حُكي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه كان نازلاً عند الزعفراني ببغداد وكان الزعفراني يكتب في كل يوم رقعة بما يطبخ من الألوان ويدفعها إلى الجارية، فأخذها الشافعي منها يوماً وألحق بها صنفاً آخر، فعرف الزعفراني ذلك، فأعتق الجارية سروراً بذلك وكانت العرب تقدم الطعام كله دفعة واحدة ليأكل الضيف ما يشتهي.
ومن البخلاء من يعزم على الضيف فيعتذر له فيمسك عنه بمجرد الاعتذار، كأنه تخلص من ورطة، وقيل لبعض البخلاء: ما الفرج بعد الشدة؟
قال: أن يعتذر الضيف بالصوم!ومن الأدب أن يخدم المضيف أضيافه، ويظهر لهم الغنى، وبسط الوجه وقد قيل: البشاشة في الوجه خير من القِرى.
قال الأصمعي: سألت عيينة بن وهب الدارمي عن مكارم الأخلاق، فقال: أو ما سمعت قول عاصم به وائل؟:وإنا لنُقري الضيفَ قبل نزوله..ونُشْبِعُه بالبِشْر من وجهٍ ضاحكِ
اشترى رجل من البخلاء داراً وانتقل إليها، فوقف ببابه سائل فقال له: فتح الله عليك، ثم وقف ثان فقال له مثل لك، ثم وقف ثالث فقال له مثل ذلك، ثم التفت إلى ابنته فقال لها: ما أكثر السؤال في هذا المكان! قالت: يا أبتِ ما دمت مستمسكاً لهم بهذه الكلمة فما تبالي، كثروا أم قلّوا.
وقال رجل من البخلاء لأولاده: اشتروا لي لحماً، فاشتروه، فأمر بطبخه فلما استوى أكله جميعه حتى لم يبق في يده إلا عظمة، وعيون أولاده ترمقه، فقال: ما أعطي أحداً منكم هذه العظمة حتى يحسن وصف أكلها، فقال ولده الأكبر: أمشمشها يا أبتِ وأمصها حتى لا أدع للذر فيها مقيلاً. قال: لست بصاحبها، فقال الأوسط: ألوكها يا أبتِ وألحسها حتى لا يدري أحد لعام هي أم لعامين.
قال: لست بصاحبها، فقال الأصغر: يا أبت أمصها ثم أدقها، وأسفّها سفاً. قال: أنت صاحبها وهي كذلك، زادك الله معرفة وحزماً.
التوقيع
وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شي... يسرك في القيامة أن تراه
آخر تعديل سفانة بنت ابن الشاطئ يوم 12-08-2011 في 05:06 PM.