حوّارة : تلك البلدة الجميلة الصغيرة الواقعة على البوابة الشرقية لمدينة النور والنار نابلس ، ارتبطت بذاكرة أهل نابلس خاصة والوافدين اليها عامة بحاجزها العسكري القاسي .
فمع كل إشراقة شمس تجد الطوابير البشرية المتزاحمة تقف على أبوابه ، حيث ألوان الذل والمهانة والقهر وغيرها من مفردات القهر المتناثرة هناك .
تقف ، وتبدأ أسئلة كثيرة تدور في خلدك ، أسئلة لا تجد لها تفسيرا ولا مبررات ، طوابير بشرية لا تفرق بين مثقف أو عامي ، بين عجوز أو رضيع ، بين إمرأة أو رجل ، بين مريض أو سليم ، بين وبين وبين .... .
الكل هنالك يزدحم بانتظار أمر من جندي إسرائيلي يتمترس خلف حصنه الرملي حتى يقرر متى يسمح لك بالمرور ، مخترقا الممر صوب رحلة التفتيش المهينة ، تنتظر ولا قيمة للوقت ، فأنت والوقت رخيصان جدا .
حوارات كثيرة تصلك من الواقفين ، منهم من يشتم الوقت الذي رأى فيه يهود ، ومنهم من يصب جام غضبه على أنظمة عربية لا تشعر بضيقنا وقهرنا ، ولا تعيرنا أي اهتمام ، والحق يقال حتى لا نظلمهم وننصفهم ، ينصروننا عبر نشراتهم الإخبارية المهترئة والبالية والمكررة .
تقف وتنتظر والأمر واحد ، أكان الجو صيفا يلفحك لهيبه ، أم باردا شتاء يلسعك برده ، تفكر وتذهب بعيدا في تفكيرك ، كيف كنت تقطع كل المسافة بين رام الله ونابلس في زمن لا يتجاوز الساعة الا ربعها ، وتكاد تعتذر لنفسك عن تفكيرك غير مصدق أنك فعلا كنت تقطع هذه المسافة في مثل هذا الوقت . نعم لأن الزمن بات يحتاج الى ساعات .
وحتى إن كنت في برج حظك ، ولم تتأخر كثيرا على الحاجز المقيت ، فالعناء لم ينته عنده بعد ، فهناك حاجز آخر ينتظرك على بعد مئات الأمتار ، وهناك رحلة أخرى ....
وعندما تفرغ منه ، لا تكاد تلتقط أنفاسك ، بعد شعورك بنفاد صبرك ، وتغزوك حالة هستيرية من التأفف ، تفاجئك طوابير مذهلة من السيارات التي قدرها أن تنتظر على حاجز زعترة ، وزعترة هذه قرية فلسطينية صغيرة اشتهرت بحاجزها المذل .
تشعر بالإختناق عندما يقوم السائق بإطفاء محرك السيارة ، تشعر أنك باق هنا ، تنظر لساعتك ، مواعيدك ، كثرة إرتباطاتك ، والسيارة واقفة تماما ، والكم الهائل من السيارات لا يتزحزح .
أي زمن هذا الذي نعيشه!! وعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من جنود ينتمون للقردة والخنازير يتحكمون فينا ، تنظر لأشكالهم تعتريك الدهشة ، ترفض في قرارة نفسك لأحدهم أن ينال شرف مسح حذائك .فكيف به يتحكم في مصيرك ومصير المئات حولك ....
حاجز حوارة .. حكاية ، تركت في نفس كل فلسطيني يجتازه ألف حكاية ، نعم كل منا له حكاية من حكايات القهر التي عاشها عبره .
وربما من أكثر المشاهد قهرا ، عندما يقوم الجندي بانتقاء شباب ، ويضعهم في حفرة خاصة دون أسباب ..... .
وأية أسباب يريدها هذا الغاصب للأرض والإنسان والكرامة .
ولقد توقفت كثيرا أمام عبارة كان قد كتبها أحد الجنود على لوحة معدنية بارزة ، حتى ينظم الفلسطينيون طوابير انتظارهم على الحاجز ، هذه العبارة ( انتضر هنا ) ، ولكن أحد النشامى من أبناء البلد ولا أعرفه طبعا ، كان قد صعد لهذه العبارة ، وأنزل النقطة من على حرف الضاد ، لتصبح العبارة ( أنتصر هنا ) كم شعرت بعزة وأنا أقف في الطابور ، وكم شعرت بكبرياء أحدثته مثل هذه العبارة في نفسي .
وقلت ليذهب حاجز حوارة إلى الجحيم ، وليرحل المحتل الغاصب عن أرضي ، وليستمر صمودنا وصبرنا ، فالفجر لا شك آت ، وإن أكثر الساعات حلكة وظلاما تلك التي تسبق الفجر بقليل .
قدرك يا وطني الغالي أن يطأ ترابك من قضم الأرض وهتك العرض ،، ونهب الخيرات .. ودمر المدن والقرى .. واعتدى على حرمة المقدسات .. وانهال إفسادا في الأرض اهتزت له طبقات السماء .. قدرك يا وطني أن تُقَطّع أوصالك وتُكبَّل بالحواجز المتهالكة على سفح الزمن
ويُحدَّد معالمك البهية جدار عازل بتر جسدك الى نصفين ،، جدار عار على جبين التاريخ رسمت معالمه كل من ساهم وأيد وبناه ،، قدرك أن تستنشق هواء المفسدين في الأرض ،، تعتريك الدهشة من تآمر بعض من أهلك .. و صمت البعض الآخر .. مشاهد تأتي وأخرى تمضي وآلة التصوير ترقب الحدث .. تتفجر الكلمات وتثور الحروف وتنتشي الأحلام ... لكن الأيام تمضي والسنين عدادها لا يرحم .. والحال لم يتغير ..عدو يتربص للقمة العيش في ممتلكاتنا ،، لا يرحم لا البشر ولا الحيوان ولا حتى الزرع الأخضر ،، و أمة لم تستيقظ بعد من سباتها العميق تغرق وتغرق ،، وشعب يرزح تحت الإحتلال يتأرجح بين المقاومة والسلام ،،
قدرك يا ابن الوطن الغالي أن تُفارقَ تراب وطنك و تُشتتَ في بقاع الأرض .. فقد أجبروك أن تكون بلا هوية تحت وطأة محتل غاصب مجرم .. أو أن تكون تحت هاجس اللجوء والشتات .. قدرنا أن نتابع مشاهدك اليومية في عيون عربية وعالمية ،، مسلسل طويل من القتل والدماء والإعتقالات والتعذيب واستباحة لكل الحرمات ،، إذلال وتكريس للظلم واستنطق الحجرقبل البشر،،
لكننا رغم ما حدث وما يحدث وما سيحدث نحن هنا واقفون بشموخ جبال الوطن ،، لن نركع ولن نستسلم ولن ننحني ،، صامدون نعم .. مقاومون نعم .. أعزاء نعم .. وفلسطين لنا شاء من شاء وأبى من أبى ،، ونعم سنعود مهما طال الزمن أو قصر ،،
الراقي الوليد :: منذ مدة ليست بالقصيرة لم أقرأ لك للوطن وكم أسعدني اليوم أن أقرأ لك هذا المقال الذي أخذني من خلال كلماتك حيث تلك التفاصيل ،، إلى كل مكان ذكرته في رحلة العذاب الشاقة اليومية لأبناء وطني ،، وكم تؤثر بي هذه المشاهد ،، تحرك في داخلي بركان من الثورة على من سلبنا حتى حق الحركة بين مدننا الرائعة ،، وقطع وطننا بغطرسته وحقارته ،، في رحلة عذاب وتعذيب وإذلال ،، لكن كما ختمت مقالك لن يكون إلا ما نريده نحن إنشاء الله ( الفجر لا شك آت ) وستكون كلمة شعبنا الفلسطيني هي الفصل وهي الحكم وهي :: النصر .. النصر .. النصر حتى لو بعد حين ..
لا اعلم حروفك اطلقت العنان لقلمي فتركت بعض الكلمات هنا لعلها تضيف شيئا من النور على مقالك الراقي والرائع ،، أتمنى أن لا تحرمنا من هذه المقالات التي تسلط الضوء على فلسطيننا الحبيبة ،، وتفتح مجالات جديدة في الأفق ،، وتخلق تواصل بين من في الداخل والخارج وابناء أمتنا العربية ،،
لك مني كل التقدير والإحترام ومشاتل من الياسمين الدمشقي
إنه الشعب الفلسطيني سيبقى رافعاً راية النضال حتى استرجاع الوطن
شعب سُرق منه الوطن على مرأى ومسمع المجتمع العربي والدولي
وشرد أهله
وأبعدوا
وهُجروا
وقطعت بهم الأوصال بجدار الذل وبصمت الأخوة..
تذكرت وأنا أتابع نصك الحواجز التي أقاموها في لبنان..
تذكرت مجازرهم المتواصلة من قبل النكبة وإلى يومنا هذا..
تذكرت غطرستهم
وتذكرت كيف ذلوا واندحروا على يدي المقاومين في الجنوب
نعم سنعود إلى كل حبة رمل
إلى كل زيتونة .. وبرتقالة و.. و ...
واليوم أخي الوليد لا أرى فرقا بين حاجز حوارة ـ وصبرا وشاتيلا
وبين الحواجز التي تقام في الوطن العربي ضد المطالب المحقة للشعوب في الحرية والديمقراطية .
أخي الوليد
أرجو أن يكون قلمي قد بُريء من فكرة راودتك وكتبتها بردك على ردي على موضوعك سفر السفرجل 10
تقديري واحترامي
عائدون
هيام
التوقيع
وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شي... يسرك في القيامة أن تراه
آخر تعديل هيام صبحي نجار يوم 06-16-2011 في 11:29 AM.
وتكثر الحواجز في كل مكان
ويستمر القهر
والغصة تخنق الروح
ولا أحد يرحم
وهناك من لازال يغط في سبات عميق
ولكن
مهما طال الزمن لن يبقى حال على ما هو عليه
فبالصبر والعزيمة وسواعد الأبطال
سيبزغ فجر الحرية
هذه ورقة من أجندة حزينة ...
وهذا يوم من عام طويل ...
ماذا سأكتب وأقول ...
مشاهد وحكايات كثيرة ....
ربما القلم يبقى شاهدا ....
شكرا لك لهذا التواجد في هذا المقال ....
إنه الشعب الفلسطيني سيبقى رافعاً راية النضال حتى استرجاع الوطن
شعب سُرق منه الوطن على مرأى ومسمع المجتمع العربي والدولي
وشرد أهله
وأبعدوا
وهُجروا
وقطعت بهم الأوصال بجدار الذل وبصمت الأخوة..
تذكرت وأنا أتابع نصك الحواجز التي أقاموها في لبنان..
تذكرت مجازرهم المتواصلة من قبل النكبة وإلى يومنا هذا..
تذكرت غطرستهم
وتذكرت كيف ذلوا واندحروا على يدي المقاومين في الجنوب
نعم سنعود إلى كل حبة رمل
إلى كل زيتونة .. وبرتقالة و.. و ...
واليوم أخي الوليد لا أرى فرقا بين حاجز حوارة ـ وصبرا وشاتيلا
وبين الحواجز التي تقام في الوطن العربي ضد المطالب المحقة للشعوب في الحرية والديمقراطية .
أخي الوليد
أرجو أن يكون قلمي قد بُريء من فكرة راودتك وكتبتها بردك على ردي على موضوعك سفر السفرجل 10
تقديري واحترامي
عائدون
هيام
المكرمة / هيام
ها أنت تزرعين وردة في ثنايا هذه الحروف
ليفوح عبقها ويعانق هواء وتراب فلسطين
شكرا لك لحضورك
وشكرا لإهتمامك
وتكثر الحواجز في كل مكان
ويستمر القهر
والغصة تخنق الروح
ولا أحد يرحم
وهناك من لازال يغط في سبات عميق
ولكن
مهما طال الزمن لن يبقى حال على ما هو عليه
فبالصبر والعزيمة وسواعد الأبطال
سيبزغ فجر الحرية
ولن يطول!!!
الوليد مقال مميز يستحق التعليق
دمت بخير
تحياتي
شكرا لك سيدة النبع على تكرمك بالحضور
وإهتمامك بالمقال وتعليقه ...
دمت بموفور الصحة والسلامة