أيهاالأخ الحبيب ...
رحم الله عمك وأباك وأسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة
ولكن سأرسل لك مرثية كتبتها عن استشهاد ولدي الدكتور الجراح أحمد مصطفى البيطار
لتكون لك سلوانا وعزاء..
كان نائبا لمدير المستشفى الكندي في بغداد
أملي المدَّخرْ ليوم المُستقَرْ
أيُّها الغائبُ عن بصري أعواماً مديدة ، الحاضرُ في نبضات قلبي ، المتغلغلُ في شرايين دمي ، السَّاكنُ في ساحة فكري ، المترقرقُ في حبات أدمعي ، المؤنسُ لوحشتي في غُربتي ، الزَّائرُ في رقودي ويقظتي ،
ياموقظَأشجاني،ونديمَأحزاني؛كيفَأنساك؟بعدأنْعزَّعَليَّرؤاك, ولم أعرفْ أينَ اليوم صارَ مثواك ؟ ولنْ أَشتمَّ الثرى الذي ضمَّ مُحياك .
هنيئاً يا أرضَ الرافدين ؛ كمْ من الأمجاد الخالدين فدَوكِ ؟ وبدمائهمالطاهرةالزكيةرَووك؟أينَمصعبُبنالزبير؟أينَالرشيدُ؟ أين المنصور ؟ أين عَليٌ وابْنُه الحسين ؟
يا نسيمَ دجلةَ والفراتِ ؛ أسرع السَّيرَ في السُّرَى([1]) ، وتندى بعبير أحمدَ ، قدْ ذوى الوردُ ، وصوَّحَ الروضُ , وعِيلَ صبري ، وضاقَ صدري ، وجفَّتْ أدمعي من البكاء , شوقاً إلى شَذا عبيرهِ ونداهُ .
يا مشعلَ دربي ؛ قد ذوى أملي ، وعَشَا بصري ، واضطربَ فكري وعزمي ، ، في صحوتي ونومي , فامتطيتُ صهوةَ إيماني ويقيني ، لأَغُذَّ السيرَ إلى ركبِ الصابرينَ ، ولأجرِ الآخرة راجينَ ، ولجنانِ الخلدِ مُتشوقين .
فيا ربَّ أحمدَ اجعلنا من الراضينَ المَرضيين ، وأنتَ يا أحمدُ ...
يا شهيدَ الهجرتين ؛ من أرض الشام إلى الحجاز إلى الرافدين ، في سبيل العلم والوفاء ضحيتَ يا قرة َ العين ، تركتَ جِوارَ الأبوين إلى جوار أرحم الراحمين ، وأبيتَ إلا الصعودَ والصمودَ في غُربتك ، حتى نلتَ مُناك ، وحقَّقتَ حُلمَ أبيك ، وأرضيتَ كلَّ منْ أحبكَ واصطفاك ، وأبكيتَ كتُباً غَذيتَها بِيَراعِك([2]) , وعكفتَ عليها بعطفك وحنانك ، وسهرتَ معها في ليلكَ ونهاركَ ، ووَدَّعتَ أصحاباً أحبوا فيك البذلَ والإخلاصَ ، والصدقَ والوفاءَ ، والتضحيةَ والفداءَ .
يا نفسُ ؛ لا تجزعي بفقدِ منْ تُحبين فإنَّ روحَه في حواصل طير خُضْر في جنة الخلد ، تسرحُ وتمرحُ .
يا رَبَّّ أحمدَ ؛ قد غدا أحمدُ في جوارك ، فأنتَ أولى به ممن يسترجعُ ويتوجعُ . عزائي ؛ والعزاءُ جميلٌ من كريم بنا رحيمٍ ، نمضي والموتُ يحصدُنا ، والقبرُ يضُمنا ، ويومُ الحشر موعدُنا . ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ ﴾ ، و ﴿ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ ﴾ .
([1]) السير في الليل .
([2]) القلم .