خرجت من فوهة البندقيّة لاهثة تتوق لنهش جسده ,تعالى أزيزها المقيت ليلوث الأثير الذي طهرته هتافات الأحرار . بعينين يتقاطر الحقد من مؤقتيهما يرقب وميضها, بشبق يحتضن إصبعه الزناد , خيط من اللعاب يسيل على شفته السفلى ويلعقه بنهم ككلب أعياه الجوع .
تمضي الرصاصة مدفوعة بانفجار الكره الجاثم في نفس ذلك الجندي , يزيد من سرعتها توق للارتماء في كنف مسكنها الأخير .
يتعالى الصوتان بتناغم عجيب , صوت الرصاصة وهتاف الحرية المتصاعد من حنجرة ذلك الحرّ, تقترب من اختراق صدره الغض العابق بشذى الحرية التي بالكاد بدأت تزهر بين ثناياه .
يخرس الصوتان , تشعر الرصاصة بدفء يغمرها , يضمها صدره بحنان وشوق ليس لهما مثيل , تتناثر أشلاء من أنسجته لتخلي مكانا للرصاصة , تنطوي خجلة من كرمه وغلها وتنحشر بين ضلوعه لتشعر بالأمان .
يتهاوى الجسد ويسيل ينبوع قان من الطهر ليروي ترابا يعشقه ذلك الجسد , يمتزجان بتناغم واتساق , تراب ودم , ليمهدا الدرب لحرية قادمة من عالم الأحلام البعيد .