رقم الصداقة الحقيقية، الأخوة الصادقة ،هو رقم كلمة حب، هو رقم صغير ،ويحمل معاني كثيره مبثوثة في كون واسع ،وحالم كون صنعه قدير، كون لا يسعنا إلا ذكر الله، وشكره على إبداعه و إغداقه علينا بالنعم التي لاتعد ولا تحصى ،اللهم لك الحمد على كل شيء عندما نتأمل مخلوقات الله، نشعر بطاقة هائلة للحب والسلام والشفافية ، نشعر بنقاء أرواحنا ،نشعر بطاقة هائلة للحب والعطاء والتسامح . حينما غرقت بتأملاتي الكثيرة، وعشقي للسماء ،ولجمالها أقفلت عيناي، وقررت أن أزورها، لقد رأيت هناك درج من السماء تشكل لي وأنا كنت أصعده بأبهى حلة ،كأميرة اسطورية، تتوج ملكة على قصصها، صعدتها ورأيت بها قصورا ،وأزهارا ،رأيت بها كل شيء كان لونه أبيض ،كل شيء كان موجود، يا للروعة! ويا لجمال اللون الأبيض! الذي أنعكس على داخلي، فغدت نفسي مشرقة ،ونقية، كالصفحة البيضاء ،كانت السماء بالنسبة لي كل شيء ومازالت ،فهي رمز العلو، والكرامة ،والشرف ،والنقاء، لقد استمتعت بتلك الرحلة، التي لم أصحب فيها أحدًا سواي ،أحببت التفرد بها لوحدي ،أجل لقد كنت أنانية أعلم ذلك ،ولكن أن تأملتم السماء وجمال السحاب ،وإبداع خالقها سيراودكم نفس احساسي في التفرد بهذا الجمال ،للنهل من نقائه وهدوئه الذي يزيل فوضى الحياة ،وفوضى النفس المضطربة ،التي تنشد إلى الكمال في كل حال، النفس التواقة للفت الأنظار، للحب ،للسلام ،للتميز، هذه النفس الحقيقية داخل كل فرد منا ،جبلنا عليها وفطرنا عليها ،ولكن الأنسان الذكي، هوالذي يحاول أن يرتقي بنفسه ،وأن يكون هو لا غيره ،هو من يبحث عن العلوم النافعة في الكون ويتزود منها وينهل، بعمق ويعيد صقل وتهذيب شخصيته من جديد ،يعيد صقلها بما ينفعها ،كل شيء موجود ولكنه موجود بشكل سلبي وإيجابي الإنسان الذكي ،هو من يقبل على العلوم الإيجابية يتعلمها ويقرأ منها بشغف ويستفيد، ويطبق، والعلوم السلبية التي تعيق الفكر وتفسد العقل، والقلب ،والروح ،لا نفع منها، يضع عليها علامة خطأ بخط أحمر في عقله، ومخيلته، ولا يقربها أبدا لأنها بقدر ما ستثري حصيلته العلمية ،بقدر ما ستتلف روحه وطاقاته في التفكير بما لا نفع منه ،بل ستستحوذ على تفكيره فترة طويله، وستعطل طاقته، وتشغل كيانه بما لا نفع منه . الإنسان كالطفل/ يظل طفلا في داخله هو لا يكبر حقيقة إلا بمستوى عمره فقط، هذا الإنسان النقي فقط الذي يقبل على العلوم النافعة ،ويهذب نفسه باستمرار، هذا الإنسان الذي يزيل أحزانه وأكداره وغضبه من نفسه يوميا، ويعمل لنفسه عملية سكب الطاقة السلبية بكل أنواعها ،في نهر الحياة الجاري ،ليتهذب أسلوبه وتنقى نفسه ،وتصفو سريرته، ويغدو كالطفل نقيا من الداخل والخارج ،لا يعكر صفو حياته شيء، نقيا روحيا ،وفكريا ،هذا الانسان دائما يكون بحالة تجدد في داخله، يشعر أنه كالطفل الذي يذهب كل يوم في نزهة للبستان ،يتأمل البحيرة الصافية، والاشجار الوارفة الخضرة، يتأمل العصافير الملونة ،ويسمع تغريدها الجميل، يتأمل الأزهار فائقة الحسن والجمال، يقطف منها ويشم عبيرها فيحضره الإلهام ،فيرتعش قلمه، يفترش الأرض، ويكتب ما يشعر به، يكتب لنا خلاصة نقاء روحية ،قام بفعلها لنفسه، لقد انصهر في جمال الطبيعة ،فولد لنا أجمل نص صادق، خرج من الروح ولامس الروح كانت نغم هكذا؛ تتأمل كل شيء ،حتى أدق التفاصيل في حياتها وفي كونها ،تتأمل، وتتعلم ،وتطبق ،وهذه هي الطريقة الصحيحة للتعليم الفعال، والإبداع المستمر ،الذي يشعل النور للأخرين بعد أن يشعله لنفسه، وينعكس على الأخرين ظلت نغم مكبة على القراءة ،قرأت في الآداب العربية ،وكتب الشعر، والأدب ،فنقحت ذائقتها وصقلت موهبتها وتفجر إبداعها في الكتابة . أطلعت على التنمية البشرية ايضا، وتعمقت بها قرأت بعلم النفس وعلم الاجتماع، شغفها باللغات لم ينسيها أن تتطلع على بعضا منها وتحفظ بضع كلمات، كانت تحب العلم بكل فروعه، وتحرص على الإطلاع عليه بشتى الوسائل ،لكم شعرت بالنهم أثناء القراءة لقد عشقتها بحق، وتزودت منها رغم أنها مرت بصعوبات ،وعقبات في طريقها ،إلا أنها رفضت الإنهزامية التي فرضها عليها مجتمعها ،وكل المحيطين بها. رغم أنها كانت تحبط من الجميع ،وكانت محط سخرية مما تقدم ولم يلقى لكتاباتها وإبداعاتها أي صدى، أصرت على التحدي وزادت رغبتها في أن تثبت نفسها، وتثقف نفسها، لقد أقنعت نفسها أنها هي التي على صواب، والبقية مخطئون ،و اجتهدت أكثر وأكثر، وتعلمت ،وثقفت نفسها، لقد أقسمت على نفسها أن تأخذ بيدها إلى النور، أن تقدم شيئا هاما ومفيدا للأمة الإسلامية يتحدث به العالم أجمع ،هي تعمل على ذلك ولازالت تعمل ،لقد تحقق جزءا مما كانت تحلم به ، ولازال سيتحقق حتى لو كان خلف قناع، هي قصدت ذلك حتى ترد لهم الصاع صاعين ،عندما يذاع صيتها تواجه كل من أنكروا انتمائها لعالم الكتابة، ورأوا ما كتبته وما تكتبه مجرد خربشات خفية، لن يراها أحد، ولم يراها سترد لهم الصاع صاعين ،وستقول لهم هذه أنا ،التي لم أكن لكم سوى مخلوق خفي لم يلاحظ وجوده أحد ،هذه أنا التي لا يوجد سواي في عالمكم أيها الحمقى؟هذه أنا التي أنتم مبهورين بي الآن وتتحدثون عن إنجازي؟ ولا تعرفون حقيقتي حتى؟ بعض المجتمعات تعاني من عقد ؛ترى أن الفتاة كائن لا يلاحظ ولم يلاحظه أحد ،كائن خلق للرجل فقط ،ولا عمل له سوى التفرغ للبيت ،وتربية الأبناء. هذه مجتمعات معقدة ،وتعيش في عقدة الحقبة الجاهلية ،التي لم تشهد الثورة ،والأنترنت، والتقدم التكنولوجي، والتطور الحضاري ،والرقي الفكري ،أمثال هؤلاء حرام ؛بأن يعيشوا بمجتمع كمجتمعنا بل عار عليهم أن يشهدوا هذا التطور الهائل، والزحف الحضاري و لا يتأثروا به . مكان هؤلاء الصحيح هو أن نخترع آلة زمن، ونعيدهم إلى حيث ينتمون ،العصر الجاهلي لأنهم أعداء الفكر والتطور. نغم فتاة في أوائل العشرين ،تنتمي وبكل آسف لهذه المجتمعات التي ترى أن الأنترنت عار على الفتاة ،وأن التقدم التكنولوجي والتطور الحضاري يفسدها، نغم فتاة أرغمت على أن تعزل عن عالمها وحضارتها، وظلت تربى بمفاهيم قديمة وعادات بائسة، ظلت أسيرة تلك الحقبة . لم تستسلم نغم فقد كانت تختلف كثيرا عنهم، قررت أن تبدع وأن تعيش عالمها، وقرنها ،لا عالم الجاهلية واظبت على قراءة الكتب ؛في كافة المجالات، وتثقيف نفسها وسايرت التطور بأسماء مستعارة، فقط كي تشق طريقها بداية وتتعلم ثم حينما تصبح مشهورة ومبدعة بحق، يحين الوقت لكشف الستار عن اسمها الحقيقي، وتكمل ماشقته به نغم هي ضحية مجتمع بدائي ،وفكر عقيم، لكنها استطاعت أن تجعل الأمر في صالحها، وسايرت التطور، وعاشت به وأدت دورها وقدرها كما كتبه الله لها، نغم وغيرها هؤلاء هم من يستحقون الاحترام ،لأنهم هم من يعلمونا أن الحياة من دون صعوبات ،لاتعد حياة وأن الحياة السهلة، اليسيرة، تشبه حياة الأموات ،لا حركة فيها سوى الركود والجمود. لقد اصبحت نغم معجزة لا ضحية ؛بسبب اصرارها العجيب على العلم، والتطور، وإفادة الغير بما تكتب. كان لنغم صديقة وفية تدعى شجن ،كانت وفية بحق ،لقد شجعت نغم كثيرا، وأخذت بيدها في دروب النجاح، ساهمت شجن في تطوير وصقل موهبة نغم ،فكانا يذهبان معا إلى المكتبة ،ويقرأن بنهم، وكانا يراجعان ما قرأوه وهكذا ،حتى صقلت موهبتهما كانا سعيدتان جدا بموهبتهما، وصداقتهما ،لقد أحدثت نغم تغيرا كبيرا في شخصية شجن، وكذلك شجن غيرت بها الكثير، زالت عنها غطاء الوحشة ،والريبة، وجعلتها تتصرف بعفويتها وتلقائيتها. ذات مساء حالك ،قررت شجن الابتعاد فجاءة عن حياة نغم هكذا فجاءة، بعد أن تعلقت بها ولم تحلو الحياة لها إلا برفقة شجن ،في دورب العلم، تضايقت نغم من قرار شجن المفاجئ، وعدم اعلامها به بل تم فجاءه وبصمت قاتل، ربما شعرت شجن بالغيرة من ترف احدى صديقات نغم القدامى، ظلت نغم تردد على مسامع شجن ذكرها إلا أن ملت شجن ،ورحلت ربما يكون هذا السبب . حينما نشعر أن هناك من يقاسمنا من نحب ،نؤثر الابتعاد على مقاسمته كي لا نؤلم قلوبنا ، ولا تجرح لأن صداقتهما كانت أثمن شيء وأروع شيء شهدته في حياتها. صداقتهما كانت بمثابة الدم، الذي يضخ به القلب صداقتهما، جعلت للحياة طعما آخر في نظر كليهما غابت شجن فجاءة ـوخلفت ندوبا في قلب نغم. اعتزلت نغم الجميع ،وفقدت صوابها ،وظلت تبتهل إلى الله وتتضرع أن يحفظ لها شجن، وأن يعيدها إليها سالمة معافاة كرهت الجميع ،وكرهت الكتابة؛ إلا من أجلها فقد كانت تقبل عليها بشغف؛ رغبة منها في أن تقرأ رسالتها الصامتة وتعود إليها. شعرت بسبب غياب شجن بالحزن والألم، ولكنها عاتبة عليها أنها لم تعرف قيمتها ومكانها في قلبها ورحلت فجاءة ظلت نغم ترثي الكلمات، والنسمات، وتشيع الكلمات كل يوم لتستقبل شجن فقد كانت مخطئة، ظنت أنها لم تكن سوى محطة عابرة في قلب نغم، لم تدرك شجن أنها ما كانت تحلم به نغم ،كانت تحلم طوال حياتها بصديقة وفية، ومقدرة للصداقة ،تشبهها في الظروف القاسية، وفي الصفات، تتشبث بها مدى الحياة ويظلان صديقات طوال العمر ظلت نغم ترسل الرسائل ،بشتى الوسائل لشجن ،ولكن لا مجيب؟! لم تكن تجد ردا، وكان قلقها يزيد، وتبتهل إلى الله أن يحفظها وأن تكون بخير سالمة معافاة فقدت نغم الحنان، والجمال ،والحب ،وكل شيء بغياب شجن لقد انكمشت على ذاتها ،وظلت تبكي، وتدعو الله ليل نهار، أن يحفظ شجن لها حينما استنفدت نغم دموعها ،وطاقتها المحدودة في بكائها على شجن. قررت أن تلجأ لمنقذها الوحيد، والذي تلجأ إليه دائما كلما ضاقت الظروف وقتلها اليأس الخيال والأحلام ،كانت نغم تغط في خيالها، وتتخيل أنها برفقة شجن، وأنهما يقضيان الوقت معا في القراءة، والعلم كالعادة ،ظلت تحلم بشجن، وتبتسم بعمق، ودموعها تخذلها . كانت شجن بالنسبة لنغم ،حلم ظهر فجاءة بعد طول انتظار وأمل قوي بحدوثه، حلم حقق المستحيلات في حياتها، كانت شجن صديقة نغم المقربة ،والتي تفهمها، وكأنها كتاب تتصفحه وهي كذلك . ولم يعد للواقع وجود في حياة نغم، وسيعود الوجود لنغم إن عادت شجن . لقد أحدث غيابها هزة عنيفة في قلب نغم، وعلمها أن لا تتعلق بأحد لأنها ستتعب كثيرا لفقده، وستشعر أنها فقدت كل شيء وبذلك تتعطل حواسها، وافكارها ،ويكف نهلها من العلم، وتسيطر عليها فكرة رحيل من تحب فجاءة جلست نغم مع نفسها قليلا، لحظة تأمل كالعادة، حينما تضيق عليها نفسها، وعالمها. وقررت أن تنسل بالتدريج، من حب أي شخص، والتعلق به إلى حد الجنون ،لأنها حتما ستفقده ،وستتعب كثيرا وقد تستغرق وقتا طويلا ،للرجوع إلى طبيعتها . وضعت نغم في خلوتها مع نفسها قائمة بالأولويات التي تود أن تطبقها في حياتها وهي: 1/ أن تحب الله أولا بعمق وتجعل لها نصيبا من عبادته والتقرب منه يوميا ،كي ترتاح روحها وتنعم بالاستقرار الروحي والصفاء الداخلي. 2/ أن تحب والديها كما هما لاكما ينبغي أن يكونا وتحاول أن تتقرب منهما وتحرص على رضاهما ودعائهما. 3/ أن تحب نفسها ،ثم نفسها، ثم نفسها ،ثم نفسها بعمق تتأمل جمالها تحب كل جزء بها ،وتقدره وترتقي لأن تطور نفسها بالثقافة وسعة الاطلاع، وأن تختار العلم على أي صديق، لو اضطرت لذلك؛ لأن العلم هو الجليس الصالح الذي يظل وفيا ،ولا يترك صاحبه أو يبعد عنه بل يزداد قربا منه، كلما ازداد نهلا منه، ازدادت خبرته وحصيلته الثقافية فارتقى الإنسان بنفسه وأغنته الكتب عن ألف صديق. 4/ أن تحافظ على الاصدقاء الأوفياء ،وتبقيهم ولا تتخلى عنهم أبدا مهما ساءوا، وتغيروا ،أو مهما جرهم طوفان الحياة ، بل تظل وفية كما هي ،وفية لأجل حبهم ،ولأجل وفائهم معها.
شعرت نغم بوحدة وبخواء روحها ،فقررت أن تسري على نفسها قليلا تذكرت حلمها ذات يوم مع شجن أن يزورا جبال الألب في سويسرا، اقتطعت تذكرة وتوجهت إلى جبال الألب في سويسرا المكان الذي اتفقوا على أن يزوروه مستقبلا ويشتركا في كتابة رواية مشتركة بعنوان" صداقة الروح" لقد ذهبت نغم إلى هناك، وخالت أنها ستجد شجن هناك، كان مجرد أمل ممزوج بإحساس صادق ألقت بجسدها المنهك على العشب ،وأخذت تتأمل السماء ،وتتنهد تساقطت من عينيها دمعة صادقة، تذكرت وعدها لشجن ،وغيابها المفاجئ ،ثم بعد أن أنهت جولتها الخيالية في حدود السماء، قامت وفكرت في تسلق الجبل، وتخيله العقبة والطريق الذي يفصلها عن شجن ،كانت مع كل خطوة تذرف دمعة تمتزج بالهواء فتخلف طيف من قوس قزح متعدد الألوان، ولكنه في عينها لم يكن إلا رمادي اللون ،ممزوج بسواد قاتل ،خلفته الوحدة التي تعيشها نــــغم، تسلقت جزءًا منه، ثم تعبت فكرت أن تنزل ،ولكن أملها في أن تجد شجن على قمته كما أتفقا ذات يوم، جعلها تنسى تعبها وتتسلق بعزم الأوفياء الذي تحلت به كانت عيناها تعانق السماء في أثناء تسلقها، وكانت تعيش بين جنباتها في خيالها، وهذا جعلها تنسى تعبها تدريجيا، وتكمل رحلة بحثها عن صديقة الروح، شجن ظلت تتسلق، وتأخذ فترة استراحة قصيرة، تتناول وجبة خفيفة وتكمل تسلقها بشغف ،يعانق روحها ويسكب به عزم الأبطال، تعبت نغم، ولكن كانت صورة شجن عالقة بعقلها، وقلبها كانت تسقيها أملًا وعزمًا ،كان احساسها يخبرها أن شجن بالأعلى تنتظرها، وأنها هربت من نفسها حتى حينما خشيت أن تفقد نغم للأبد، خشية أن ينتزع أحدا منها نغم ،كانت نغم تملك روح طفل وعقل حكيم، كانت تشع شبابا وحيوية على كل من حولها، فينعكس جمال روحها على من حولها ،كانت جريئة، ومغامرة ،ومجنونة احيانا يكسوها العناد، ويغلبها الوفاء كانت شجن كذلك، ولكنها أكثر تعقلًا وحكمة، خشيت أن تفقد نفسها التي رأتها في غيرها، أن تفقدها نهائيا، فتعجز عن فهم نفسها من جديد، وتضيع في طيات الذاكرة المنسية المنغمسة في جبروت الذكرى الغاشمة ،واخيرًا اقتربت نغم من القمة ،رأت فتاة من بعيد ملقية جسدها على الأرض، ودموعها منهمرة من عينيها ،اقتربت منها أكثر ،وأكثر صرخت بأعلى صوت لديها شجّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــن يا إلهي أنت هنــــــــــــــــــــــــا لقد صدق حدسي! الذي أتى بي إلى كل هذه المسافة، لكي أراك ،وأرجعك إلى واحة قلبي الوارفة، بصداقتك النقية والحقيقية. لم تصدق شجن نفسها، وارتمت في حضن نغم ،واختلطت دموعهما لتكون لنا أجمل قصة صداقة حقيقية، خلدها الزمان وكتب عنها الشعراء في غابر الأزمان.
مكثا سويا على حافة الجبل، وتعاتبا وأزيلت حواجز الشكوك والألم الذي سطره اعداء صداقتهما الحقيقية، وتعاهدا من على قمة الجبل أن لا يفارقا بعضهما مجددا، إلا إذا فارقت الروح الجسد، وحيل بينهما الموت، قضيا المساء كله على الجبل، يتحادثان ويسترجعان ذكرياتهم الجميلة ،والصادقة ،وعندما حل الصباح استعدا لرحلة النزول من الجبل، وشرعا بها، وبعد ساعتين متواصلتين من التعب والإنهاك، وصلا إلى الأرض، وألقيا بجسدهم المنهك على الأرض تنفسا بعمق ،وأخذت نغم تقول لشجن: أتذكرين يا عزيزتي رحلتنا بين السماء التي تحدثنا بها في خيالنا ،وقمنا بزيارتها والعيش بتفاصيلها بدقة أكبر، بين تفاصيل السماء، متناهية الدقة وعشوائية الرسم، عزيزتي أنظري إلى السماء ،إنها تذكرني برغوة صابون عملاقة بيضاء اللون، ذو شكل مبعثر على صفحة زرقاء زرقة فاتحة وصافية ،تخلب لب كل عاقل وفنان، يومئ بريشته في خفة وبراعة ،هي ضربات سريعة وخاطفة يغلفها الجمال والجنون والحب السرمدي ،للفنان الذي سكب في روحه الألوان والجمال فراح يضرب بفرشاته على الورقة البيضاء بعنف ،فغدت رسمة فاتنة وآسرة تخلب لب من يراها، وتكشف لنا عن شخصية راسمها بوضوح وشغف ،وتطفل، لا يستطيع فك طلاسمه سوى المثقف المتعدد العلوم ، الرحالة مثلنا يا عزيزتي أليس كذلك؟
آآآآهههههههههههههههههههههه.
أجل يا عزيزتي قالتها شجن ،بعد أن أفرغت بداخلها جزءا من احزانها المكبوتة ، وجراحاتها المنزوفة، قالتها وهي ترجو أن تتخلص من كل ذلك؛
ثم استدركت نفسها وقالت:
أجل يا نغــــــــــــــم كل ما قلتيه صحيح مئة بالمئة .
أتعلمين يا صديقتي الصدوقة .
أنت لديك قدرة فائقة، في قراءة طلاسم الكون ،والوجوه في قراءة طلاسم كل شيء، حتى الجماد ،والخيال ،والسماء، واللآشيء أنت بارعة جدا في ذلك.
كيف اكتسبت كل هذه الخبرة اخبريني ؟
أرجوك أود أن أتعلم منك هيا اخبريني؟
قالت نغم :ببساطة يا عزيزتي شجن.
سأقول لك الوصفة السحرية ؛مكوناتي التي جعلت مني قارئة بارعة لمن حولي
هي مرارة الحياة التي سكبت بروحي، وصعوبتها حتى لدرجة أنني احتملت صعوبات وعقبات أكبر من سني بكثير، بل منذ طفولتي وأنا أتجرع المر ،وتزداد رغبتي في التميز، وكسر القواعد، والقيود التي قيدت بها، ثم في مراهقتي جرحت كثيرا من صديقة كنت أظنها أعز صديقة لي ،جرحتني وتمادت على صداقتنا بل كانت تطعنني في ظهري من ورائي ،وأنا احتملت أذاها وصبرت إكراما للصداقة الحقيقية ،التي أتوق لها ولا يقدرها أمثالها، صبرت واحتملت وكنت اسامحها، وأعود إليها رغبة مني في اصلاحها وانقادها من براثن نفسها الطاغية، حاولت ،وحاولت ،وحاولت وحينما أدركت أنها تعاني من مرض نفسي، وعجزت عن علاجها وتغيرها إلى الأفضل ،انسحبت من حياتها بهدوء ،وتركتها بعد أن شعرت أنني أتعبت نفسي معها، وأنني لم أعد أحتمل أكثر ابتعدت ودموعي خطت في قلبي معنى الخيانة، وشققت طريقي بمفردي ،وظللت هكذا فترة فقدت الثقة بالصداقة الحقيقية التي افتقدها في حياتي كثيرا، وتوصلت إلى فكرة تقول أن الصداقة في زمننا هذا لاوجود لها ،وإن وجدت تغلفها المصلحة، والأنانية المطلقة ، إلى أن شاءت الأقدار، ورأيتك في طريقي تأخذين بيدي كطفل صغير، تشرب الألم في حياته، وأراد أن ينتج الأفضل أن يكتب للخير،و للحب ،وللسلام ،وللحرية ،وللوفاء.
أحببتك يا شجن لما رأيت بك تشابه ظروفنا العجيب، وتقارب شخصيتنا ،وعمرنا، وثقافتنا ،وكل شيء، وجدت فيك تقدير الصداقة الحقيقية والحرص عليها .
لذلك تغيرت الدنيا بنظري، وأزلت النظارة السوداء التي كانت فوق عيناي
وأصبحت أرى الألوان ،وأسمع الأنغام التي تعزف على لحن الجمال ،والحب الطاهر الذي ولد من رحم الطبيعة الخلابة
كنتي شجنّا حل بروحي، حينما قررتي تركي فجاءة ،بل ترك العالم كله ،لما فعلت ذلك ؟
لما لقد أحدث غيابك القاتل بداخلي انفجارات وبراكين ؟
وتمردت علي أنظمتي الداخلية وتوقفت عن العمل والتفكير إلا بك ولك؟
لما قيدتي روحي بسلاسل ذهبية ووضعتها على شرفات الخيال كطفل رضيع ولد من الوهم والتقطه بكل حب، اسقيته روحك المتمردة، والطاغية، المفعمة بالحب، والخير، والرحمة ،ثم تركتيه يجرب الحياة بمفرده، ويقف من دونك تركته يحاول الوقوف معتمدا على سكبتك الأولى، ويحاول أن يتعلم المشيء من همهمات روحك الأولى، التي سكبت به وتركته بقصد كي تَرى تلميذها ،وترى تأثير سكبتها الأولى عليه، هي أسقته روحها ،فغدى مستحيلا وتحقق
أرأيتِ يا شجن؟ كيف أنت ساحرة بارعة ،لقد سحرتني ببراعتك وجمال روحك ،فتمردت على واقعي بعمق وبقسوة وحلقت في سماوات الإبداع ،من أرض الذكريات ولدت سماواتي تلك وتشبت بعالم البقاء فيه للأقوى، عالم لم يكن ولم يوجد به إلا البؤساء التي تفننت الحياة في تعذيبهم، وسكبهم في دهاليز الوهم، ودنيا السراب الأبدية السراب واللآشيء ، هو طريق المتمردون على كل من حولهم المتمردون على واقعهم، وحياتهم ،المتمردون على قيمهم وتقاليدهم، وعالمهم القاتم الأسود المضمحل بالسواد، والقتل الذي غزى الأبرياء وشتت شملهم
أتعلمين يا شجن؟
أنا عصارة جنون الكون كله، وبراءة الأطفال كلها
أنا جنون وفتون، وعالم أطفال بداخلي قابع أعايشه بشغف كل يوم
وكل لحظة ،بل أنني لازلت أشعر أنني طفل مشاكس يهوى تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها، بطريقته الخاصة التي تفرد بها ولم يحب أن يشاركه بها أحد، أنا لا أسمح لأحد أن يقتحم عالمي، وذاتيتي ،يا شجن لا أسمح لأحد سواك ،لأنك أنت من وجد النصف الأخر مني، وأعاد تركيبه من جديد ،أنت من أطلق سراح الطفل المتمرد الذي يقبع أسيرا بداخلي منذ سنوات، أنت يا شجن ذلك الطفل الذي ظللت أبحث عنه طوال حياتي، ولم أعلم انه بداخلي محتجزًا إلا حينما عرفتك أشعلتي الحقائق بداخلي، وأريتني نفسي بمرآة النقاء، التي تسكن في عيناك الصافية لم أرى ذلك بوضوح إلا حينما أطلت النظر في عينيك خلسة، بينما كنت تطيلين النظر للسماء كالعادة، حينما نظرت إلى عيناك فتحت بداخلي الدهاليز المظلمة ،التي لم تضاء منذ زمن طويل، بل كانت خفية وكانت عيناك بمثابة النور الصافي، الذي أضاء عالم كبير بداخلي ،أضاء كونا من الجمال والوجود السرمدي للروح المتمردة، المحملة بكافة ألوان الدنيا وجمالها،شجن أنت تساعديني بكل الوسائل، قصدت أم لم تقصدي ذلك تساعديني بكافة حالاتك، أنت بمثابة اسطورة ولدت اسطورة أخرى من جعبتها.
أنت سلسلة من الأسرار، والخبايا الغامضة التي وجدت في الكون كله وأنا سلسلة من كل جنون العالم، والخيال . أتحد جنوني وغموضك ،فولد خيالا فيروزيًا خاص بنا، نحن فقط لا يراه سوانا ،ونحن كل يوم ننهل منه، فتكشفنا كتاباتنا وتكشف روعة خيالنا للناس ،فينبهروا بنا ولا يستطيعون المقارنة بيننا . لأن ابداعنا وجنوننا نحن صنعناه بأيدينا، حينما تمردت حياتنا علينا صنعناه وانتقينا أفضل المكونات في الكون انتقينا عنصرا، عنصرا بحرص وعناية ودقة، كونت عالما ساحرا لاعلم لأحد به سوانا. وهذا هو السر، أن تجد توأم روحك وتأخذه في جولة خيالية وتتحدث معه بطريقة غامضة ،لا يفهمها سواه ويدرك عليك فيأخذ بيدك، وتأخذ بيده للصعود إلى القمة خطوة خطوة. جميل أن تجد من يفهمك دون أن تتكلم ،من يتحدث معك بإحساسه قبل كلماته، من تبكيك كلماته قبل دموعه ، من يعلمك الحب الصادق الأبدي الذي يلامس الروح فقط، و لا يتعداها. كانت نغم تسترسل في تأملاتها وحواراتها الصادقة ،ومناقشتها الجادة مع صديقتها المقربة شجن أخذت تستمع إليها بقلبها قبل أذنيها، فقد كانت مبهورة جدا من كلام نغم الذي يشبه كلام الحكماء، من كلامها الذي أكبر من سنها بكثير فهي لم تتجاوز الثالثة والعشرين بعد. كانت تتسأل في داخلها يا إلهي ،إنها تخيفني حقا أي خبرة تلك اكتسبتها في هذا العمر الصغير ؟ من أين لها ذلك ؟ أيعقل أن أكون أن السبب في صقل ذلك إنه لشرف كبير لي ؟ أشعر أن هذه الفتاة سيكون لها شأن عظيم مستقبلًا، سيصل صيتها أصقاع الأرض، إن كان الأن هكذا تفكيرها ،وثقافتها فكيف إن كبرت قليلا ،لابد أنه سيكون لها شأن عظيم، وأخذت تتأمل نغم وارتسمت على شفتاها ابتسامة ،لم تنتبه لها لقد شعرت بالفخر لكونها ساهمت في تكوين شخصية نغم الحقيقية، ودعمها روحيا.
أما نغم فلم تنتبه لها ،فقد كانت غارقة في تأملاتها تتأمل السماء وتتقافز في ذهنها الأفكار الجديدة، كراقصة بالية يافعة تبدي مفاتنها وبراعتها في الرقص، كانت تتراقص أمام عينيها كل تلك الكلمات وأرادت أن تكتب فقد شعرت أن الإلهام هبط عليها، وأنها لا تستطيع أن تقاومه أكثر ، فتحت حقيبتها وأخرجت حاسوبها، وأخذت تكتب بداية روايتهما التي أتفقا على الاشتراك بكتابتها "صداقة الروح" أخذت تكتب بنهم وإقبال شديد، جعل شجن التي كانت بارعة في الرسم تتأملها ،وتنتهز الفرصة وتشرع في رسمها لأنها كانت مركزة كثيرا، ولم تكن تتحرك إلا نادرا بدأت شجن الرسم بدقة، ثم استخدمت الألوان ببراعة فائقة، وسحرية جذابة جعلت اللوحة تتكلم فقد بدت حقيقية جدا، وحينما انتهت من رسمها كانت انتهت نغم من تفريغ بضعة أسطر، سكبت داخلها في تلك اللحظة بدقة فائقة، وعناية محكمة ،التفتت إلى شجن وابتسمت ابتسامة تسلب الألباب،وجدتها تبادلها الابتسامة ثم لمحت شيئا ملونا أمام شجن؟ أطالت النظر يا إلهي هذه أنا تماما، أنها تشبهني أكثر من شبهي الحقيقي لنفسي، حتى أن هناك بثرة أسفل ذقني لم الحظها لاحظتها أنت يا إلهي أنت بارعة جدا ،اسرعت نحوها وعانقتها ثم قالت لها لقد سئمنا من جلستنا العلمية ،والتأملية هذه ،هيا بنا ما رأيك أن نأخذ جولة سريعة على معالم سويسرا ،ونتفقدها هيا أحب أن نذهب أولا إلى المدينة الترفيهية ماذا ترين؟ أجل المدينة الترفيهية لم أزرها منذ سنتان ؟ خلت أني كبرت عليها! هيا بنا ؟ استأجرت نغم سيارة أجرة. السائق: إلى أين تودون أن تذهبوا؟ نغم : إلى المدينة الترفيهية إذا سمحت . حسنا .
طوال الطريق فتحت نغم زجاج النافذة وأخذت تلتقط صورا تذكارية للمناظر الجميلة على عجالة. أما شجن فقد كانت مشغولة بالرسم ،كانت ترسم صديقتها الطفولية الصاخبة كانت ترسمها وهي مخرجة رأسها من النافذة بشكل مضحك ،وتلتقط الصور بعشوائية وتغني بصخب مصحوبة برقصات مضحكة، كانت تضحك في صمت وترسم السائق لقد وصلنا . شجن إليك النقود شكرا لك نزلت نغم ،وتبعتها شجن، وابتدأت الجولة بصرخة صاخبة جعلت الكل يلاحظها يا إلهي إنها الملاهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ي؟؟؟؟ وأخذت ترقص بجنون، ثم بعد أن أفرغت رقصتها الجنونية انتبهت للناس ينظرون إليها ويضحكون، وأيضا شجن جلست على الأرض من شدة الضحك، فقد كان شكلها مضحكا جدا ولم تنتبه لنفسها أحمرت وجنتاها وطأطأت رأسها ثم قالت لماذا لم توقفيني يا شجن ؟ سأريك لاحقا لقد ضحك علي الجميع الآن سيظنون أنني مخبولة؟ تبا ًلك تباً. ابتسمت شجن وقالت لم أحب أن أقطع حماسك، ثم لا عليك هم لا يعرفونك فليظنوا ما يظنوا لا عليك منهم ابتسمت نغم بطفولة وسذاجة بريئة. وقالت : أجل هيا بنا نلعب لا وقت لدينا نضيعه هيا بنا هيـــــــا. لحقت بها شجن وهي مبتسمة ابتسامة ساحرة. تجولوا بالمدينة الترفيهية قليلا، ثم أشارت شجن إلى ركوب قطار الموت،فوافقت نغم على مضض ،وعندها بدأت خفقات قلبيهما تزداد أمسكوا بأيدي بعضهما ،وأغمضا عينيهما تحرك القطار ببطء شديد ولكن سرعان مابدأت سرعته تزيد بشكل مخيف ،ومتسارع صرخا وذعرا، ولم يتوقف القطار، بل أكمل رحلته صرخت نغم وقالت: شجن ،أتذكري كيف تكبدنا عناء تسلق الجبل والتقينا مصادفة، ينبغي علينا أن لا نخشى شيئا، بل نستمتع هيا افتحي عيناك ودعينا نستمتع ،كانت كلمات نغم بمثابة شعلة من الشجاعة، أوقدت في قلب شجن،ففتحت عينها وقررت أن تعيش التجربة مع نغم التي بدأت للتو العيش بالتجربة ،ونسيت خوفهاعندما قارنته بسفرها بمفردها، واتباعها نداء قلبها للبحث عن رفيقة دربها شجن، وتكبدها عناء تسلق جبل شاهق ،في وسط الظلام فقط من أجل إحساس كان من الممكن أن يكون وهما ،لا أساس له وحينما فرغت من المقارنة أيقنت أن اللعبة تافه جدا، مقارنة بكل ما مرت به، وفعلته تافه جـــدا أما شجن فقد بدت مستمتعة باللعبة أكثر، فهي من اختارت اللعبة وانطلقت ضحكاتها الصاخبة ،تعم أرجاء المدينة الترفيهية فضحكا من قلبيهما ، وعلا صخبهما ارجاء المكان. توقفت اللعبة معلنة نهايتها، خرجا منها سعيدتان جدا. قالت نغم: لم أحبها في البداية ،وخفت كثيرا ثم تذكرت المصاعب التي مررنا بها ، رأيتها لا شيء فاستمتعت بها. قالت شجن: أجل ،أجل هذا ما حدث معي بالضبط. قالت نغم : ما رأيك أن نلعب لعبة السيارات أتوق للعبها منذ زمن. قالت :لك ذلك، هيا بنا. تقدموا نحو اللعبة ، ودخلاها كانت معركة حامية، بين نغم وشجن فكانت كل واحدة منهما تصدم ،الأخرى وتهرب، وتلحق بها الأخرى تصدمها وهكذا ،انتهت اللعبة. فقالت شجن :لقد تعبت كثيرا ماذا عنك؟ قالت نغم : أجل تعبت جدا ولكن لم أمّل بعد؟ أرجوك لعبة أخيرة فقط ونرحل؟ قالت شجن : بيأس واستسلام مطلق لنغم فقد كانت تراها طفلة مشاكسة إلا أنها تملك عقلا أكبر من عمرها بكثير هيا لعبة واحدة فقط ؟ قفزت نغم بفرح عفوي، وقالت ما رأيك بلعبة تسلق القمر أنها رائعة، وبها مغامرة كبيرة، قالت: لا أرجوك. جسدي متعب من كل تلك الألعاب التي لعبناها، ما رأيك أن نركب التلفريك ونطل على المناظر الطبيعية، ونحن نحتسي كوب شوكولاتة ساخن ما رأيك ؟ ابتسمت نغم بمكر وقالت : تعرفين نقطة ضعفي يا شجن كوب شوكولاتة ساخن هيا بنا هيا ماذا تنتظرين؟ ضحكت شجن وقالت: هيا . تقدموا من بائع التذاكر بطاقتان من فضلك لركوب التلفريك. تفضلي: يا سيدتي. شكرا لك. نغم قطبت حاجبيها وصرخت بأعلى صوتها ماذا ؟ لقد خدعتني لن أسامحك ما حييت أين كوب الشوكولاتة أيتها الماكرة؟ خدعتني؟ انفجرت شجن ضاحكة وقالت لن تسامحيني طوال حياتك من أجل ماذا؟ من أجل كوب شوكولاتة ؟ هيا أيتها المجنون سأشتري لك انظري أنه هناك البائع ؟ ألم تلاحظي وجوده أيتها المشاكسة ؟ ابتسمت نغم بخجل وعانقت شجن،أنا أسفة يا عزيزتي لن أعيدها أعدك. اشتروا كوبا شوكولاتة ساخنة ،وتوجها نحو التلفريك وحينما صعداه صاحت نغم، شجن أنه منظر ساحر هيا ارسميه فرحت شجن لأن نغم ذكرتها ،وشرعت في الرسم. أما نغم فقد انشغلت في التقاط الصور التذكارية، وتمت الجولة،فخرجا من التلفريك. تثاءبت نغم وقالت: أرغب في النوم أنا تعبة جدا ماذا عنك؟ قالت شجن: وأنا متعبة أكثر منك. انتظري سأهاتف خالي وسام ؛ لنقيم عنده فهو يسكن في منطقة قريبة من هنا برفقة زوجته وابنيه. اتصلت شجن، رد وسام ،مرحبا كيف حالك يا صغيرتي؟ لقد اشتقت إليك كثيرا ، متى ستزوريننا يا شجن؟ ابتسمت شجن وقالت، أنا هنا بسويسرا يا خالي وبرفقة صديقتي نغم . ابتسم وسام، وقال: حقا مرحبا بكما هيا تعاليا أنتظركما . أين أنتما الأن ، أنا قادم لأخذكما؟ شعرت بالخجل شجن وقالت :لا داعي يا خالي ولكن أنت أعطنا العنوان، ونحن سنأتي إليك . قال: لا الوقت متأخر جدا أين أنتما هيا أخبريني، أنا قادم إليكما . قالت :نحن أمام التلفريك الذي بجوار المدينة الترفيهية. قال : حسنا أنا قادم إليكما انتظراني لا تتحركا. حسنا : سننتظرك وداعا. ذهب وسام لزوجته في غرفة الجلوس، وقال لها ابنة أختي شجن هنا برفقة صديقتها نغم ،أعدي لهما غرفة الضيوف ليناما فيها وأعدي لهما الطعام. ابتسمت زوجته كارولينا، وقالت: حسنا واخيرا سأرى ابنة أختك التي لطالما حكيت لي عنها أنني متشوقة لرؤيتها ،ولرؤية رسمها ،ونهضت تنفذ ما أمرها به . خرج وسام، وركب سيارته ، وأنطلق إليهما، وفي أقل من ربع ساعة وصل، فركضت نحوه شجن وعانقته، لقد اشتقت إليك كثيرا يا خالي وسام ، أريد أن أريك رسمي، وأستفيد من خبرتك في ذلك حسنا لك ما أردته؛ ولكن من تلك الفتاة الجميلة التي تقف هناك ؟ قالت: أوه معذرة فقد نسيت هذه صديقتي نغم ، التي اخبرتك عنها أتت للبحث عني ولم أخبرها عن مكاني وهي عرفت بمفردها، تبعت حدسها ووصلت إلي بمفردها أتصدق؟ ماذا؟ أجل أصدق هذا يحدث حينما تكون صداقتكما قوية وشخصيتكما متشابهة نوعا ما؟ هيا ناديها لقد أحمرت وجنتاها واشتكت الأرض عليها ،من كثر نظرها لها؟ هيا نغــــــــــم تعالي إلى هنا. تعالي لا عليك يا خالي فنغم فتاة خجولة جدا مع الغرباء، وصاخبة معي وصلت اصمت ستقتلني! مرحبا : نغم كيف حالك. أنا بخير: شكرا لك . هيا اصعدا سنذهب إلى المنزل، فزوجتي كارولينا فرحت كثيرا حينما علمت بقدومك،وأعدت لنا طعاما شهيا هيا وأنا أيضا متشوقة لرؤيتها ورؤية أبنائك الصغار. أرجوك يا خالي أسرع فأنا جائعة، وكذلك نغم فنحن لم نأكل شيئا منذ الصباح، سوى كوب شوكولاتة ساخن لا عليكما ستأكلان وتشبعا، ها نحن أوشكنا على الوصول. قل لي يا خالي منذ متى وأنت متزوج لقد نسيت التاريخ؟ أربع خمس سنوات ربما؟ منذ أربع سنوات ،ونحن متزوجان تعرفت عليها كانت صديقتي في الجامعة، وابنة البرفيسور الذي اكرهه حينما رأيتها فقدت صوابي فقد كانت جميلة بحق شقراء ،وتملك شعرا طويلا وكثيفا وعيناها زرقاوان ،وكان أنفها صغير جدا يشبه أنفك يا شجن نوعا ما! وثغرها ممتلئ بشكل طفولي ،حينما علمت أنها ابنة البرفيسور دوناتيلوا ، الذي اكرهه جدا فهم مغرور بعلمه ،تغيرت معاملتي معه وأخذت أتملقه حتى أحبني وحصلت على ما أريد، فقد كانت تربطني بها علاقة عاطفية صادقة ،وحب شريف توج بزواجنا. لدي ليوناردوا ، وليزا وددت أن اسميهما أسماء عربية ،ولكن عمي رفض فاتفقنا أن نسمي إن رزقنا بأبناء أخرين أسماًء عربية فوافق. يا إلهي قصتك جميلة يا خالي. هل وصلنا متشوقة لأن أراهم جميعا. أجل هيا تفضلوا بالنزول . نزلوا فتقدموا للباب ففتحته ليزا . احتضنتها شجن بحنان وقالت: كيف حالك يا صغيرتي وأخذت تقبلها . أما نغم، فأخذت تركض وراء ليوناردوا الصغير وقبلته وأخذت تلاعبه فابتسم وسام ،ولم يبديها لها كي لا تخجل مجددا. أخذ وسام ينادي على زوجته كارولينا، تعالي لقد وصل الضيوف . أتت ،وحقا؛ كانت كالقمر تقدمت شجن لتسلم عليها ،وتبعتها نغم كيف حالك كارولينا؟ ردت بعربية مكسرة؟ أنا بخير يا عزيزتي . هيا تفضلوا لقد أعددت العشاء إنه ساخن . تناولوا طعامهم ثم غطوا في سبات عميق،لم يستيقظوا إلا مساء اليوم التالي تركوهما نائمتان فقد علموا أنهما متعبتين جدا. استيقظت شجن أولاً وأيقظت نغم هيا استيقظي يا كسولة فقد نمنا يوما بأكمله، سأذهب لاستحم وإن عدت ولم تستيقظِ فسأسكب عليك الماء البارد؟ ماذا؟ حسنا أيتها المزعجة اغربي عن وجهي ؟ لقد رأيت حصان أبيض يطير بي في السماء لقد قطعتي حلمي هي اغربي ؟ ههههههه يا لك من مجنونة حتى في احلامك ،حسنا ،حسنا سأغرب لا تغضبي هههههههه فتاة مجنونة تقتات على الأحلام والروايات الخيالية . سمعتك شجـــــّـــــــــــــــــــــــــــــــــــن سأقتلك ! لم أقل شيئا: لقد ذهبت . حاولت نغم أن تنام ،وتكمل حلمها الجميل، لم تستطع عبست. ثم نهضت إلى الحديقة، وأخذت تتأمل الورود ثم رفعت بصرها للسماء ،وتخيلت ذلك الحصان الأبيض، الذي تمتطيه ويطير بها كملكة للجمال، وابتسمت بسذاجة واستشعرت حلمها حقيقة واستغرقت في ذلك طويلا أتت شجن من خلفها ،وصرخت بأعلى صوتها نغــــــــــــــــــــــــــــــــم أين وصلتِ ارتعبت نغم وغضبت ،وأخذت تركض وراء شجن وأوسعتها ضربا خفيفا، كانت تمازحها طبعا ، لقد اسقطتني بصرختك تلك من على ظهر حصاني الفريدو هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه م جنونة أنت يا نغم اسميته ايضا ،إنه حلم لم تريه سوى البارحة أيتها الحمقاء المحتجزة، وسط أحلامها الصغيرة . هيا اذهبي ،واغتسلي سنخرج في المطعم، فهم نائمون ولن نوقظهم هيّــــــــــا حقا أحبك يا شـــــــــــجن أحبّك. كل هذا من أجل المطعم يا لك من ماكرة ؟ لا بل من أجلك يا صديقتي الحبيبة؟ لن اتأخر انتظريني. ذهبت تغتسل،ارتدت كنزة صوفية حمراء اللون، لونها المفضل وبنطال أزرق اللون. أما شجن فقد كانت سترتها وردية اللون تعشق هذا اللون كثيرا وارتدت بنطال أسود اللون، ورفعت شعرها ومضوا أي مطعم تودين أن نذهب، أود أن نذهب إلى مطعم البيتزا فنحن لم نأكلها فترة ثم أني أرغب بتناولها حقا ،وأنا أيضا أرغب بذلك. وصلا إلى المطعم. أحضر لنا البيتزا لو سمحت ،مع المقبلات والمشروب حسنا: يا سيدتي شكرا لك.... أتعلمين يا نغم لقد استمتعت برفقتك كثيرا ،وأود أن نظل هكذا مدى العمر؟! آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآهههههههههههههه. وأنا ايضا يا شجن أود ذلك ولكن ؟ لقد خرجت من البيت بحجة إكمال دراستي معك وأنا لم أخرج إلا للبحث عنك. لقد كذبت وأقحمت نفسي بذلك، وأخفضت رأسها ودمعت عيناها. نهضت شجن واحتضنتها وقالت لها أسفة :يا عزيزتي جعلتك تبكي لم أقصد حسنا سنكمل دراستنا هنا ماذا ؟ كيف ؟ ولكن؟ لا أريد مزيدا من الأسئلة ،غدا سأخبر خالي يتوسط لنا في الجامعة وسنكمل دراستنا معا سنستفيد ونستمتع ما رأيك؟ نهضت نغم واحتضنتها أحبــــــــــــــــــك شجن أحبك. قالت لها: وأنا أيضا ولكن دعينيى يا مجنونة ، الناس ينظروا إلينا. ابتسمت أسفة . لقد وصلت البيتزا . شكرا لك. هيا نأكل، إنها لذيذة . أتعلمي يا شجن أخشى أن أفقدك مدى الحياة؛ فأموت من بعدك. أخشى أن تنتزعني الأقدار من بين يديك؛ فتفرق بيننا وتخطفك مني فجاءة بلا مقدمات هكذا فجاءة، وانقبض قلب نغم فقد شعرت باحتمالية حدوث ذلك. نغم يكفي أرجوك لن أتركك ما حييت أعدك . هيا كلي الأن وكفي عن النشيج؟ حسنا :أنا أسفة جدا. لا عليك هيا سنذهب إلى السينما، ونشاهد فيلمًا كوميديًا يضحكنا وينسينا أحزاننا التي عشناها . لا يا شجن ؛الوقت تأخر أخشى أن يصيبنا شيئا، ثم إن خالك لو علم بخروجنا من البيت دون علمه لغضب منا هيا نعد. معك حق سنشاهد التلفاز إن عدنا . نعم هذا أفضل. هيا بنا . الجو جميل وشاعري، أريد أن أكتب قصيدة ؟ هيا اكتبي؟ وأنا سأرسم؟ حسنا ولكن ؛لا تنسي روايتنا لابد أن نكملها معا،لا لم أنسى لا تقلقي ولكن أود اختيار الوقت المناسب لذلك سنجلس في الحديقة وسنؤجل الفيلم. أجل وهو كذلك. طلع الصباح واستيقظ وسام ودهش حينما وجدهما نائمتان في الحديقة احدهما ممسكة بالألوان ، والأخرى بالقلم ايقظهما هيا استيقظا يا صغيرتاي ،هيا الجو بارد هنا ستمرضان! قالت نغم : المعذرة فقد انهكنا التعب ،ولم نشعر بأنفسنا ونمنا هنا. أما شجن فاكتفت بابتسامة ونهضت، صعدوا إلى غرفتهما التي وضعها وسام لهما ،وبدلوا ملابسهما ،ثم قالت شجن :سأحدث خالي بموضوع إكمالنا دراستنا بعد الإفطار . تناولوا الإفطار ثم قالت شجن: خالي نود أنا ونغم أن نكمل دراستنا هنا ونرغب منك أن تساعدنا بذلك ما رأيك؟ حسنا لكما ذلك ولكن جهزا لي أوراقكما ،كي أذهب إلى عمي وأجعله يساعدكما أيتها المشاكستان؟ شكرا لك يا خالي نحبك. لا شكر على واجب يا عزيزتاي؟ وأنا سعيد بقراركما الحكيم هذا. سأذهب إليه الأن لدي شغل خاص أيضا معه ؟ هيا احضرا اوراقكما لقد تأخرت عليه ؟ حقا شكرا لك . وتسابقتا الباب فسقطتا فضحكَ عليهما وقال : مجنونتان . نهضتا خجلتان وأسرعتا يحظران الأوراق، تفضل هذه اوراقنا . حسنا أنا ذاهب " كارولينا" نعم يا عزيزي. هل تريدين مني شيئا ، أنا ذاهب إلى والدك؟ لا يا عزيزي فقط اقرئه السلام مني، وعده بزيارة قريبة برفقة الأولاد والفتاتان حسنا: وداعا. وداعا. صرخت شجن ونغم كاروليــــــــــــــــــــــــنا نحن نحبك، نحبك جدا ،جدا، واحتضناها خجلت ماذا هناك، وأنا أيضا احبكما ولكن ابتعدا عني قليلا، أكاد أختنق؟! أحمرت وجنتيهما وابتعدا، نحن أسفتان وانفجروا في الضحك جميعا. قالت شجن : ما رأيكم أن نعد طعام الغذاء، ونذهب للمتنزه برفقة الأولاد ونتناول الطعام هناك في الهواء الطلق الجميل قالت نغم : جميل . أما كارولينا : فقد أعجبتها الفكرة وقالت : أيتها الفتاتان هيا أمامي إلى المطبخ لنعد أشهى الطعام هيا . تبعاها وشرعا في صنع الأطعمة اللذيذة والشهية ،وعند الساعة الثانية عشرة أنهوا إعداد طعامهما ، وتوجهوا للإغتسال وارتداء أجمل الثياب ،تكفلت نغم بتجهيز الصغيرين، وتكفلت شجن بتجهيز حاجيات الرحلة ،أما كارولينا ذهبت ترتدي أجمل فستان لديها وبدت كأميرة فاتنة، وحينما انتهوا من توضيب الأغراض ،اتصلت كارولينا على وسام وقالت له : سنذهب للمتنزه نتناول طعام الغذاء هناك ويلعب الأطفال ،ستأخذنا شجن وأنت حينما تنهي أشغالك تعال إلينا سننتظرك على الغذاء،قال حسنا شارفت على الانتهاء ،وداعا اذهبوا وانتبهوا جيدا ،على أنفسكم لن أتأخر إلى اللقاء. إلى اللقاء يا عزيزي. هيا يا شجن لقد وافق. رائع هيا بنا : ليزا، ليوناردوا، نغم ،هيّا. أوقفت نغم سيارة أجرة ،هيا اصعدوا إلى السيارة وأدخلوا الأغراض . إلى أين تريدون الذهاب ؟ إلى المتنزه من فضلك. حسنا . قالت كارولينا : فكرة جميلة يا شجن سيفرح خالك وسام كثيرا حقا الحمد لله. أنا أردت أن أسعده ،لأنه سيساعدنا في إكمال دراستنا هنا حقــا ! فكرة سديدة ،ورائعة صراحة، أهنئكما على إتخاذ هذه الفكرة الصائبة. سيدتي لقد وصلنا. شكرا لك: تفضل الحساب. ما رأيكما أن نجلس تحت شجرة الصفصاف، تلك إنها كبيرة جدا وتظلنا من حرارة الشمس ،حسنا اختيار صائب يا نغم . اذهب يا ليوناردو العب وانتبه على أختك ليزا، هنا في هذه الأرجوحة التي أمامنا. حسنا يا ماما. طفلاك جميلان جدا ،هما يشبهانك جدا لم يشبها خالي ابدًا. لا على العكس بل أن ليزا لها نفس عينان والدها ،هي تشبه قليلا أما ليوناردوا يشبهني تماما. قالت نغم : حقا لقد لاحظت ذلك أنا أيضا . قالت شجن: ربما ثم صاحت كارولينا : انظرا لقد جاء وسام مرحبا : هل تأخرت عليكم. لا لم تتأخر فقد وصلنا للتو. لقد فاتحت عمي بموضوعكما، فقرر أن يساعدكما وقام بتسجيلكما. ستبدأن الدوام من الأسبوع القادم. صرخا شكرا لك وقبلاه خجل منهما ثم قال: لم أفعل إلا الواجب. هيا نأكل لقد برد الطعام ،أعذرنا لقد نسينا ، ووضعا الطعام نهضت نغم، لتحضر الأطفال. ثم تناولوا طعامهم، وبعد برهة، نهضت شجن ونغم، برفقة الأطفال وذهبا للألعاب . قامت كارولينا ووسام، وأخذا جولة في المتنزه ،يتذكران أيام لقائهما الأول. مضت سنة ،وانتظمت شجن ،ونغم في دراستهما، كان تقديرهما ممتاز ومضت السنون ،وتخرجا معا،وحينما انتهوا من دراستهما كان تقديرهم إمتياز، وجد لهما وسام وظيفة محترمة ،في جريدة مشهورة فقبلتا على الفور، في نفس القسم كان سعيدتان بذلك وأقاموا احتفالا بهذه المناسبة ،حادثت نغم اسرتها واخبرتهم بما جرى لها . ففرحوا من أجلها كثيرا، ولم يمانعوا في أن تظل هناك،ولكن شرط أن تزورهم أسبوع في كل شهر وافقت وحان موعد الزيارة ،رافقتها شجن ،فأحبوها جدا وأمنوا على ابنتهم معها فقد رأوها فتاة خلوقة ومهذبة جدا. وهكذا ظل الحال، وكانت سعيدة نغم بحياتها تلك ،وكذلك شجن وأصبحتا كاتبتان مرموقتان، يشار إليهما بالبنان ،وصدرت لهم عدة مؤلفات ، وكرسوا حياتهم للعلم والثقافة وبذلك تكون انتهت رحلتي بين السماء والأرض ،وفرغت جعبتي من المزيد وخلد ذكرهما ،حاضرا ،وماضيا ،ومستقبلا فقد كانت حقيقة ثم اسطورة سطرها خيال الصداقة ،وروح الصبا والتميز على الواقع الذي يعيشه اغلبنا ،في قالب نمطي فكري متبلور في ابعاد الرؤى الخفية ،التي تمثل حياة بالنسبة للبعض وخرافة للبعض الأخر...
تم بحمد الله بتاريخ 14/12/1433
2012
ملحوظة/
من كتاباتي القديمة أيام انكبابي على القراءة في الروايات العالميه المترجمة باللغة العربية وأيام صقلي لموهبتي ،
لقد توقفت عن ذلك تقريبا من ذلك العهد لظروف وما إلى ذلك
اتمنى قراءة ممتعة للجميع تحياتي💐