ترتيب سورة القدر يأتي بعد سورة العلق/96 التي مطلعها ( إقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} ) ويشير إلى أنّ بداية نزول القرءان كانت في ليلة القدر وفي احتفال مَهيب شهد به الله سبحانه وشَهدته الملائكة :
( لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً {166} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيداً {167} )النساء .
فالمبارك هو ما كان قليلُـه يعطي الكثيرَ من الخير . وليلة القدْر في بركـتها ( خَيـْرٌ مّـِنْ أَلْـفِ شَهْرٍ ) أيْ خير من 83.3/سنة بسبب بدء نزول القرءان فيها . والقرءان ( خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {58} ) يونس . وبه أثمرت الدعوة الربانية الإسلامية الأولى في فترة غير مسبوقة ، حوالي( 22 ) سنة ، ويمكن أن تثمر به أي دعوة ربانية إسلامية أُخرى – بأمر الله - في فترة مساوية !
(الم {1} تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ {2} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ {3} اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ {4} يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ {5} ) السجدة .
ورد قوله سبحانه ( تَنزِيلُ الْكِتَابِ ..) خمس مرات . في أربع مرات منها ( مِنَ اللَّهِ ) بصفته الخالق العظيم مستحقَّ العبادة وحده والمختصَ بالمغفرة وقبول التوبة .
وفي مرة واحدة ( مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ) بصفته مُدبّر الأمر مستحقَّ الطاعة .
ففي ليلة القدر من بداية كل يوم رباني يساوي ألف سنة يضع رب العالمين خطته الإستراتيجية لتنفيذها في الألفية التالية . وقد تزامنت ليلة القدر عام 1420/هـ مع نهاية الألفية الثانية ومطلع الألفية الثالثة .
من أجل هذا طلب الله سبحانه من الناس تقديم طلباتهم إليه خلال كل العام وطيلة شهر رمضان خاصةً وعلى مدار الساعة/اللحظة معلناً أن كل ما يجدّ في الكون يُردُّ إليه أوّلاً بأول وساعةً بساعة ليُؤخذ بعين الإعتبار فيما يتخذه ربهم من قرارت في ليلة القدر من كل عام من أعوامهم وفي ليلة القدر من بداية كل سنة ربانية مقدارها ألف سنة من سنوات البشر .
فلنسمع كلمات الله:
( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {46} إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ {47} ) فصلت .
..................
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {185})
.................
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {186} ) البقرة .
وقد ورد الامر في القرآن مرةً واحدةً بالاستجابة لله وللرسول استجابةً واحدةً :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {24} ) الانفال .
ومـرة بالإستجابة لله وحـدَه نذيراً للبشر (عَنِّي ، َإِنِّي قَرِيبٌ ، أُجِيبُ ، دَعَانِ ، فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي ، وَلْيُؤْمِنُواْ بِي ) .
وهذا يبين ان الاستجابة لله وللرسول هي استجابة واحدة لله (دعاكم) . فهي اتِّـباع لما أنزل الله قرآنا على رسوله وأُمر الرسول بتبليغه . وقد قُدمت الاستجابة هنا في آية البقرة على الإيمان تقديمَ أهمّية لأنها الدليل على الإيمان وهي الثمرة المقصودة منه :
( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {51} ) النور .
يذكرنا رقم كلمة نكير في الآية 47 من سورة الشورى أعلاه وهو (745) بالفارق الزمني بالسنين بين سنتي 1258 – 2003 .
أما سنة 1258 م فهي التي كان فيها غزو هولاكو لبغداد فقد أسفرت عن محو العرب من الخريطة السياسية السيادية العالمية ، واستبدال الاتراك بهم ، حسب إنذار الله لهم مقَدَّما :
( .. وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ {38} ) محمد .
للعلم :
** ولد عثمان الاول بن أرطغرل، وهو مؤسس الدولة العثمانية سنة 1258/ م !؟ عام سقوط بغداد
أما سنة 2003 فهي سنة غزو الغرب لبغداد ، والذي سيسفر بإذن الله تعالى عن بعثٍ إلى حياة جديدة للبشر. وسيتزامن هذا البعثُ الحق بالقرءان مع بعْثِ وظهور المسيح/كلمةِ الحق التي أُخرجت محفوظةً في لفائف قُمران سنة 1947 . وسيكون هذا البعث/الإحياء – بأمر الله - أعظم تغيير يشهده العالم منذ فجر التاريخ لأنه سيتمحور حول الكتاب الذي أنزله الله سبحانه مباركاً في ليلة القدر المباركة وشاء اللهُ أن يكون ( الكتاب كله ) All in one
للعلم:
** دخل المغول بغداد يوم أحد 4 صفر ، ودخل الغرب بغداد يوم أحد 4 صفر ؟؟!!
وهذا تحذير للعرب – قوم الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام – الذين ( اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً {30} ) الفرقان .. بأن الذي استبدل بهم قوماً غيرهم بعد أن تولَّوا عن كتاب الله أول مرة ، سيستبدل بهم قوماً غيرهم مرة أُخرى إذا أصروا على تضييع الفرصة بأن ظلوا معرضين عن كتاب الله وآياته مستبدلين الذي هو أدنى بالذي هو خير .