و الصباح الباكر .. غسل وجهه ببعض الماء ... لف ّ بعض التبغ ، و أخذ يعد قهوة الصباح ( قليل ٌ من البن و بعض الماء) ........آه لم يجد السكر فقد فرغ الوعاء ..... حسنا ً قالها ( وهو يتنهد ) سوف أشتري القليل من السكر عندما أحصل على بعض النقود اليوم ... لا بأس فإن القهوة أطيب بدون إضافة السكر ، ...... أخذ حذائه المهترئ انتعله ، و قام بمسحه من الأتربة التي عليه ..... سأذهب اليوم إلى محل النعال ... فلعله يقوم بإصلاحه ، شرب قهوته - من غير سكر ٍ طبعا ً - أمسك سيجارته ... فتش عن أعواد الثقاب .. وجدها.. أشعل سيجارته .... وأخذ ينفث دخانها سعيدا ً .... فهي اللحظة الوحيدة التي يجد نفسه سعيدا ً بها .
خرج من منزله ( اقصد غرفته الصغيرة ) قاصدا ً مكان عمله .... فهو يعمل في ورشات البناء ، يحمل الأتربة و الحصى و الأسمنت و الحديد ..... صحيح أنه عمل ٌ شاق .... صحيح أنه يأخذ درهمين فقط في اليوم الواحد .... ولكنه مقتنع بذلك ، دائما ً ما ينظر إلى السماء ليرى الطيور تحلق بحرية ٍ دون قيود ، دون أن تدفع ثمنا ً لتحليقها ..... و هو إذا أراد أن يبتاع له حذاءاًً يفكر ألف مرة ٍ قبل أن يحاول ذلك .
ها هو يمضي بطريقه ..... ينظر إلى المارين .. يسترق النظر إلى محلات البقالة .....
و إذا بصوت ٍ مزعج ٍ يصرخ بأعلى صوته - هيا .. اليوم السحب من يشتري ؟ هذه الورقة فهي رابحة ٌ لا محالة ..... أنت يا رجل ( يلتفت إلى ذلك الصوت ) مخاطبا ً
أتناديني
بائع اليانصيب : نعم ماذا بك يا رجل ؟! ألا تريد شراءها .
لا .. لا أريدها
بائع اليانصيب :لا تحب أن تكون من أصحاب الملايين .... إني اعلم جيدا ً أنها ستربح... خذها إنها فرصة عمرك .
إذا كانت رابحة لما لا تأخذها أنت .
بائع اليانصيب : حسنا ً ألف شخص ٍ سيأخذها غيرك .
بكم هي
بائع اليانصيب : درهم ٌ و نصف .
(حوار داخلي ) يا الله .. درهم ٌ ونصف ، وأصبح بعدها رجلا ً غنيا ً ..... ما أروع ذلك سأصبح من أصحاب الملايين ....... لكن ماذا سأفعل بكل هذه النقود ؟! .
نعم .. سأشتري حذاءا ً جديدا ً بالطبع .... فحذائي أصبح باليا ً جدا ً ... و سأشتري كيسا ً كبيرا ً من السكر ..... و سأشتري القهوة من أفضل الأنواع ، و سأشتري ...... لا لا لا ........ ما هذا أنا من أصحاب الملايين و أفكر في ذلك ! .... يجب أن أفكر بطريقة ٍ عملية
حسنا ً ..... سأقوم بشراء البناية التي أعمل على إنجازها .... نعم لما لا فيجب أن أفكر في مستقبلي ........ أخيرا ً سأستقر .. و سأجد بنت الحلال ، لأنهي معها سنين عمري في نعيم .... فيجب أن أستمتع بكل شيء ... سأسكن في شقة من الشقق و أعمل على تأجير الباقي .
هكذا أعيش حياة ً جميلة طوال عمري ..... سأسافر إلى ...؟ ماذا أجننت هل أفكر في نفسي فقط ؟ ! وأطفالي ... عندما يتوفاني الله ماذا سيفعلون من بعدي ؟ هل سيتسولون لقمة العيش ؟؟ لالالا ..... سوف أدخر لهم بعض المال لكي يقيهم شر الزمان .......... و إذا بصوت ٍ يقطع عليه كل مشاريعه المستقبلية ........ يا رجل ماذا بك ؟ هل تريد شراء الورقة أم لا فلن أجلس طوال الوقت و أنا انتظرك .
التفت إليه مذهولا ً ( حوار داخلي ) ما هذا هل كنت أحلم .
( بتردد ) حسنا ً كم قلت لي ؟
بائع اليانصيب : درهم ونصف
لا بأس .......... مد ّ يده في جيب بنطاله ، فتش طويلا ً ...... لم يجد شيء ، ابتسم ابتسامة ً شاحبة وقال : ليس لدي النقود لشرائها .
بائع اليانصيب : كنت اعلم انك لن تشتريها .
نظر الرجل إلى الورقة بحزن ....... وذهب في حال سبيله
.
التوقيع
أحنُّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي .. و لمسة أمي
و تكبر فيّأ الطفولة .. يوماً على صدر يوم
و أعشق عمري .. لأني إذا مت ُ أخجل ُ من
دمع ... أمي ...
آخر تعديل اسامة الكيلاني يوم 01-08-2010 في 06:53 PM.