أتيتُ أتّكِىءُ الظّلماءَ والوَجَسَا=فكنْ دليلاً إلى عينيكَ أو حَدَسا
أو كنْ سمائي التي لو أضمرتْ قمراً=أومى لألفِ مَضَاءٍ دونَها حَرَسا
إنّي أضَعْتُ نهاراتٍ لوهمِ غدٍ=طيَّ السّنينِ انتظاراً علّها وعسى
أجبُّ من وحشةٍ حيرى لمربكةٍ=وقدْ أظلُّ على الحالين مُحترسا
وحدي ومن ألفِ وحدي كنتُ مدّرِئا=بدفءِ كفّيكَ مقطوعاً ومُنغَرِسا
يا سيّدي يا أبا الزَّهراءِ يا سَندي=أطفئ ، فديتكَ قلباً مولهاً هَوَسا
مِنْ حقبةٍ مُرّةٍ هِيظتْ جوانِحُنا=كنّا عقَدنا رجاءً فيكَ ما يئسا
فلا حنثنا وعوداً فيكَ نقطعُها=ولا حنثتَ وحاشا الوعدُ ما نُكِسا
يا سابغَ النَّخلةِ الخضراءِ نُضرتَها=وكاسيَ الظلِّ مِنْ جنحيه لو لَمَسا
أضيء ترابَك واستفتِ الزَّمَانَ فماً=وبددِ الظّلمَ والظّلماءَ والعَسسا
قُدْني إليكَ فقد ضلّتْ عصايَ وقد=أعيى المسيرَ ظنونُ النُّورِ والتَبَسا
هي السنينُ وكمْ من أجلد ٍصلِدٍ=جرتْ عليه صروفُ الدَّهرِ فانتكسا
أبا البتولِ وما أنبيك لي وطنٌ=تآكل السّوس من جدرانِه أُسسا
تكالبتْ أممُ الدّنيا عليه وقد=سعتْ إليه أفاعي الموتِ ذاتَ مَسا
لأنّه أرضِعَ الإيمانَ من صِغَرٍ=وهم تساقَوا أجاجَ الملحِ والنّجسا
فكيف لي أن أردَّ الطّامعينَ به=وكيف لي أن أردَّ الظّلمَ لو عبسا
هل أشتريني لليلِ الظّامئينَ سَمَاً=كيما أبيعَ فُتاتَ البؤسِ للبؤسا
أعافُني في طَوى البأساءِ مُطَّرِحاً=وليس حوليَ من طرفٍ يرفُّ أسى
مولايَ كيفَ يُضيءُ الحزنُ في مقلٍ=تلعثمَ الدّمعُ فيها وانكفا ورَسا
هل ينبعُ الماءُ من تحتِ الرّمادِ وهلْ=سمعتَ في النّارِ ماءً ظلّ محتبَسا
مَنْ شافعي ودمي الموتورُ ينزفني=وألفُ موتٍ على كفيَّ قد جلسا
طيَّ الوسادةِ طيَّ الرّوحِ طيَّ دمي=بلْ طيَّ أنفاسيَ الّلوعى فكنْ نَفَسا
***=***
أتيتُ أتّكىءُ الظّلماءَ والوجسا=بيَ النّزيفُ وشاحٌ والشّجونُ كِسَا
ركزتُ صوتيَ في هامِ الظّلامِ سناً=وقد تعلّقتُ في أهدابِهِ قبسا
تهدّلَ العمرُ حتى اصفرّ يافِعُه=واخضوضبَ الشّيبُ يترى هامتي وقسا
حتى رضيتُ بأنْ أرضى وآلمني=إني على غيرِ ما أهواهُ متُّ أسى