ُأسقط في يده..... إذ لم تُجدِ نفعاً كُل المُحاولات والخطط التي أعدها ونفذها في سبيل الخلاص من مكائد وشرور مدير الشركة التي يعمل بها فقد كان رجلاً مُتقلب المزاجِ كطقسِ مدينة حمص ربيعٌ وخريفٌ وشتاءٌ وصيف في يومٍ واحد يتملكه حُب التسلطُ وتعتريه الرغبةُ الجامحةُ بالظهور بمظهرِ الرجل الذي تتعب النساء كثيراً حتى تجود بمثله مُعجب بنفسه أشد الإعجاب واثق منها حتى الغرور وكان لسوء أحوال زوجته المريضة و بطون أولاده الجائعة و ضعف المركز الذي يشغله في الشركة بالغ الأثرٍ في توكيد إحساسه باليأس والعجز أمام سطوته و ظلمه وإساءاته المتكررة له فما كان له سوى الإذعان والرضوخ خوفاً من طرده من الوظيفة والسقوط والغرق في مستنقع البطالة المفزع . وذات مرة وهو قابعٌ على كرسيه يفكر في مخرج ٍ يخرجه من حالة الهم والغم والحزن والقلق التي رسمت أثارها على وجهه المتعب راودته فكرة جديدة لم يجربها من قبل إذ خطر على باله أن يرمي بآخر و أعز ورقةٍ لديه لعل تلك الورقة تُفلح في إيصاله إلى برّ الأمان وتنجيه من بوائقه وتقيه شروره والفكرة تمثلت في الاستفادة من موهبته في الكتابة فقد كان ممن حباهم الله برهافة الحس و حُسن القدرة في التعبير عن خلجاتِ القلوب من حبٍ وخوف و دُرر العقل من حكمةٍ وفكر و مكنونات النفس من قبحٍ وجمال . فانتظر مناسبةً يدخل من بابها عليه حتى جاء يوم عيد ميلاده فأرسل إلى منزله باقة زهور جميلة وهدية ثمينة وظرف أنيق وضع بداخله رسالة كتب فيها قصة ً أغرقه بمحتواها بعبارات المديح والإطناب والتقريظ جاعلاً منه رجل الزمان وصاحب القول الفصل فجاء في القصة التي تحدثت عن أحد مديري المشركات الناجحين في عملهم (( كان من يرى مُديرَ الشركةِ وهو يضحك مع عماله ويُمازحهم ويطيب خاطرهم ويستمعُ لهمومهم ومشاكلهم باذلاً كُلّ الجهدَ في سبيل إيجادِ أيسر الحلول لها و أكثرها نجاعةً و يكافئ المجتهد منهم ويساعدُ المريضَ والضعيفَ والمُحتاج ضارباً بذلك مثالاً إنسانياً رائعاً ونموذجاَ فريداً للرحمةِ والحب عندما تأتي ممن يملكُ إن شاء استخدام أدواتِ البطش والظلم دون أن يسأله أحدٌ عما قدمت يداه لا يصدقُ ولا يخطرُ على باله بأنه هو نفسه ذلك المديرُ الحازمُ الصارمُ العاشقُ لقُدسيةِ العمل والساعي إلى عدم التهاون بأي خطأ مهما علا قدره أو صغر إذا كان من شأن ذلك الخطأ أن يعيقَ رحلةَ مؤسسته نحو القمة والذي لا يتوانى عن فرضِ العقابِ على كل من تسول له نفسه الخروج عمداً عن قوانين وأعراف و أخلاق المؤسسة ليقدم بذك بياناً يصلحُ للتدريس في علمِ القيادةِ الناجحةِ لحركةِ الحياة مفاده أن ليس من الصوابِ والحكمة التسامحُ والتغاضي عن كُلّ الأخطاء البسيطة التي في أي مكانٍ تحكمه قوانينٌ وقواعد وضعت لتثبيت أركانه مادام الجبلُ الضخمُ في حقيقةِ أمره هو تراكمُ حجارةٍ صغيرة فوق بعضها كما أن رُبَّان السفينة المُتبصرِ بعالم البحار الغائصُ بأسراره يُدير دفة سفينته بعيداً عن الريح الخفيفة التي تعتري أشرعتها إن كان على يقينٍ بأن وراءها عاصفةً هوجاء ستُودي به إلى الهلاك والغرق ولأجل ذلك لا يُمسك القادةُ الحكماء بصولجان النصر إلا بيدٍ تعلمت أن تُوجع الآخرين لتداوي فشلهم و أن تربت على كتفهم لتُكافئ نجاحهم.))...انتهت القصة وانتظر الغد بفارغ الصبر والظنون والهواجس تلعب لعبتها في عقله وتجعله كالتلميذ الخائف من نتيجة امتحانه رفع يديه إلى السماء ودعا ربه أن تنجح تلك الخطة و أن يأتي الخير مع إشراقة شمس غدٍ . وفي اليوم التالي طرق باب مكتبه الحاجب وسلمه ورقةًَ فاعتقد للوهلة الأولى أن المدير قد غضب من فعلته بالأمس فمزق رسالته إرباً إرباً و أمر بفصله من الشركة فسارع إلى فتحها والتهام كلماتها بسرعة ونهم فإذا بها قرار ترفيعه إلى منصبٍ رفيعِ في المؤسسة مع كتاب ثناء وشكر من المدير على جهوده في تطوير العمل في الشركة ومكافأة مالية مُجزية وورقة صغيرة مكتوب عليها (( أن تصل متاخراً خير من أن لا تصل أبدا )) فارتمى على كرسيه و تنهد تنهيدةً طويلة ً ثم شكر الحاجب بكلمات بسيطة واضعاً في جيبه بعضاً مما يملك متظاهراً بالسعادة والشكر والامتنان على هذه الأعُطية الكريمة من سيادته وما أن أغلق الحاجب باب الغرفة حتى أمسك بورقةالقرار بيدٍ نعت برجفتها أخلاق ومبادىء صاحبها فلم يعهد نفسه من قبل مُنافقاً أو مُداهناً أو من أصحاب الوجه المتعددة أو من المتقربين من الباطل زُلفى بدأ يشعر أن الثمن الذي دفعه لقاء تلك الأعُطيات قد كان باهظاً ومؤلماً بدأ يشعر أنه لم يعد بمقدوره بعد اليوم أن يروي لأولاده الصغار قبل أن يناموا حكايا يُمسك أبطالها براية الحق بقوة مدافعين عن القيم والفضائل الإنسانية غير مُبالين أو عابئين بقوى الشر الحاقدة بدأ يشعر أن أي حديث له عن المبادىءوالأخلاق قد باتت رائحة الخيانة تفوح منه فدمعت عيناه بحرقة و أسى و أمسك بورقة جديدة وكتب على رأس الصفحة...........خيانةُ قلم هذا وما الفضل إلا من الرحمن بقلم...........ياسر ميمو
وأية خيانة الأستاذ ياسر ميمو أهلا بك بيننا أرجو أن تعذر تأخري في المرور على هذا النص الجميل تحياتي
ما اروع هذا النص الذي يحاكي جيل اليوم وما اكثر خيانة اللسان قبل القلم وللأسف ان أكثر قياديوا هذا الزمن هم من نفس جلدة ذاك الذي بنيت عليه قصتك شكراً لك أخي الكريم
[SIGPIC][/SIGPIC]
التملق والصبغ ومسح الأكتاف هي صفة العصر في الصعود أنه زمن المتلونين مع الأسف ماتت الضمائر وأصبحت هذه الصفات هي الوسيلة للسير الى الأمام دمت بخير تحياتي
قد تفرض الظروف على النقاء أن يتلوث فما زال مداحو السلاطين لسانهم قبل أقلامهم طويل والعيب ليس في بطل القصة وإنما في ولاة الأمر القذرين نص يكشف زيف الحرية التي تعيش على فتات الموائد
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سولاف هلال وأية خيانة الأستاذ ياسر ميمو أهلا بك بيننا أرجو أن تعذر تأخري في المرور على هذا النص الجميل تحياتي شكرأ أستاذتي الفاضلة على تواضعك الراقي
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاكر السلمان ما اروع هذا النص الذي يحاكي جيل اليوم وما اكثر خيانة اللسان قبل القلم وللأسف ان أكثر قياديوا هذا الزمن هم من نفس جلدة ذاك الذي بنيت عليه قصتك شكراً لك أخي الكريم نعم أستاذي الفاضل ما أكثر خيانة اللسان قبل القلم تحياتي لتعليقك الرزين مثلك
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف عبداللطيف التملق والصبغ ومسح الأكتاف هي صفة العصر في الصعود أنه زمن المتلونين مع الأسف ماتت الضمائر وأصبحت هذه الصفات هي الوسيلة للسير الى الأمام دمت بخير تحياتي نعم هو التملق والصعود على أكتاف الأخرين أشكرك أستاذة عواطف على مرورك الجميل هنا
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرسول معله قد تفرض الظروف على النقاء أن يتلوث فما زال مداحو السلاطين لسانهم قبل أقلامهم طويل والعيب ليس في بطل القصة وإنما في ولاة الأمر القذرين نص يكشف زيف الحرية التي تعيش على فتات الموائد الأخ الحبيب تشرفت صفحتي بنثر عبق حرفك الرصين هنا سعدت بإطلالتك........عيدك مبارك